تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا كلام أئمة النقد وموقفهم من حديث ضمرة ولننظر الآن في كلام بعض المتاخرين على هذا الحديث، والمهم فيه طريقتهم في رد كلام النقاد والتهوين من شانه بما يظهر منه بعدهم عن إدراك قواعد التفرد، والتضعيف به لتي كان النقاد يعملونها.

قال ابن حزم: فهذا خبر صحيح كل رواته ثقات، تقوم به الحجة، وقد تعلل فيه .. بان ضمرة انفرد به وأخطا فيه فقلنا: فكان ماذا إذا انفرد به؟ ... فأما دعوى أنه أخطأ فيه فباطل، لأنه دعوى بلا برهان

وقال عبد الحق الإشبيلي: عللوا هذا الحديث بان ضمرة تفرد به ولم يتابع عليه، وقال بعض المتأخرين: ليس انفراد ضمرة علة فيه، لأن ضمرة ثقة، والحديث صحيح إذا اسنده ثقة، ولا يضره انفراده به ... ) ونقل ابن القطان هذا عن عبد الحق ثم قال (وهذا الصواب) , وقال ابن التركماني متعقبا البيهقي في كلامه السابق آنفا (ليس انفراد ضمرة به دليلا على أنه غير محفوظ ن ولا يوجب ذلك علة فيه، لأنه من الثقات المأمونين ... ، والحديث إذا انفرد به مثل هذا كان صحيحا، ولا يضره تفرده، فلا أدري من أين وهم في هذا الحديث راويه كما زعم البيهقي ... ) , وذكر هذا الحديث أحد المشايخ الفضلاء في كتاب له، ثم ذكر تعليل بعض النقاد له بتفرد ضمرة، وما أشار إليه البيهقي في بيانه لسبب وهم ضمرة ن وأنه يروي بهذا الإسناد حديث (النهي عن بيع الولاء وعن هبته)، وهو المحفوظ بهذا الإسناد ن ثم قال الشيخ: (هذا يدل على أن ضمرة قد حفظ الحديثين جميعا، وهو ثقة فلا غرابة أن يروي متنين ـ بل وأكثر ـ بإسناد واحد فالصواب أن الحديث بهذا الإسناد صحيح وقد صححه جماعة ... ) , وقال أحد الباحثين متعقبا النقاد أيضا: أما قول النسائي: إنه حديث منكر، وقول البيهقي: وهو غير محفوظ، وقول الترمذي: لم يتابع عليه ضمرة على هذا الحديث، وهو حديث خطأ عند أهل الحديث، ليس بسليم لأن ضمرة ثقة وفوق الثقة فلا يضره التفرد بشيء لم يروه غيره، وما ذنبه إذا لم يحفظ غيره ما حفظ؟ فهل يعاقب برد ما تفرد به؟) , وقال باحث ثالث: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات لكن تكلم بعض أهل العلم في حديث ابن عمر هذا لانفراد ضمرة بن ربيعة أحد رواته به، ولم يلتفت إلى ذلك آخرون، وصححوه)

ومع أن بعد المتأخرين عن منهج المتقدمين في النقد له أسباب كثيرة ـ ليس هذا موضع شرحها إلا إنه يحسن هنا التنبيه على عقدة القضية في مسالة التفرد.

وخلاصته أن الناقد في عصر النقد يحكم على الراوي بوسائل متعددة، منها النظر في حديثه، وهي أهم وسيلة لدى الناقد وأكثرها استعمالا فالحكم على الراوي فرع على النظر في حديثه، وأما المتأخر فالحكم على الحديث فرع عن درجة الراوي المتقررة سابقا، فالصورة مقلوبة إذن، والجنين نزل من قبل رجليه.

فالناقد نظر في أحاديث الراوي مقارنا لها بما لديه من مخزون عظيم من أحاديث الرواة الأخرين فما وافق فيه غيره كان لصالح الراوي دالا على ثقته وضبطه وما خالف فيه غيره أو تفرد به ينظر فيه الناقد فما عدّه خطأ أو منكرا حكم عليه بذلك ثم تكون الموازنة بين ما أصاب فيه وما أخطأ فيه, فإن كان الغالب عليه الصواب وأخطأ أو تفرد بأشياء منكرة قليلة فهذا يوثقه الناقد، مع بقاء حكمه على ما أخطأ فيه أو استنكره عليه، لم يغيره كونه عنده ثقة, وإن كان الغالب عليه الخطأ والتفرد بما يستنكر ضعّفه الناقد، مع بقاء حكمه عليه فيما وافق عليه غيره فيصلح للاعتبار والأعتضاد، إن لم تكن أخطاؤه فاحشة جدا يصل بها إلى حد الترك.

وربما جاء عن الناقد حكمه على بعض حديث الراوي بالنكارة أو الخطأ قبل استكمال النظر في حال الراوي، ورب حديث استنكره النقاد، ثم اختلفوا بعد ذلك في عهدة النكارة ومن يتحملها؟ ورب حديث يستنكره الناقد ولا يدري ممن الوهم والخطأ.هذه صورة مبسطة للنظر في الراوي وحديثه، يمكن من خلالها تصور عمل النقاد في استنكار أحاديث على الثقات ومن في حكمهم ويمكن توضيح ذلك بالأمثلة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير