تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كما كشف الملف عن انشغال الدوائر البريطانية على مدى عام كامل في البحث عن مكان وجود الحاج أمين الذي تثبت الوثائق البريطانية براعته في التملص من الملاحقة والإفلات من عيون الرقباء على نحو مدهش، على رغم المكانة العربية والعالمية الرفيعة التي تمتع بها الرجل. وأوضحت محاولات المسؤولين البريطانيين المحمومة لمنعه من الوصول إلى ألمانيا لئلا يستغله الزعيم النازي أدولف هتلر في تحريض العرب والمسلمين ضد بريطانيا والحلفاء.

وكانت الصحف البريطانية اهتمت الأسبوع الماضي بعد إفراج وزارة الخارجية البريطانية عن الملف السري للحاج أمين، وتوقفت عند الشبه بين تلاعب الحكومة البريطانية في ملفات الاستخبارات عن أسلحة الدمار الشامل العراقية لتبرير الحرب على العراق في آذار (مارس) الماضي، وبين سعي الحكومة البريطانية عام 1941 الى تلطيخ سمعة مفتي القدس الأسبق بترويج إشاعات كاذبة مفادها العثور على ملفات في الصحراء الغربية في ليبيا تثبت تلقيه معونات مالية من حكومة بنيتو موسوليني الفاشية في إيطاليا حليفة ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي الملف على وثائق وحقائق تفوق أهميتها ما تقدم بكثير.

يضم الملف مجموعة كبيرة من المراسلات بين الوزارات البريطانية الثلاث، الخارجية والمستعمرات والدفاع، مع السفراء وغيرهم من الممثلين والديبلوماسيين البريطانيين في منطقة الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا محورها الحاج أمين ونشاطه السياسي وتحركاته. وتغطي الوثائق فترة عام كامل من كانون الأول (ديسمبر) 1940 إلى كانون الأول (ديسمبر) 1941، وهي الفترة التي شهدت اندلاع الحرب العالمية الثانية.

وانطلاقاً من أهمية الموضوع بالنسبة الى تاريخ الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية بالذات بادرت "الحياة" للاطلاع على الملف وحصلت من أرشيف وزارة الخارجية البريطانية في حي كيو جنوب غربي لندن على نسخة مصورة منه، ودققت في الوثائق والمعلومات الواردة فيه، وأجرت اتصالا مع مسؤولين في وزارة الخارجية للحصول على توضيحات منهم، خصوصاً عن سبب السرية التي شُمل بها الملف لمدة تزيد عن ستين عاماً، في حين تكشف الحكومة البريطانية عن ملفاتها السرية عادة بعد انقضاء ثلاثين عاماً عليها. كما طلبت من الأكاديمي الفلسطيني المعروف الدكتور موسى البديري أستاذ التاريخ والعلوم السياسية في جامعة بير زيت إعطاء رأيه في المعلومات التي تضمنتها الوثائق وأهميتها التاريخية.

وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة البريطانية حاولت إلقاء القبض على الحاج أمين عام 1938، بسبب معارضته مقترحاتها لتسوية الصراع في فلسطين والتي أطلق عليها إسم "الكتاب الأبيض" الذي صدر على أثر ثورة عام 1936 ضد الانتداب البريطاني في فلسطين في محاولة لتهدئة غضب الفلسطينيين. وجرت مطاردة الزعيم الفلسطيني في فلسطين، حيث قيل انه اختبأ لمدة طويلة داخل الحرم القدسي الشريف قبل أن يتمكن من الهرب من فلسطين بزي امرأة بواسطة سيارة تابعة لديبلوماسي عراقي، ووصل إلى دمشق التي كانت خاضعة للسيطرة الفرنسية. كان ذلك قبل اندلاع الحرب، ولم تتوقف محاولات بريطانيا لمطاردة الحاج أمين حتى في دمشق، مما اضطره إلى الهرب في عام 1940 إلى العراق، بعد تعيين رشيد عالي الكيلاني رئيسا للوزراء. لكن ما لبث الكيلاني أن دبر انقلاباً عسكرياً بمساعدة الجيش ضد العائلة المالكة التي لجأت إلى طهران وتسلم الكيلاني الحكم في العراق، فاضطرت بريطانيا التي كانت تخشى من ميول الكيلاني تجاه ألمانيا للتدخل عسكرياً في أيار (مايو) 1941 وأفشلت الانقلاب وأعادت العائلة المالكة إلى بغداد، فهرب الكيلاني إلى تركيا، أما الحاج أمين فاختفت آثاره، ويعتقد أنه فر إلى إيران، فواصلت بريطانيا مطاردته.

وفي ما يأتي عرضاً لمعظم الوثائق التي تضمنها الملف والتي تغطي هذه الفترة:

تتناول مجموعة الوثائق المنشورة في هذه الحلقة من الملف السري الذي أفرجت عنه وزارة الخارجية البريطانية المرحلة الأخيرة من المطاردة التي قامت بها بريطانيا العظمى ضد الزعيم الفلسطيني مفتي القدس السابق الحاج أمين الحسيني في بداية الحرب العالمية الثانية، وتكشف كيف أنها بدأت تسير في هذه المرحلة بشكل محموم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير