تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلا يكفي هذا القدر من الإيمان لدخول المرء في الإسلام، و لا يدخله ذلك في دائرة الإيمان، فإنَّ هذا القسم من التوحيد قد أقرَّ و اعترف به المشركون الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه و سلم، و لم يدخلهم هذا الإقرار في الإسلام.

قال تعالى:

ـ {قل لمن الأرض و من فيها إن كنتم تعلمون. سيقولون لله قل أفلا تذكَّرون. قل من ربُّ السموات السبع ورب العرش العظيم. سيقولون لله قل أفلا تتقون. قل من بيده ملكوت كلِّ شيء و هو يجير و لا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنَّى تسحرون}.

ـ و قال عز و جل: {قل من يرزقكم من السماء و الأرض أم من يملك السمع و الأبصار و من يخرج الحي من الميت و يخرج الميت من الحي و من يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون}.

ـ و قال تعالى: {و لئن سألتهم من خلقهم ليقولنَّ الله فأنَّى يؤفكون}.

ـ وقال تعالى: {و لئن سألتهم من خلق السموات و الأرض ليقولنَّ خلقهنَّ العزيز العليم}

فإنَّ أبا جهل و شيعته كانوا مؤمنين بتوحيد الربوبية، و الآيات من القرآن الكريم و الأحاديث النبوية و التواريخ و السير و دواوين العرب كلُّها شاهدة بكون أولئك المشركين مقرين بتوحيد الربوبيَّة.

فلا بدَّ للمرء أن يأتيَ بجميع أنواع التوحيد للدخول في الإسلام.

فصل

ومن التوحيد الخبري الإيمان بالملائك و بكتب الله عز و جل و رسله و اليوم الآخر،والإيمان بالقدر خيره و شره.

و من الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - مما يكون بعد الموت فيؤمنون بفتنة القبر وبعذاب القبر ونعيمه. فأما الفتنه فإن الناس يمتحنون في قبورهم، فيقال للرجل: من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فيقول المؤمن ربي الله، وديني الإسلام و نبيي محمد - صلى الله عليه وسلم -.وأما المرتاب فيقول هاه هاه لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته، فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحةً يسمعها كل شئ إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصعق - ثم بعد هذه الفتنة إما نعيم وإما عذاب إلى أن تقوم القيامة الكبرى فتعاد الأرواح إلى الأجساد.

وتقوم القيامة التي أخبر الله بها في كتابه وعلى لسان رسوله وأجمع عليها المسلمون، فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين حفاةً عراةً غرلاً وتدنو منهم الشمس ويلجمهم العرق، فتصيب الموازين فتوزن بها أعمال العباد.

فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون. وتنشر الدواوين، وهي صحائف الأعمال - فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره، كما قال سبحانه وتعالى: {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ".

ويحاسب الله الخلائق ويخلو بعبده المؤمن فيقرره بذنوبه، كما وصف ذلك في الكتاب والسنة، وأما الكفار فلا يحاسبون محاسبة من توزن حسناته وسيئاته فإنه لا حسنات لهم ولكن تعد أعمالهم فتحصى فيوقفون عليها ويقررون بها.

وفي عرصات القيامة الحوض المورود للنبي - صلى الله عليه وسلم - ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء طوله شهر وعرضه شهر، من يشرب منه شربةً لا يظمأ بعدها أبداً.

والصراط منصوب على متن جهنم وهو الجسر الذي بين الجنة والنار يمر الناس على قدر أعمالهم فمنهم من يمر كلمح البصر، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كالفرس الجواد، ومنهم من يمر كركاب الأبل، ومنهم من يعدو عدواً، ومنهم من يمشي مشياً، ومنهم من يزحف زحفاً ومنهم من يخطف خطفاً ويلقى في جهنم فإن الجسر عليه كلاليب تخطف الناس. بأعمالهم فمن مر على الصراط دخل الجنة، فإذا عبروا عليه وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعض، فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة.

وأول من يستفتح باب الجنة محمد - صلى الله عليه وسلَّم -، وأول من يدخل الجنة من الأمم أمته.

فصلٌ في الشفاعة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير