تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التي خالفوا فيها الكتاب والسنة، واستحلوا بها دماء المسلمين، وهم مع هذا فقد سفكوا من الدماء وأخذوا من الأموال ما لا يحصي عدده إلا الله. فإذا كان علي ابن أبي طالب قد أباح لعسكره أن ينهبوا ما في عسكر الخوارج مع أنه قتلهم جميهم، كان هؤلاء أحق بأخذ أموالهم، وليس هؤلاء بمنزلة المتأولين الذين نادى فيهم علي بن أبي طالب يوم الجمل أنه لا يقتل مدبرهم، ولا يجهز على جريحهم، ولا يغنم لهم مال، ولا يسبي لهم ذريّة لأن مثل أولئك لهم تأويل سايغ، وهؤلاء ليس لهم تأويل سايغ، ومثل أولئك إنما يكون خارجا عن طاعة الإمام، وهؤلاء خرجوا عن شريعة الله وسنته، وهم شر من التتار من وجوه متعددة، لكن التتر أكثر وأقوى، فلذلك يظهر كثرة شرهم، وكثير من فساد التتر فهو لمخالطة هؤلاء لهم. كما كان في زمن "غازان" و "هولاكو" وغيرهما. وأيضا، فإنهم أخذوا من أموال المسلمين اضعاف ما أخذ من اموالهم وأرضهم فيء بيت المال. وقد قال كثير من السلف: إن الرافضة لا حق لهم من الفيء، لأن الله إنما جعل الفيء للمهاجرين والأنصار والذين من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم" [سورة الحشر].

فمن لم يكن قلبه سليما لهم، ولسانه منغفرا لهم، لم يكن من هؤلاء وقطعت أشجارهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما حاصر بني النضير قطع أصحابه نخلهم وحرّقوه، فقال اليهود: هذا فساد، وانت ي امحمد تنهى عن الفساد. فأنزل الله تعالى في القرآن:" ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزس الفاسقين" [الحشرة آية رقم 5].

وقد اتفق العلماء على جواز قطع الشجر وتخريب العامر عند الحاجة إليه، فليس ذلك بأولى من قتل النفوس. وما أمكن غير ذلك، فإن القوم لم يحصر كلهم من الأماكن التي اختفوا فيها وأيسوا من المقام في الجيل إلا حين قطعت الأشجار، وإلا كانوا يختفون حيث لا يمكن العلم بهم وما أمكن أن يسكن الجبل غيرهم لأن التركمان إنما قصدهم الري، وقد صار لهم مرعى، وساير الفلاحين لا يتركون عمارة أرضهم ويجيئون إليه.

فالحمد لله الذي يسر بهذا الفتح في دولة السلطان، وبهمته وعزمه وأمره، وإخلاء منهم، وهم يشبهون بما ذكره الله في قوله:" هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر، ما ظننتم أن يخرجوا، وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله. فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا. وقذف في قلوبهم الرعب. يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين. فاعتبروا يا أولي الأبصار. ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الاخرة عذاب النار. ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله، ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب. ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله، وليخزي الفاسقين" [سورة الحشر من الآية 2 حتى الآية 5].

وأيضا فإنه بهذا قد انكسر من أهل البدع والنفاق بالشام ومصر والحجاز واليمن والعراق، ما يرفع الله به درجات السلطان، ويعز به أهل الإيمان.

(فصل) تمام هذا الفتح وبركته تقدم مراسم السلطان لحسم مادة أهل الفساد وإقامة الشريعة في البلاد، فإن هؤلاء القوم لهم من المشايخ والإخوان في قرى كثيرة من يقتدون به وينتصرون وفي قلوبهم غل عظيم، وإبطان معاداة شديدة لا يؤمنون معها على ما يمكنهم، ولو أن مباطنة العدو، فإذا أمسك رؤوسهم الذين يضلونهم مثل " بني العود" زال بذلك من الشر ما لا يعلمه إلا الله، ويتقدم إلى قراهم، وهي قرى متعددة بأعمال دمشق وصفد وطرابلس وحمص وحماة وحلب، بأن يقام فيهم شرايع الاسلام: الجمعة والجماعة، وقراءة القرآن، ويكون لهم خطباء ومؤذنون كساير قرى المسلمين، وتقرأ فيهم الأحاديث النبوية، وتنشر فيهم المعالم الإسلامية.

ـ[شهاب الدين]ــــــــ[10 - 02 - 04, 10:48 ص]ـ

الله عليك

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير