تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الحافظ 8/ 444: "قوله (فأخذت) كذا للأكثر بحذف مفعول أخذت، وفي رواية ابن السكن "فأخذت بحقو الرحمن"، وفي رواية الطبري " بحقوي الرحمن" بالتثنية، قال القابسي: أبى أبو زيد المروزي أن يقرأ لنا هذا الحرف لإشكاله … وقال عياض: الحقو معقد الإزار، وهو الموضع الذي يستجار به ويحتزم به على عادة العرب؛ لأنه من أحق ما يحامى عنه ويدفع، كما قالوا: نمنعه مما نمنع منه أزرنا، فاستعير ذلك مجازاً للرحم من استعاذتها بالله من القطيعة. انتهى. وقد يطلق الحقو على الإزار نفسه …

والمعنى على هذا صحيح مع اعتقاد تنزيه الله عن الجارحة. قال الطيبي: هذا القول مبني على الاستعارة التمثيلية؛ كأنه شبه حال الرحم وما هي عليه من الافتقار إلى الصلة والذب عنها بحال مستجير يأخذ بحقو المستجار به، ثم أسند على سبيل الاستعارة التخييلية ما هو لازم للمشبه به من القيام، فيكون قرينة مانعة من إرادة الحقيقة، ثم رشحت الاستعارة بالقول والأخذ وبلفظ الحقو فهو استعارة أخرى، والتثنية فيه للتأكيد؛ لأن الأخذ باليدين آكد في الاستجارة من الأخذ بيد واحدة".

ت: لا حول ولا قوة إلا بالله! الواجب الإيمان بما دل عليه الحديث وإمراره كما جاء على حقيقته كباقي نصوص الصفات، والإيمان بمقتضى الحديث أن لله حقواً، كما أن له سمعاً ووجهاً وقدماً، كل ذلك على الحقيقة اللائقة بالله عز وجل من غير تحريف ولا تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل.

أما تنزيه الله عن الجارحة فكلام مجمل لم يصح نفيه عن الله ولا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه فلا يجوز نفيه ولا إثباته حتى يُستفصل عن مراد قائله، لأنه يحوي حقاً وباطلاً.

وتكلُّف كونه مجازاً واستعارة مما يفضي إلى التعطيل ونفي الصفات الثابتة لله عز وجل. والواجب إثبات الصفات لله على الوجه اللائق بالله من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل، كما هو قول أهل السنة والجماعة، والله ولي التوفيق.

* * *

قال الحافظ 8/ 461: "وقيل: المراد بالقدم الفرط السابق … وقيل: المراد بالقدم قدم بعض المخلوقين. أو المراد بالقدم الأخير … حتى يضع الرب فيها موضعاً … وأنه يجعل مكان كل واحد منهم واحداً من الكفار بأن يعظم حتى يسد مكانه ومكان الذي خرج، وحينئذ فالقدم سبب للعِظَمِ المذكور … قال: المراد بالقدم قدم إبليس … يكون المراد بالرجل إن كانت محفوظة الجماعة …".

ت: كل هذه التأويلات للقدم غير صحيحة، بل لله قدم أو رجل على ما وردت في الأحاديث الصحيحة على وجه يليق بذات الله المقدسة، من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل، وعليه فلا داعي هاهنا إلى التأويل، كما يحرم التمثيل لها بقدم المخلوق، مع القطع بعدم العلم بالكيفية التي عليها هذه الصفة وغيرها. والله أعلم.

* * *

قال الحافظ 8/ 474: "وعلى هذا يمكن الجمع بين إثبات ابن عباس ونفي عائشة بأن يحمل نفيها على رؤية البصر وإثباته على رؤية القلب …".

ت: هذا هو الصحيح من أقوال السلف، وعليه تتفق الأدلة ولا تفترق، وتجتمع ولا تختلف، فلم ير ربه بعيني رأسه، وإنما بقلبه كما صح.

وفي الصحيح – صحيح مسلم – عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لما سئل هل رأيت ربك؟ قال: "نور أنَّى أراه" وفي لفظ: "رأيت نوراً"، وفي الصحيح أيضاً أنه قال صلى الله عليه وسلم: "واعلموا أنه لن يرى أحدٌ منكم ربه حتى يموت".

وبذلك يُعلم أن الله سبحانه لا يُرى في الدنيا، وإنما يراه المؤمنون يوم القيامة، وفي الجنة كما تواترت بذلك الآيات والأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو قول أهل السنة والجماعة. أما الكفار فلا يرونه سبحانه أبداً لا في الدنيا ولا في الآخرة لقوله تعالى: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ}، والله ولي التوفيق.

* * *

قال الحافظ 8/ 474 - 475: "وقد رجح القرطبي في "المفهم" قول الوقف في هذه المسألة وعزاه لجماعة من المحققين، وقواه بأنه ليس في الباب دليل قاطع، وغاية ما استدل به للطائفتين ظواهر متعارضة قابلة للتأويل، قال: وليست المسألة من العمليات؛ فيُكتفى فيها بالأدلة الظنية، وإنما هي من المعتقدات فلا يكتفى فيها إلا بالدليل القطعي …".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير