ونؤمن بأنهم عبيد من عباد الله، أكرمهم الله تعالى بالرسالة، ووصفهم بالعبودية في أعلى مقاماتهم، وفي سياق الثناء عليهم، فقال في أولهم نوح:] ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكوراً [(1). وقال في آخرهم محمد، صلى الله عليه وسلم:] تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً [(2). وقال في رسل آخرين:] واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار [(3).] واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب [(4).] ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب [(5). وقال في عيسى ابن مريم:] إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل [(6).
ونؤمن بأن الله تعالى ختم الرسالات برسالة محمد، صلى الله عليه وسلم، وأرسله إلى جميع الناس لقوله تعالى:] قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون [(7).
ونؤمن بأن شريعته، صلى الله عليه وسلم، هي دين الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى لعباده، وأن الله تعالى لا يقبل من أحد ديناً سواه لقوله تعالى:] إن الدين عند الله الإسلام [(8)، وقوله:] اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً [(9). وقوله:] ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين [(10).
ونرى أن من زعم اليوم ديناً قائماً مقبولاً عند الله سوى دين الإسلام، من دين اليهودية، أو النصرانية، أو غيرهما، فهو كافر يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتداً، لأنه مكذب للقرآن.
ونرى أن من كفر برسالة محمد، صلى الله عليه وسلم، إلى الناس جميعاً فقد كفر بجميع الرسل، حتى برسوله الذي يزعم أنه مؤمن به، متبع له، لقوله تعالى:] كذبت قوم نوح المرسلين [(11). فجعلهم مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يسبق نوحاً رسول. وقال تعالى:] إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً. أولئك هم الكافرون حقاً وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً [(1).
ونؤمن بأنه لا نبي بعد محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومن ادعى النبوة بعده أو صدق من ادعاها فهو كافر، لأنه مكذب لله، ورسوله، وإجماع المسلمين.
ونؤمن بأن للنبي، صلى الله عليه وسلم، خلفاء راشدين خلفوه في أمته: علماً، ودعوة، وولاية على المؤمنين، وبأن أفضلهم وأحقهم بالخلافة أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم أجمعين.
وهكذا كانوا في الخلافة قدراً كما كانوا في الفضيلة، وما كان الله تعالى وله الحكمة البالغة ليولي على خير القرون رجلاً، وفيهم من هو خير منه وأجدر بالخلافة.
ونؤمن بأن المفضول من هؤلاء قد يتميز بخصيصة يفوق فيها من هو أفضل منه، لكنه لا يستحق بها الفضل المطلق على من فضله، لأن موجبات الفضل كثيرة متنوعة.
ونؤمن بأن هذه الأمة خير الأمم، وأكرمها على الله عز وجل، لقوله تعالى:] كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله [(2).
ونؤمن بأن خير هذه الأمة الصحابة، ثم التابعون، ثم تابعوهم.
وبأنه لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم، أو خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل.
ونعتقد أن ما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم من الفتن، فقد صدر عن تأويل اجتهدوا فيه. فمن كان منهم مصيباً كان له أجران، ومن كان منهم مخطئاً فله أجر واحد، وخطؤه مغفور له.
ونرى أنه يجب أن نكف عن مساوئهم، فلا نذكرهم إلا بما يستحقونه من الثناء الجميل، وأن نطهر قلوبنا من الغل والحقد على أحد منهم، لقوله تعالى فيهم:] لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى [(3). وقول الله تعالى فينا:] والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم [(4).
فصل
ونؤمن باليوم الآخر، وهو يوم القيامة الذي لا يوم بعده، حين يبعث الناس أحياء للبقاء: إما في دار النعيم، وإما في دار العذاب الأليم.
¥