تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جـ- ودعوى تنزيه الله عن المكان، يُرمى منها نفي استواء الله على العرش، وهو ليس بسديد، بل الله مستوٍ على العرش حقيقة كما ذكر الله وذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم، من غير تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل ولا تحريف كما قاله سلف الأمة، والله أعلم.

* * *

قال الحافظ 13/ 429: "وقِدَمه يحيل وصفه بالتحيز فيها، والله أعلم"اهـ.

ت: يزعم النفاة والمؤولة أن الله لا داخل العالم ولا خارجه؛ فإن هذا يلزم عنه نفيه سبحانه وعدم وجوده، فإن الذي لا داخل العالم ولا خارجه لا وجود له، وهو رفع للنقيضين، وهذا ممتنعٌ كالجمع بين النقيضين، كما يزعمون أنه ليس متحيزاً في مكان، ومع ما في هذا النفي من المحاذير، حيث إنه نفي لم يرد في الوحيين الشريفين، فهو يتضمن سلب الله بعض صفات الكمال كالعلو والاستواء على العرش. فالله في العلو وإن قيل إنه جهة، وهو مباين للعالم باستوائه على العرش وعلوه عليه، والعرش سقف المخلوقات. والأشاعرة وغيرهم ينفون ويعطلون صفتي العلو والاستواء. وقولهم باطل، والصواب إثبات استوائه سبحانه على العرش استواء يليق بجلاله، لا يشابه خلقه في ذلك، ولا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه، كما قال مالك وربيعة رحمهما الله وغيرهما من أهل السنة والجماعة والله أعلم.

* * *

قال الحافظ 13/ 435: "ومنع جمهور المعتزلة من الرؤية، متمسكين بأن من شرط المرئى أن يكون في جهة، والله منزه عن الجهة، واتفقوا على أنه يرى عباده، فهو راء لا من جهة، واختلف من أثبت الرؤية في معناها؛ فقال قوم: يحصل للرائي العلم بالله تعالى برؤية العين كما في غيره من المرئيات، وهو على وفق قوله في حديث الباب: "كما ترون القمر"، إلا أنه منزه عن الجهة والكيفية"اهـ.

ت: الحق أن الله عز وجل يُرى في الآخرة بالأبصار، يراه المؤمنون في جنان الأبرار، خلافاً للجهمية والمعتزلة وأضرابهم.

ونفي الجهة في الرؤية باطل؛ إذ لا رؤية إلا في جهة، وهو سبحانه يرى وهو في علوه يرونه من فوقهم كما نرى الشمس والقمر من فوقنا، فالتشبيه للرؤية بالرؤية لا المرئي بالمرئي فافطن! ويراه المؤمنون بلا كيف؛ بل الله أعلم بكيفيتها، رزقنا الله لذة النظر إليه مع والدينا ومشايخنا والمسلمين، والله أعلم.

* * *

قال الحافظ 13/ 436: "وقال البيهقي: سمعت الشيخ الإمام أبا الطيب سهل بن محمد الصعلوكي يقول في إملائه في قوله: "لا تضامون في رؤيته": بالضم والتشديد معناه لا تجتمعون لرؤيته في جهة ولا يضم بعضكم إلى بعض، ومعناه بفتح التاء كذلك، والأصل: لا تتضامون في رؤيته باجتماع في جهة. وبالتخفيف من الضيم، ومعناه لا تظلمون فيه برؤية بعضكم دون بعض؛ فإنكم ترونه في جهاتكم كلها، وهو متعالي عن الجهة"اهـ.

ت: نفي الجهة في هذا التقرير مبني على نفي المؤولة من الأشاعرة والماتريدية للعلو، وهم ها هنا يزعمون إثبات رؤية الله مع نفي أن تكون في جهة، فوقعوا في التناقض والمحال.

والحق أنه سبحانه يُرى في الدار الآخرة حقيقة كما وصف بذلك نفسه في غير ما آية، كقوله في القيامة: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، وكما وصفه بذلك نبيه وأعرف الخلق به في غير ما حديث، ورؤيته حق وهو سبحانه في علوٍ كذا عند أهل السنة والجماعة، والله أعلم.

* * *

قال الحافظ 13/ 437: "وقال ابن بطال: تمسك به المجسمة فأثبتوا لله صورة. . . "اهـ.

ت: هذا تمحلٌ من ابن بطال ونبزٌ لأهل السنة والجماعة وللسلف الصالح بالتجسيم؛ لأنهم يثبتون لله عز وجل صورة حقيقية تليق بجلاله وعظمته، لا تقتضي مماثلة صور المخلوقين ألبتة كما وصفه بذلك رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وغيره، كحديث معاذ عند أهل السنة "رأيت ربي في أحسن صورة"، فهل يكون الرسول بهذا الوصف مجسماً؟! والصواب إثبات الصورة على الوجه اللائق به سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل كذا عند أهل السنة والجماعة، والله ولي التوفيق.

* * *

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير