تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما الاستدلال على نجاسة الخمر بحديث أبي ثعلبة الخشنى عند أبي داود والترمذي والحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر برحض آنية أهل الكتاب لما قال له إنهم يشربون فيها الخمر ويطبخون فيها لحم الخنزير فإن المراد بأمره صلى الله عليه وسلم بالغسل أن يزيلوا منها أثر ما يحرم أكله وشربه ولا ملازمة بين التحريم والنجاسة كما عرفت

ولفظ الحديث إن وجدتم غيرها فكلوا فيها واشربوا وإن لم تجدوا غيرها فارحضوها بالماء وكلوا واشربوا

وفي لفظ الترمذي أنقوها غسلا وأطبخوا فيها

فهذا يدلك على أن الكلام في الأكل والشرب فيها والطبخ لما يطبخونه فيها تحذير من اختلاط مأكولهم ومشروبهم بمأكول اهل الكتاب ومشروبهم للقطع بتحريم الخمر والخنزير

ومما يؤيد ما ذكرناه ما أخرجه أحمد وأبو داود عن جابر قال كنا نغزو مع رسول الله

ص37

صلى الله عليه وسلم فنصيب من آنية المشركين واسقيتهم فنستمتع بها فلا يعيب ذلك عليهم

وأخرج أحمد عن أنس أن يهوديا دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابه

قوله والكلب

اقول استدلوا على ذلك بحديث إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم الحديث وهذا حكم مختص بولوغه فقط وليس فيه ما يدل على نجاسة ذاته كلها لحما وعظما ودما وشعرا وعرقا وإلحاق هذه بالقياس على الولوغ بعيد جدا ولا سيما مع حديث ابن عمر عند أبي داود والاسماعيلي وأبي نعيم والبيهقي بلفظ كانت الكلاب تبول في المسجد وتقبل وتدبر زمان رسول الله فلم يكونوا يرشون شيئا وأخرجه البخاري بدون لفظ تبول ولكن ذكره الأصيلي في رواية إبراهيم بن معقل عن البخاري بزيادة لفظ تبول وهذا مما يقوي الاقتصار على إفادة حديث الولوغ وذلك لحكمة للشارع لا نعقلها والواجب علينا العمل بما دلت عليه النصوص وإن لم نعقل الحكمة التي وردت لها

ص38

ومما يدل على ما ذكرناه إيجاب التسبيع والتتريب فإنه مخالف لما ورد في غسل سائر النجاسات ومما يؤيد ما ذكرناه من الاختصاص لحكمة لا نعقلها

قوله والخنزير

اقول استدلوا على ذلك بقوله تعالى أو لحم خنزير فإنه رجس ويجاب عنه بما قدمنا من أن المراد بالرجس هنا الحرام كما يفيده سياق الآية والمقصود منها فإنها وردت فيما يحرم أكله لا فيما هو نجس فإن الله سبحانه قال قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أي حرام

ولا تلازم بين التحريم والنجاسة فقد يكون الشيء حراما وهو طاهر كما في قوله حرمت عليكم أمهاتكم ونحو ذلك واستدلوا ايضا بحديث ابي ثعلبة الخشني المتقدم وفيه الآمر بغسل آنية أهل الكتاب معللا ذلك بأنهم يطبخون فيها لحم الخنزير ويشربون فيها الخمر وقد قدمنا أن إيجاب الغسل لإزالة ما يحرم أكله وشربه لا لكونه نجسا فإن ذلك حكم آخر غير مقصود للشارع وعلى تقدير الاحتمال تنزلا فلا ينتهض المحتمل للاحتجاج به على محل النزاع

قوله والكافر

أقول استدلوا بقوله تعالى إنما المشركون نجس وهذا الدليل فيه التصريح بأنهم نجس ولكنه ورد ما يدل على أن هذه النجاسة ليست النجاسة الحسية بل النجاسة الحكمية ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما أنزل ثقيف المسجد قيل يا رسول الله أتنزلهم المسجد وهم أنجاس فقال صلى الله عليه وسلم ليس على الأرض من أنجاس القوم شيء إنما أنجاس القوم على أنفسهم.

ومن ذلك ما ثبت في الصحيح من أمره صلى الله عليه وسلم لأصحابه أن يشربوا وتوضؤا من مزادة المشركة

ومن ذلك أكله صلى الله عليه وسلم لطعام المشركين وتسويغه لوطء المشركات المسبيات قبل إسلامهن وغير ذلك

ص39

وورد في أهل الكتاب خاصة وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ونزل القرآن بحل نكاح نسائهم

وأما الاستدلال بحديث أبي ثعلبة من أمره صلى الله عليه وسلم بغسل آنيتهم فقد تقدم أن ذلك لأجل أنهم يشربون فيها الخمر ويطبخون فيها الخنازير وقد أوضحنا ذلك فيما تقدم وقد أخرج أحمد وابو داود من حديث جابر قال كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصيب من آنية المشركين واسقيتهم فنستمتع بها ولا يعيب ذلك عليهم

قوله وبائن من حي ذي دم حلته حياة غالبا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير