تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأخلاق وينهون عن سفسافها وكل ما يقولونه ويفعلونه من هذا وغيره فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة وطريقتهم هي دين الإسلام الذي بعث الله به محمداً - صلى الله عليه وسلم - لكن لما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة. وفي الحديث عنه أنه قال: " هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي " صار المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشوب، هم أهل السنة والجماعة، وفيهم الصديقون والشهداء والصالحون، ومنهم أعلام الهدى ومصابيح الدجى أولو المناقب المأثورة والفضائل المذكورة، وفيهم الأبدال، وفيهم أئمة الدين الذين أجمع المسلمون على هدايتهم، وهم الطائفة المنصورة الذين قال فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة).

نسأل الله أن يجعلنا منهم وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا وأن يهب لنا من لدنه رحمةً إنه هو الوهاب، والله أعلم.

وصلى الله على محمداً وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

قوله وفيهم الأبدال أي العلماء الزهَّاد، قال في النهاية: في حديث علي رضي الله عنه (الأبدال بالشام) هم الأولياء والعُبَّاد، والواحد: بِدْل و بَدَل، سُمُّوا بذلك لأنهم كلما مات واحدٌ منهم أُبدِل بآخر، و قال في القاموس: و الأبدال قومٌ بهم يقيم الله عزوجل الأرض وهم سبعون رجلاً أربعون بالشام و ثلاثون بغيرها لا يموت أحدهم إلاَّ قام مكانه آخر من سائر الناس.

وقال العز بن عبدالسلام رحمه الله: أمَّا الأبدال فقد روي فيهم حديثٌ شاميٌ منقطع الإسناد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي × أنه قال: (إنَّ فيهم ــ يعني أهل الشام ــ الأبدال الأربعين كلَّما مات رجلٌ أبدل اله تعالى مكانه رجلاً) وهذا الجنس ونحوه من علم الدين؟ قد التبس عند أكثر المتأخِّرين حقَّه بباطلِه ــ و لا بُدَّ أن يقيم الله فيه من تقوم به الحجَّة خلفاً عن الرسل فينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين فيحقُّ الله الحقَّ و يبطل الباطل ولوكره المشركون ــ، و ليس من شرط أولياء الله أهل الإيمان والتقوى ومن يدخل فيهم من السابقين المقرَّبين لزوم مكان واحدٍ في جميع الأزمنة و لا تعيين العدد ــ إلى أن قال ــ فأمَّا الحديث المرفوع فالأشبه أنَّه ليس من كلام النبي ×، فإنَّ الإيمان كان بالحجاز واليمن قبل فتوح الشام،وكانت الشام و العراق دار كفر، ثمَّ لمَّا كان في خلافة علي رضي الله عنه قد ثبت عنه عليه السلام؟ أنَّه قال تمرق مارقةٌ من المسلمين يقتلهم أولى الطائفتين بالحق، فكان عليٌ وأصحابه أولى بالحق ممَّن قاتلهم من أهل الشام، فكيف يعتقد مع هذا أنَّ الأبدال الذين هم أفضل الخلق كانوا في أهل الشام هذا باطلٌ قطعاً، و إن كان قد وَرَدَ في الشام و أهله فضائلُ معروفة، فقد جعل الله لكلِّ شيءٍ قَدْراً، و الكلام يجِبُ أن يكونَ بالعلم و القِسط فمن تكلَّم بغير علم دخل في قوله تعالى {و لا تقفُ ما ليس لك به علم}، و من يتكلَّم بقِسطٍ و عدلٍ دخل في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوَّامين بالقسط شهداء لله}،وقوله تعالى: {وإذا قلتم فاعدلوا و لوكان ذا قربى} و الذين تكلَّموا باسم البدل فسَّروه بمعانٍ منها أنهم أبدال الأنبياء، ومنها أنه كلما مات منهم رجلٌ أبدل الله تعالى مكانه رجلا، ومنها أنهم أبدلوا السيئات من أخلاقهم وأعمالهم و عقائدهم بحسنات،و هذه الصفات كلُّها لا تختصُّ بأربعين و لا بأقلَّ و لا بأكثر و لا بأهل بُقعة من الأرض، فالغرض أنَّ هذه الأسماء تارةً تُفسَّر بمعانٍ باطلةٍ مثل قولهم:أن الأبدال الأربعين رجال الغيب؟ بجبل لبنان) انتهى ملخَّصاً.

والمقصود أنَّ لفظة الأبدال يراد بها حقٌّ وباطلٌ: فمُرادُ شيخ الإسلام و غيره من العلماء أنهم العلماء العاملون الداعون إلى دين الله المتبِّعون لسنَّة رسول اله ×، كما قال تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا و من اتبعني و سبحان الله و ما أنا من المشركين}، وأمَّا الجهَّال و أهل الغُلُوِّ فمرادهم أنَّ أهل الأرض يطلبون منهم أن يقضوا حوائجهم و يكشفوا ضُرَّهم و يشفعوا لهم عند ربِّهم و هذا هو دين المشركين الذي أُنزِلت الكتبُ وأُرسِلت الرسلُ للنهي عنه كما قال تعالى: {إنَّا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له االدين ِ* ألا لله الدين الخالص و الذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلاَّ ليقرِّبونا إلى الله زلفى إنَّ الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون إنَّ الله لا يهدي من هو كاذبٌ كفَّار} و قال تعالى: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلِّه ولوكره المشركون}،و قال تعالى: {قل إنِّي نُهيتُ أن أعبدَ الذين تدعون من دون الله لمَّا جاءني البينات من ربي و أُمٍرْتُ أن أسلِمَ لربِّ العالمين}

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير