تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قد يتحججون بالعهود والاتفاقيات الدولية التي تُلزمهم بهذه الحراسة، وبالوقوف هذا الموقف البارد المتفرج، لكن هذه العهود والاتفاقات بعد الغدر صارت ملغاة بحكم القانون والقرآن، قال الله تعالى: × وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ? إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ? أَتَخْشَوْنَهُمْ ? فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ ? وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى? مَن يَشَاءُ ? وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ÷ ()، والقانون الدولي يبيح لكل دولة اعتدي عليها الدفاعَ عن نفسها، والدول المتفرجة تربطها مع باقي الدول العربية اتفاقيات دفاع مشترك، فلو اشتركت معها في الدفاع عن نفسها، لكانت في حل حتى في نظر القانون.

ليس كافيا من المسلمين وحكامهم وهم يرون ما حل بأهل غزة من دمار، أن يرسلوا حملات الإغاثة والدواء والكساء، فذلك يستوي فيه في الأزمات والمحنات الصليب الأحمر مع الهلال، والصديق مع العدو، ولا يُعد في باب النصرة للمجاهدين شيئا، كان عليهم أول ما بدأ القصف أن ينبذوا للعدو عهده ومواثيقه، ويقطعوا علاقاتهم به، ويطردوا سفراءه، ويلغوا مبادرات السلام ومفاوضاتهم واتصالاتهم معه، لأنه الذي غدر ونكث العهد، قال تعالى: ×وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى? سَوَاءٍ ? إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ÷ ()، هذا في الآية مع العدو الذي يُخاف غدره، فكيف بمن نكث وغدر بالفعل، مرارا وتكرارا؟

أما الشعوب العربية والإسلامية، المترفة، التي لا ترضى من كماليات الحياة إلا بما كان أمريكي الصنع، فعليها أن ترجع إلى رُشدها، وتشد الأحزمة على البطون، وترضى بمستوى أقل من ذلك، ثمنا للعزة، ونصرةِ من أوجب الله تعالى عليها نصرته، استجابة لأمر الله تعالى: ×وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ÷ ()، وللوقوف مع قضاياها ضد عدوها، حتى تُجبره على أن يحسب لها حسابا، وهذا السلاحٌ سلاح المقاطعة، كُلُّ مُسلمٍ يملكه، لا يحتاج إلى إذنٍ من حاكم، منصف أو جائر.

إنه ليتعين على الشعوب المسلمة اليوم أن تبدأ عملا جادا لإضعاف عدوها وإن كان قليلا، لكن يجب أن يكون طويلا، وله هدف ولو كان بعيدا، لا يكفي المسلمين رد الفعل الفوري بالسخط والغضب والتظاهرات، فذاك أمر محمود في حينه، لأنه وجه من وجوه النصرة التي أمر بها القرآن، لكن لا يعدو أن يكون في علاج قضيتهم مسكنات، اعتاد العدو على امتصاصه وتجاوزه، لأن عواقبه لديه مأمونة، ينتهي بانتهاء وقته، ولا امتداد له، ولا هدف يؤثر فيه على مصالحه، فقد جربه آمادا بعيدة، وجربه المسلمون أزمانا طويلة، والقضية على حالها، بل في كل عام هي أسوأ من الذي قبله، إذا لا بد من عمل وعلاج طويل المدى، يصحب المسكنات ليتعامل مع الداء.

من هذا العمل المتاح لكل أحد ولا يحتاج إلى إذن أحد أمور ثلاثة، فرطت فيهما الأمة من قبل على مدى ستين سنة من عمر القضية، وها نحن نجني عواقب التفريط.

الأمر الأول: على كل أحد أن يُجنِّد نفسه للمعركة ويفعل مقدوره، فالمعركة مع العدو فاصلة، دخلها بكل قوته ودعم كل حلفائه، فهي موجهة للأمة كلها، عليها جميعا أن تهب لصده، لأنه إن سفطت غزة ونحن نتفرج، فتيقط عواصم بعدها، عدونا واحد، لا يرعى فبنا إلا ولا ذمة، فالمعركة شاملة؛ الأغنياء بالمال، والأطباء بالعلاج، والدعاة بالتعبئة وإعلان الحهاد والخبراء العسكريون بالمشورة والتوجيه، والمدنيون بتقديم المقترحات والبدائل التقنية والآلية لما حُرم منه المجاهدون بسبب الحصار الظالم، ومنع ضروريات الحياة من الوقود والكهرباء ووسائل العيش الأخرى والمقاومة، لإسقاط ورقة العدو التي لا يفتأ يستخدمها بقفل المعابر وقطع الإغاثة والوقود، والمهندسون في الاتصالات وغيرها، عليهم أن يجدوا لأنفسهم أيضا دورا في المعركة هم أقدر على تصوره

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير