تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما حكام العرب والمسلمين الذين يشاهدون من قصورهم وعلى عروشهم الأشلاء الممزقة، مُبْلِسون ولا يحركون ساكنا، فمسؤوليتهم أعظم وحسابهم أشد، فبماذا يجيبون حين يَقْدُمون على ربهم؟ أَتُراهم معتذرين في موقف الحساب: ×رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا÷ ()، وكيف ينفعهم هذا وقد جاءهم من الله تعالى البلاغ: ×إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ÷ ()، بل الموقف يامعشر الحكام أشد من هذا وأفظع، فقد أخبر الله تعالى عن الأتباع وهم يتحاجون في النار مع السادة والكبراء بقوله تعالى: ×وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ÷ ()، فحينها لا ينصر أحد أحدا، ولا تنفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار.

هذا حال الحكام المتفرجين الذين لا يحركون ساكنا للدماء المؤمنة التي تجري، فكيف بهم وقد جعلوا من أنفسهم حراسا للعدو، وحزام أمن له.

رب قائل يقول: ماذا عسى المسلمون أن يفعلوا حكاما ومحكومين، المحكومون من الشعوب تمنعهم حكوماتهم حتى من الجهاد بالمال للعُدَّة والسلاح، فضلا عن الجهاد بالنفس، وذلك لأن من يُضبط متلبسا به يودع غياهب السجون، ويساق إلى مصير مجهول، وقد سنت هذا الدولة الكبرى المهيمنة في معسكرات (جوانتنامو) وصدرته إلى بلاد المسلمين باسم محاربة الإرهاب، هكذا قالت أمريكا، فصدقوها، ولم يصدقوا قول ربهم المتكرر تأكيدا، آمرا في سور عديدة بالجهاد بالنفس والمال، ولطول ما مُنعت الشعوب من هذا الواجب في الجهاد بالمال، صار نِسيا منسيا عند أكثر الناس، ولم يعد يخطر لهم على بال، ولا تحرك فيهم فاقة المجاهدين ومضة إيمان.

والحكام أيضا في نظر هذا القائل ليس في مقدورهم مواجهة الدولة الصهيونية المدججة بالأسلحة النووية، وهم لا يملكون من السلاح إلا ما يَصلح لحفظ النظام، فالعجز عذر الجميع!!

أقول: ليس الأمر كذلك، الحكام يملكون الكثير:

أولا ـ يُسألون لماذا هم ينفقون المليارات لشراء السلاح من العدو، إن لم يستعملوه وقت الحاجة اليه ودماء المسلمين تسفك؟ هل الغاية من الصفقات دعم مصانع العدو وتسويق سلاحه؟! ثم يبقى السلاح في مستودعاته حتى يتحول إلى خردة، أم وظيفته فقط حماية النظام، أو قتال الإخوة والجيران؟!

حتى لو كان استعمال هذا السلاح مع العدو غير متأت في الوقت الراهن، لمصلحة راجحة، وأسباب حقيقية، فهم يملكون أسلحة أخرى فعالة، لو استعملوها لتوقف العدوان، ولراجع المعتدون ومن وراءهم الحساب، فالسياسة كلها مصالح، ولا تقف الدول الكبرى مع العدو إلا لمصالحها معه، ولو استخدم العرب والمسلمون ما يملكون، الاستخدام الصحيح، وملكوا أمر أنفسهم في قراراتهم، لاختلف الحال، وانقلب الميزان، ولسعى لاسترضائهم من يقف وراء العدو بالتأييد والمال.

الحكام يملكون الأموال، ويملكون النفط، ويملكون التأثير في القرار السياسي في المحافل الدولية إن هم تكتلوا وصاروا يدا واحدة، فإذا لم يُستعمل هذا السلاح وغيره الآن، فمتى يُستعمل؟! أضعف الإيمان أن يقول الحكام العرب والمسلمون للغرب: لن تصل إليكم قطرة نفط حتى تتوقفوا عن دعم العدوان، وتكفوا عن الكذب والبهتان، كلمةٌ خالدةٌ قالها من قبل لقريش ثُمامة بن أُثال الصحابي الجليل ": =وَاللهِ لا يَأْتِيكُم مِن اليَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ *+ () وهو رجل واحد، ليس حاكما ولا دولة، فما بال الحكام وأصحاب الجيوش والصولجان لا يقولون؟! بل قد وجدنا من الدول والحُكَّام وأصحاب الجيوش من يحاصر بجيوشه مع العدو غزة، ولا يسمحون لها بفك حصار، أليس في ذلك عون مباشر وتواطؤ مع العدو، وغدر وخيانة للمسلمين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير