تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

*** وفي كتبهم أن جميع الخلق أبناء الله تعالي خاصة المؤمنين منهم، وأن هذا ليس مختصاً بعيسي عليه السلام، وهذه البنوة ليست بنوة ولادة، ولكنها بنوة رعاية وعناية وقيام بالمصالح وهداية، فالخلق عيال الله وأحبُّ الناس إلي الله أنفعهم لعياله: ففي إنجيل متَّى (6/ 6) يقول عيسي عليه السلام مخاطبا أمته: " عندما تصلي ادخل غرفتك، وأغلق عليك بابك، وصلِّ إلي أبيك الذي في الخفاء، وأبوك الذي يرى في الخفاء هو يكافئك". وفي متَّى (5/ 44 - 45) يقول: " صلُّوا لأجل الذين يسيئون إليكم، ويضطهدونكم لتكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات ". وفي متَّى (6/ 9 - 12) علم عيسي عليه السلام تلاميذه الصلاة: " أبانا الذي في السماء ليتقدس اسمك، ليأت ملكوتك، لتكن مشيئتك علي الأرض كما هي في السماء، خبزنا أعطنا اليوم، واغفر لنا ذنوبنا ". وذكرها في لوقا (11/ 2 - 4) أيضا، وفي إنجيل برنابا (الفصل السابع والثلاثون) ذكر الصلاة السابقة وقال عيسى في آخرها: " لأنك أنت وحدك إلهنا الذي يجب له المجد والإكرام إلى الأبد ". وفي يوحنا (20/ 17): " إني أصعد إلى أبي و أبيكم و إلهي و إلهكم ".

... بل وصف الإنجيلُ عيسي عليه السلام بأنه ابن الإنسان، لينفي أنه ابن الله بمعني الولادة، ووصفه بأنه يأكل ويشرب لينفي عنه الألوهية والربوبية، فقال في متَّى (11/ 19): " جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب "، وفي لوقا (7/ 34) مثله. وقال في يوحنا (8/ 40): " انا انسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله ".

... أما الرد المجمل فأقول مستعينا بالله تعالي:

* أولا: نزل القرآن الكريم باللغة العربية، قال الله تعالي: " بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) " (سورة الشعراء 195)، وقال سبحانه: " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ (4) " (سورة إبراهيم 4)، وقال سبحانه وتعالي: " قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ (28) " (سورة الزمر 28).

* ثانيا: أعلم الناس باللغة العربية هم العرب الأوائل في الجزيرة العربية وهم أفصح الناس وفيهم الخطباء والبلغاء والشعراء، وأفصح العرب قريش قبيلة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

* ثالثا: أشد الناس عداوة للنبي صلي الله عليه وسلم وأحرص الناس علي تكذيبه والطعن فيه هم الكفار من قريش، قال الله تعالي: " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا (82) " (سورة المائدة 82)، وقال سبحانه: " وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97) " (سورة مريم 97).

* رابعا: وقد تحداهم الله تعالى وبين عجزهم أمام إعجاز القرآن الكريم، قال الله تعالي: " وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) " (سورة البقرة 23 - 24). وقال سبحانه وتعالي: " أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِسُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (14) " (سورة هود 13 - 14).

وقال الله سبحانه وتعالي مبينا عجز جميع الخلق عن الإتيان بمثل هذا القرآن الحكيم: " قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) " (سورة الإسراء 88).

... ومع كون قريش أفصح العرب وأعلم الناس باللغة، ومع شدة عداوتهم للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتحدِّي القرآن لهم، وحرصهم علي تكذيبه ومعارضته، إلا أنهم لم يستطيعوا أن يأتوا بآية من مثله ولا أن يطعنوا في بلاغته وإعجازه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير