[مكتبة يا باغي الخير أقبل]
ـ[يا باغي الخير أقبل]ــــــــ[29 - 12 - 08, 11:26 ص]ـ
إن الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرورِ أنفسنا، ومن سيئات أعمالِنا، من يَهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله.
والحمدُ لله الذي بعث رسوله صلى الله عليه وسلم بشيراً ونذيراً، فبلَّغ الرسالةَ وأدَّى الأمانةَ، فجزاه اللهُ خيرَ ما يَجزي نبيّاً عن أُمته.
وقام مِن بعده صحابتُه الكرام بواجبهم بتبليغ وأداء ما سمعوهُ من نبيِّهم صلى الله عليه وسلم لمن بعدَهم، هذا مع جِهادهم بأنفسهم وأموالهم لنشرِ الإسلام على بقاع الأرض، فرضي اللهُ عنهم وأرضاهم.
وقامَ مِن بعدِهم التابعون بإحسانٍ فمَن بعدَهم بحمل هذه الأمانة وحفظِ سُنة نبيِّهم صلى الله عليه وسلم في الصدور والسطور، واجتَهدوا في الذبِّ عنها وحمايتها من كُل دَخيلٍ، وتَنقيتها مِن كذب الكاذِبين، بل ومِن أوهامِ الثقاتِ الصادقينَ، وتصحيفاتِ وتحريفاتِ النُّساخ والكاتِبين.
وتَتابعت على ذلك جهودُ العلماء والمُحدِّثين جيلاً فجيلاً، قرناً فقرناً، حتى وصلتْ إلينا أحاديثُ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم مُدونةً في كتبهم ومُصنَّفاتهم التي أفنوا فيها أعمارَهم.
فماذا علينا نحنُ في هذا العصرِ أن نفعلَ وقد صار إلينا كلُّ هذا التراث؟
نَعمْ، قد نَشطت في هذا العصر حركةُ طباعة هذه الكتب وإخراجها مِن عالم المخطوطاتِ إلى عالم المطبوعاتِ، لكي يَسهل الإطلاعُ عليها والاستفادةُ مِن كنوزها.
ولكن هل هذا هو كلُّ ما يجبُ علينا لأداءِ الأمانةِ ولخدمةِ سُنة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم؟
هل بذَلنا في سَبيل ذلك كلَّ ما نستطيعُ كما فعلَ مَن سبقَنا؟
هل استَخدمنا كلَّ إمكانياتنا في هذا العصرِ عصرِ الثورةِ الصناعيَّة والمعلوماتيَّة والتكنولوجيَّة لخدمة سُنة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم؟
ذكر الإمام الذَّهبي في كتابه «سير أعلام النبلاء» (3/ 403) عن الأعمش أنه قال: كتب أنسٌ إلى عبد الملك بن مروان - يعني لما آذاه الحَجاج -: إني قد خدمتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تسع سِنين، والله لو أن النَّصارى أَدركوا رَجلاً خدمَ نبيَّهم لأكرموه.
ومن هذا الباب لنا أن نقول: لو أن النَّصارى عندَهم مِن تراثِ نبيِّهم ما عندنا لوَظَّفوا كلَّ إمكانيَّات وتَقنيات هذا العصرِ لخدمة تراثِهم.
ونحن الآن في عصرِ الكمبيوتر والانترنت، فلو أن قُدرات وإمكانيات الكمبيوتر وُظِّفت كما يَنبغي لخدمة سُنة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم لكنا قد أدَّينا بعض ما يجب علينا، لنلحقَ بسَلفنا الصالح مِن قوافلِ العلماء والمُحدِّثين الذين بَذلوا كل ما يستطيعون - حسبَ إمكانيات عصرِهم - لخدمة سُنة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم وإيصالها لنا على أحسنِ وجه.
وقد ظهرت في هذا العصر جهودٌ مشكورةٌ في هذا الباب، فظهرت العديد من البرامج التي تجمعُ المئاتِ من كتب السُّنة التي تروي الأحاديثَ بالأسانيد إلى نبينا صلى الله عليه وسلم، مما سهَّل الوصولَ لها والاستفادةَ من خواصِّ الحاسب الآلي في البحثِ السريع.
ومن باب التمثيلِ لا الحصر: برامج شركة التُّراث، وشركة العَريس، وبرنامج جوامع الكلم، وغيرها.
هذا بالإضافة إلى المواقعِ المُتخصصة بطباعة الكتب إلى ملفات نصيَّة ووضعِها على الشبكةِ، مثل موقع الوَرَّاق وموقع جامع الحديث وغيرهما.
ثم أتحفَنا أخونا النافعُ نافعٌ بالموسوعةِ الشاملةِ ووضعها على شبكة الانترنت لتَصل لكلِّ من يريدُها مجاناً وبدون مُقابل. وفيها من المزايا الكثير، من أهمِّها أنها برنامجٌ مفتوحٌ للإضافةِ والتعديلِ، فمِن السهل إدخالُ أيِّ كتاب فيها ليدخلَ ضمن قائمة البحث.
لكن هذه البرامج التي تُسهِّل البحثَ في المئاتِ بل الألوف من الكتب بحاجة للكتبِ المُدققة والمُصححة للوصول إلى نتائج دقيقةٍ في البحث.
كشأن أي صناعةٍ، بحاجة للمواد الخام، وكُلما ازدادت جودةُ المواد الخام الداخلة في الصناعة كلما ازدادت جودةُ المُنتَج.
والمواد الخام لهذه البرامج هي الكتبُ.
¥