تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

البويضة, وتسمى بالمرحلة الحميلية Fetal Stage, وتتصف بالنمو وتعديل الهيئة وبدء وظائف الأعضاء في العمل, ومن الأحداث المهمة فيها اتضاح مظاهر الذكورة في الشهر الثالث نتيجة لإفراز هرمون الذكورة وإلا بقي المظهر الموحد في الجنسين حتى تتضح الأنوثة في الرابع, وتتضح للأم حركة الجنين الإرادية بنهاية أربعة أشهر علامة أكيدة على الحياة الواعية. < o:p>

يكتمل المظهر الإنساني بعد مرور ثمانية أسابيع مع تكون كل أوليات الأعضاء والعظام واللحم.< o:p>

وتعجب أن يصف القرآن قبل اكتشاف المجهر أطوار الجنين في منظومة دلالية تتكامل بلا اختلاف رغم تعدد المواضع, قال تعالى: ?وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ? المؤمنون: 12 - 14, وفي مقابل دلالة حرف (الفاء) في التعبير (فخلقنا, فكسونا) على الترتيب والتعقيب بغير مُهلة فإن الأداة (ثم) تقتضي المُهلة؛ فتفيد تأخر مظاهر تكون إدراكه واتضاح حركته الإرادية بمدة أكبر نسبيا في مرحلة لاحقة تلت مرحلة تخليق أوليات الأعضاء التي انتهت باكتمال أوليات الهيكل العظمي والعضلات, والثابت علميا بالفعل أنه قريب الشهرين تكون كل أوليات الأعضاء قد اكتملت بينما يتأخر اتضاح حركة الجنين إلى أربعة أشهر؛ وأنه يمكن رصد انتظام دوري للحركة يعكس وجود فترات منتظمة من النوم واليقظة علامة على بدء المخ أداء وظائفه, قال ابن كثير المتوفى سنة 774 هـ في تفسيره (ج5ص466): " (ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ) أي: ثم نفخنا فيه الروح فتحرك وصار (خَلْقًا آخَرَ)؛ ذا سمع وبصر وإدراك وحركة واضطراب".< o:p>

وفي تفسير قوله تعالى: ?وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ. فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ? [الحجر: 28و29]؛ نقل الألوسي المتوفى سنة 1270 هـ في روح المعاني عن أبي حامد الغزالي المتوفى سنة 505 هـ تفسيره للتعبير بالنفخ بقوله (ج14ص36): "عَبَّرَ (عن إيقاد الوعي والحركة) بالنفخ الذي يكون سببًا .. لاشتعال الحطب", وفسر الألوسي مضمون المَثَل بقوله (ج23ص225): "نفخ الروح فيه .. إعطائه قوة العلم والعمل", وبعبارة أخرى: نشأة الوظائف الإدراكية وبدء الحركة الإرادية, والأصل في دلالة لفظ (النفخ) في بادية العرب زمن التنزيل هو دفع هواء النَّفّس ليشتعل الحطب وتتأجج النيران؛ وكَأَنَّ روحًا من الفم أوقدته وبثت في ذلك الحطب المُهَيَّأ للاشتعال حركة وحياة, فاستعيرت صورة (النفخ) لبث الملكات العقلية والحركة الإرادية في الجنين؛ وكأن الوعي والحركة اشتعال ما يلبث أن يتضاعف توقده ويتجلى تأججه, وهو من روائع التمثيل ودقيق التعبير المطابق للواقع في القرآن الكريم. < o:p>

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير