تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قوله تعالى: {قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين} قال ابن جرير يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ×: قل يا محمد للقائل لك يا محمد {إنما أنت مفتر}، فيما تتلو عليهم من آي كتابنا {نزله روح القدس} يقول: قل جاء به جبريل من عند ربِّي بالحق، و قوله {ليثبت الذين آمنوا} يقول تعالى ذكره قل نزَّل هذا القرآن ناسخه ومنسوخه روح القدس عليَّ من ربي تثبيتاً للمؤمنين وتقوية لإيمانهم ليزدادوا بتصديقهم لناسخه و منسوخه .... لإيمانهم وهدىً لهم من لضلالة و بشرى للمسلمين الذين استسلموا لأمر الله و انقادوا لأمره ونهيه و ما أنزله من في آي كتابه فأقِرُّوا بكلِّ ذلك وصدِّقوا به قولاً و عملاً.

قوله تعالى: {ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين}، قال ابن جرير يقول تعالى ذكره:و لقدنعلم أن هؤلاء المشركين يقولون جهلاً منهم إنما يعلِّم محمداً هذا الذي يتلوه بشرٌ من بني آدم و ما هو من عند الله يقول الله تعالى ذكره مكذِّبهم في قيلهم ذلك ذلك ألا تعلمون كذب ما تقولون؟ أن لسان الذي تلحدون إليه أعجمي، يقول ... إليه أنه يعلم محمداً أعجمي و ذلك أنهم فيما ذُكِر كانوا يزعمون أن الذي يعلم محمداً هذا القرآن رومي فلذلك قال تعالى: {لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين} و هذا القرآنلسانٌ عربيٌ مبين.

قوله تعالى:: {وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة}، {على الأرائك ينظرون}، {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}، {لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد} وهذا الباب في كتاب الله تعالى كثير، من تدبَّر القرآن طالباً للهدى منه تبيَّن له طريق الحق.

فصل

ثم في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،

فالسنة تفسر القرآن وتبينه وتدل عليه وتعبر عنه، وما وصف الرسول به ربه عز وجل من الأحاديث الصحاح التي تلقاها أهل المعرفة بالقبول، وجب الإيمان بها كذلك، فمن ذلك مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألنى فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟) متفق عليه، وقوله ×: (لله أشد فرحاً بتوبة عبده المؤمن التائب من أحدكم براحلته) الحديث متفق عليه، وقوله ×: (يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة) متفق عليه.

وقوله ×: (عجب ربُنا من قنوط عباده وقرب خيره، ينظر إليكم أذلين قنطين فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب " حديث حسن، وقوله ×: (لا تزال جهنم يلقى فيها وهي تقول هل من مزيد؟ حتى يضع رب العزة فيها رجله) وفي رواية: (عليها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض فتقول قط قط) متفق عليه، وقوله ×: (يقول تعالى يا آدم فيقول لبيك وسعديك فينادي بصوت إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثاً إلى النار) متفق عليه. وقوله: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه وليس بينه وبينه ترجمان).

قال البغوي في شرح السنَّة: القدم و الرجل المذكوران في هذا الحديث من صفات الله المنزَّهة عن التكييف والتشبيه، و كذلك كلُّ ما جاء من هذا القبيل في الكتاب و السنَّة كاليد و الاصبع و غيرها، فالإيمان بها فرضٌ، و الامتناع عن الخوض فيها واجب، فالمهتدي يسلك فيها طريق التسليم، والخائض فيها زائغ، و المنكر معطِّل، و المكيِّف مشبِّه، تعالى الله عمَّا يقول الظالمون علواًّ كبيراً {ليس كمثله شيءٌ و هوالسميع البصير} انتهى،

و قال الوليد بن مسلم: قال الأوزاعي و مالك و الثوري و الليث بن سعد عن الأحاديث التي فيها الصفة: (أمِرُّوها كما جاءت بلا كيف)، و قال اسحاق بن راهويه: (إنما يكون الشبيه لو قيل له يدٌ كيدٍ و سمعٌ كسمعٍ)، و قال ابن عبدالبر: (أهل السنَّة مجمعون على الإقرار بهذه الصفات الواردة في الكتاب و السنَّة، و لم يكيِّفوا شيئاً منها، وأمَّا الجهميَّة و المعتزلة و الخوارج فقالوا من أقرَّ بها فهو مشبَِّه فسمَّاهم من أقرَّ بها معطِّلة) انتهى والله سبحانه وتعالى أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير