تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حملوا كتابي ((الخلاصة في أحكام الاجتهاد والتقليد)) للشاملة 3 + pdf

ـ[علي 56]ــــــــ[11 - 09 - 08, 09:02 م]ـ

((حقوق الطبع متاحة للهيئات العلمية والخيرية))

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم {لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (32) سورة البقرة

الله علمنا ما يفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما يا أرحم الراحمين.

أما بعد:

فإنه من المعلوم أن الله جل وعلا قد بعث رسوله صلى الله عليه وسلم بدين الإسلام، وجعله تعالى خاتم الرسل، وجعل ملته ناسخة لجميع الملل، وكتابه مهيمنا على كافة الكتب قال تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (48) سورة المائدة.

وكان من تمام النعمة على العباد، أن أكمل الله ـ جل وعلا ـ لهم هذا الدين، وكفاهم به عن غيره، فانتظمت بذلك مصالحهم واستقامت أمورهم على وجه التمام والكمال. كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} (3) سورة المائدة.

ومن المعلوم أيضا ـ بالضرورة ـ أن مقتضى كمال الدين وتمام النعمة صلاحيته لكل زمان ومكان، على اختلاف الأعصار وتنائي الأمصار. وذلك لأن كمال الملة إنما كان لتحقق وصفين اثنين: الأول: كونها تفي بمقاصد التشريع العامة. والثاني: كونها صالحة لكل زمان ومكان. إذا عُلم هذا فَليعْلم أن حاجات الخلق تختلف وتتغير بحسب ظروف المكان والأوان، وتحصل للناس أقضية بحسبهم، ووقائعهم تتلوَّن بحسب واقعهم، فمن المعلوم بداهة أن هذه الوقائع لا تتناهى والنصوص الشرعية ليست كذلك، فاقتضى ذلك تشريع الاجتهاد في هذه الملة المباركة لتفي بحاجات الخلق ومصالحهم المتجددة المتغيرة. وهذا الذي قررناه المعلوم بالضرورة من دين المسلمين، وباتفاق جميع المسلمين.

ولكن المسلمين اليوم قد تفرقوا طَرائِقَ قِدَداً حول موضوع الاجتهاد والتقليد:

فمنهم من زعم أن باب الاجتهاد مفتوح لكل مسلم، ويستطيع أي واحد منهم ولوجه، ولا فرق بيننا وبين الأئمة السابقين (فهم رجال ونحن رجال!!)، ولاسيما أنه قد توفر لدينا اليوم أكثر مما توفر لجميع الأئمة، ووصلت بهم الجرأة على دين الله تعالى وعلى الأئمة حدًّا بعيداً.

وبعضهم يوجب الاجتهاد، ويحرِّم التقليد على عامة الناس، وذلك لأن الله تعالى قد ذمَّ التقليد، وأن الأئمة قد نهوا عنه، ومن ثمَّ فإنه يصبُّ جام غضبه على المقلِّدين، فيتهمهم بالابتداع في الدِّين، ومخالفة السلف الصالح!!.

وفريق آخر قابلوا هؤلاء فأوجبوا التقليد على عامة الناس، وحرَّموا على المقلِّد الخروج عن مذهب إمامه الذي التزمه، وكأنه خارج من الدِّين!!.

وغلا بعضهم فحرَّم الصلاة وراء المخالف للمذهب!!

ورددوا المقولة المشهورة (لا تعترض فتنطرد).

وحصل تراشق للتُّهم بين الفريقين، حتى وصل بهم الحال إلى اتهام بعضهم بعضا بأسوأ التهم التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان، كالفسوق والمروق من الدِّين ....

وفريق آخر من أهل العلم قد تكلموا عن هذه الموضوعات، ما بين مفصل، وموجز ..

وهذه الكتابات بالرغم مما قدمته من خير كثير، يبصِّرُ الناس بحقيقة دينهم.

إلا أن كثيرا منها كانت صدى لهذا الواقع المر والأليم، الذي تواجهه الأمة اليوم.

فهذا متأثر بالحضارة الغربية العفنة، وذاك متأثر بالجماعة الفلانية، وآخر ضيق الأفق، يتبرم بمخالفيه في الرأي، ويتهمهم بسوء النية.

وآخر يكتب كتابة تقليدية بحتة، ليس فيها إلا الاختصار والإيجاز.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير