وَأَلْبَسُوني ثِياباً لا كِمامَ لها ... وَصارَ زَادي حَنُوطِي حينَ حَنَّطَني
وأَخْرَجوني مِنَ الدُّنيا فَوا أَسَفاً ... عَلى رَحِيلٍ بِلا زادٍ يُبَلِّغُني
وَحَمَّلوني على الأْكتافِ أَربَعَةٌ ... مِنَ الرِّجالِ وَخَلْفِي مَنْ يُشَيِّعُني
وَقَدَّموني إِلى المحرابِ وانصَرَفوا ... خَلْفَ الإِمَامِ فَصَلَّى ثمّ وَدَّعَني
صَلَّوْا عَلَيَّ صَلاةً لا رُكوعَ لها ... ولا سُجودَ لَعَلَّ اللهَ يَرْحَمُني
وَأَنْزَلوني إلى قَبري على مَهَلٍ ... وَقَدَّمُوا واحِداً مِنهم يُلَحِّدُني
وَكَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُرَني ... وَأَسْكَبَ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنيهِ أَغْرَقَني
فَقامَ مُحتَرِماً بِالعَزمِ مُشْتَمِلاً ... وَصَفَّفَ اللَّبِنَ مِنْ فَوْقِي وفارَقَني
وقَالَ هُلُّوا عليه التُّرْبَ واغْتَنِموا ... حُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِي المِنَنِ
في ظُلْمَةِ القبرِ لا أُمٌّ هناك ولا ... أَبٌ شَفيقٌ ولا أَخٌ يُؤَنِّسُني
وَهالَني صُورَةً في العينِ إِذْ نَظَرَتْ ... مِنْ هَوْلِ مَطْلَعِ ما قَدْ كان أَدهَشَني
مِنْ مُنكَرٍ ونكيرٍ ما أَقولُ لهم ... قَدْ هَالَني أَمْرُهُمْ جِداً فَأَفْزَعَني
وَأَقْعَدوني وَجَدُّوا في سُؤالِهِمُ ... مَالِي سِوَاكَ إِلهي مَنْ يُخَلِّصُنِي
فَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَفْوٍ مِنك يا أَمَلي ... فَإِنَّني مُوثَقٌ بِالذَّنْبِ مُرْتَهَنِ
تَقاسمَ الأهْلُ مالي بعدما انْصَرَفُوا ... وَصَارَ وِزْرِي عَلى ظَهْرِي فَأَثْقَلَني
واستَبْدَلَتْ زَوجَتي بَعْلاً لها ... بَدَلي وَحَكَّمَتْهُ فِي الأَمْوَالِ والسَّكَنِ
وَصَيَّرَتْ وَلَدي عَبْداً لِيَخْدُمَها ... وَصَارَ مَالي لهم حِلاً بِلا ثَمَنِ
فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيا وَزِينَتُها ... وانْظُرْ إلى فِعْلِها في الأَهْلِ والوَطَنِ
وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها ... هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ
خُذِ القَنَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها ... لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ
يَا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً ... يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ
يَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي ... فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ يَرحَمُني
يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً ... عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ
ثمَّ الصلاةُ على الْمُختارِ سَيِّدِنا ... مَا وَصَّا البَرْقَ في شَّامٍ وفي يَمَنِ
والحمدُ لله مُمْسِينَا وَمُصْبِحِنَا ... بِالخَيْرِ والعَفْوْ والإِحْسانِ وَالمِنَنِ
...
و هي أيضاً في المرفقات بصوت الشيخ المقرئ مشاري راشد العفاسي حفظه الله.
ـ[أبو زيد الخير]ــــــــ[29 - 08 - 08, 01:39 ص]ـ
وقال عمر بن الوردي المتوفي سنة 749 هـ مخاطباً ولده:
اعتزل ذكر الأغاني والغزل ... وقل الفصل وجانب من هزل
ودع الذكر لأيام الصبا ... فلأيام الصبا نجم أفل
واترك الغادة لا تحفل بها ... تمس في عز رفيع وتجل
وافتكر في منتهى حسن الذي ... أنت تهواه تجدأمراً جلل
واهجر الخمرة إن كنت فتى ... كيف يسعى في جنون من عقل
واتق الله فتقوى الله ما ... جاورت قلب امرئ إلا وصل
ليس من يقطع طرقاً بطلاً ... إنما من يتقي الله البطل
كُتِبَ الموت على الخلق فكم ... فلَّ من جيش وأنفى من دول
أين نمرود وكنعان ومَن ... ملك الأرض وولَّى وعزل
أي من سادوا وشادوا وبنوا ... هلك الكل ولم تغن القلل
أين أرباب الحجى أهل النهى ... أين أهل العلم والقوم الأول
سيعيد الله كلاً منهم ... وسيجزي فاعلاً ماقد فعل
يابني اسمع وصايا جمعت ... حكماً خُصَّت بها خيرُ الملل
اطلب العلم ولاتكسل فما ... أبعد الخير على أهل الكسل
واحتفل للفقه في الدين ولا ... تشتغل عنه بمال وخول
واهجر النوم وحصله فمن ... يعرف المطلوب يحقر ما بذل
لا تقل قد ذهبت أربابه ... كل من سار على الدرب وصل
في أزدياد العلم إرغام العدا ... وجمال العلم إصلاح العمل
جمِّلِ المنطقَ بالنحو فمن ... يحرم الإعراب بالنطق اختبل
انظم الشعر ولازم مذهبي ... في اطراح الرفد لا تبغ النحل
فهو عنوان على الفضل وما ... أحسن الشعر إذا لم يبتذل
أنا لا أختار تقبيل يدٍ ... قطعها أجمل من تلك القبل
ملك كسرى عنه تغني كسرة ... وعن البحر اجتزاء بالوشل
اطرح الدنيا فمن عاداتها ... تخفض العالي وتعلي من سفل
عيشة الراغب في تحصيلها ... عيشة الجاهل فيها أو أقل
كم جهول بات فيها مكثراً ... وعليم بات منها في علل
كم شجاع لم ينل فيها المنى ... وجبان نال غايات الأمل
فاترك الحيلة فيها واتكل ... إنما الحيلة في ترك الحيل
لا تقل أصلي وفصلي أبداً ... إنما أصل الفتى ماقد حصل
قد يسود المرء من دون أب ... وبحسن السبك قد ينفى الدغل
إنما الورد من الشوك وما ... ينبت النرجس إلا من بصل
قيمة الإنسان ما يحسنه ... أكثر الإنسان منه أم أقل
بين تبذير وبخل رتبة ... وكلا هذين إن زاد قتل
ليس يخلو المرء من ضدٍّ ولو ... حاول العزلة في رأس الجبل
دارِ جارَ السوء بالصير وإن ... لم تجد صبراً فما أحلى النُّقَل
جانب السلطان واحذر بطشه ... لا تعاند من إذا قال فعل
لا تل الأحكام إن هم سألوا ... رغبة فيك وخالف من عذل
إن نصف الناس أعداءٌ لمن ... ولي الأحكام هذا إن عدل
قصِّر الآمالَ في الدنيا تفز ... فدليل العقل تقصير الأمل
غِبْ وزُرْ غِبِّا تزد حبَّاً فمن ... أكثر الترداد أقصاه الملل
لا يضر الفضل إقلال كما ... لايضر الشمس إطباق الطفل
خذ بنصل السيف واترك غمده ... واعتبر فضل الفتى دون الحلل
حبك الأوطان عجز ظاهر ... فاغترب تلق عن الأهل بدل
فبمكث الماء يبقى آسناً ... وسرى البدر به البدر اكتمل
...
و هذه هي القصيدة بصوت أخينا القارئ طه محمد الفهد حفظه الله تعالى
لامية ابن الوردي ( http://www.khayma.com/tajweed/taha/ebnalwarde.mp3)
...
¥