تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا [وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ] " [البخاري: 2266] < o:p>

فالمؤمن لأخيه كالبنيان، يقوّيه ويمنعه من ظلم الظالمين، وبغي الباغين، وغُشم الغاشمين. وقد شبَّك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بين أصابعه، ممثلاً لتلك العلاقة التي تربط بين الإخوان وبعضهم، فهي كالأصابع المتضاغمة، كتلك الشبَكة التي لا غناء لها عن عقدة من عقدها. وقد خاب من حمل ظلمًا. < o:p>

أما والله إن الظلم لؤم ... وما زال الظلوم هو الملوم< o:p>

نبذ الهدنة مع الخونة < o:p>

والإبقاء على عهد الخائن الهَوجَل؛ ليس من الخُلق في شيء، بل الأخْلقُ نبذ عهده، وشق موادعته، وخليق بإمام المسلمين ألا يحوْل عهد الغَدرةِ دون نصرة البررة، وحقيقٌ أن بنود صلح الحديبية تسقط فور إخلال أحد الأطراف ببند من البنود. < o:p>

ولقد استند رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في نصرته لخزاعة، إلى أصل أصيل، مفاده أن العدو إذا حارب من هم في جوار المسلمين أو في حلفهم أو في ذمتهم، صار العدو بذلك محاربًا لسلطان المسلمين، وبذلك يصبح المسلمون في حِلِّ من أي اتفاقات مبرمة، أو معاهدات سابقة، وذلك لسبب وجيه: أن العدو نفسه نقَضها باعتدائه على حلفاء المسلمين، وما على إمام المسلمين عار إذا باغت العدو حينئذ في عقره، ودخل عليهم بغتة، أما إذا شك إمام المسلمين في كون العدو على العهد أو تحول إلى النقض؛ فلا يجوز للإمام في هذه الحالة مباغتة العدو، إلا بعد إعلامهم بنبذ العهد، وذلك حتى لا يُؤثر عن المسلمين الغدر، ودليل ذلك قول الله تعالى: < o:p>

" وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ " [الأنفال58] < o:p>

العفو عن صاحب السبق إذا ذل< o:p>

فهذا حاطب، ذل، وتخابر مع العدو، فأرسل إليهم كتابًا يخبرهم فيه بمقدم جيش المسلمين، وأرسل هذا الكتاب إليهم مع " مُطربة " تجوب بين القبائل تغني، فأرسل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في إثر هذه المغنية، وتم مصادرة خطاب حاطب، ورُفع الأمر إلى حضرة النبي – صلى الله عليه وسلم – ليفصل في هذه القضية، فدليل التخابر موجود، والمتهم مُعترف، بل قال – مبررًا -:< o:p>

" يَا رَسُولَ اللَّهِ! لا تَعْجَلْ عَلَيَّ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ .. كُنْتُ حَلِيفًا وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مَنْ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ فِيهِمْ، أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِي، وَلَمْ أَفْعَلْهُ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي، وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ " [البخاري: (3939)] < o:p>

وكانت مبررات حاطب هذه كلها، محض شَعْبذة وهراء .. < o:p>

وكان حُكم رسول الله العفو! < o:p>

وذلك لسبب استثنائي دامغ: < o:p>

أن حاطبًا قد شهد بدرًا، وأن الله قد تاب على حاطب، فقال لأهل بدر: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، وحاشا أن يُكذب الله، وأن عملية التخابر لم تتم ولم تنجح .. < o:p>

ولقد أَكلتْ هذه الفعلة الشنعاء قلبَ عمر – فأراد أن يستئذن رسول الله في قتل حاطب -فقال: " يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ". < o:p>

فَقَالَ: " إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا! وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى مَنْ شَهِدَ بَدْرًا .. فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ! " .. < o:p>

فَأَنْزَلَ اللَّهُ السُّورَةَ: < o:p>

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ إِلَى قَوْلِهِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ " [البخاري: (3939)].< o:p>

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير