تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حَافِظُونَ. قَالَتْ: كَانَ خُلُقُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.أخرجه البخاري في (الأدب المفرد) (308) وهو صحيح. أي كان يفسر القرآن تفسيرا عمليا بخلقه صلى الله عليه وسلم.

ثانيا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعله الله تعالى في مقام الأسوة للمؤمنين , إنه النموذج الأعلى للكمال البشري الذي علينا أن نتأسى به ونقتدي به ونتبعه صلى الله عليه وسلم.

فكثير من الناس يتخذون نماذج من البشر يعجبون بأحوالهم فيقلدونهم ويحاكونهم وربما قلدوهم في سائر أحوالهم حتى في هيئتهم وألبستهم , أما سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فليس المطلوب منا أن نقلده ونحاكيه، وإنما المطلوب أن نتأسى وأن نقتدي به ونتبعه وننقاد لأمره صلى الله عليه وسلم وفرق بين هذا وذاك, فإن التقليد والمحاكاة غالبا ما يكونان عن غير بصيرة بخلاف التأسي والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه، فإن ذلك لا يكون إلا عن علم وبصيرة لأنه على سبيل التدين والتقرب إلى الله تبارك وتعالى , قال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب/21].

فهذه هي حال من يتأسى بالنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم , إنه مؤمن يعرف الإيمان يعرف الله يعرف اليوم الآخر، فهو يرجو الله ويرجو اليوم الآخر بل إلى جانب ذلك منقاد لدين الله عز وجل فهو يذكر الله كثيرا وهذه هي البصيرة.

ثالثا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم مع اقتدائنا به وتأسينا به واتباعنا له يجب علينا أن نوقره ونعظمه ونحبه.

قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)} [الأعراف/157]

بعض الناس قد يقلد عظيما ويتبعه وينقاد لأمره ولكن لا يلزم لذلك أنه يحبه , قد يقلده وينقاد إليه خوفا منه أو طمعا فيما عنده من عرض الدنيا , أما سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيجب علينا مع تأسينا به واتباعنا لأمره صلى الله عليه وسلم يجب أن نوقره ونعظمه ويجب أن نحبه صلى الله عليه وسلم وذلك للأمور الآتية:

أولها- لأن الله تبارك وتعالى أمرنا بذلك بل لقد قرن سبحانه وتعالى حبه بحب نبيه صلى الله عليه وسلم وجعلهما من أوجب الواجبات وتهدد بالعقوبة من يخلُّ بهما فقال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)} [التوبة:24].

فبين لنا ربنا عز وجل في هذه الآية أن حبنا لله وحبنا لرسوله صلى الله عليه وسلم يجب أن يكون أعظم من حبنا وميلنا لهذه الأشياء المذكورة ولغيرها من محبوبات الدنيا.

وثانيها- لأن الله سبحانه وتعالى أحب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم , فيجب أن نحبه؛ لأن الله جل جلاله أحبه، بل لقد اتخذه خليلا،والخلَّة درجة أعظم من المحبة، فمن كان يحب الله فيجب عليه أن يحب محبوبات الله، وأعظم محبوبات الله وأجلُّها هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولذلك فإن أكبر علامة على حب العبد لربه حبه للرسول صلى الله عليه وسلم، والدليل على صحة حبه له صلى الله عليه وسلم هو اتباعه له وتأسيه به،ولذا قال سبحانه: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) [آل عمران:31].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير