تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإذا تقرر لك هذا وعلمت به أن الأصل طهارة الدم لعدم وجود دليل ناهض يدل على نجاسته فاعلم أنه قد انتهض الدليل على نجاسة دم الحيض لا لقوله سبحانه ويسألونك عن المحيض قل هو أذى

ص45

فإن ذلك ليس بلازم للنجاسة فليس كل أذى نجس بل بما صح عنه صلى الله عليه وسلم من الأمر بغسله وبقرصه وبحته وبحكه وتشديده في ذلك بما يفيد أن يكون إزالته على وجه لا يبقى له اثر فأفاد ذلك أنه نجس فيكون هذا النوع من أنواع الدم نجسا ولا يصح قياس غيره عليه لأنه من قياس المخفف على المغلظ

وبهذا تعرف أنه لا حاجة إلى الكلام عن استثناء ما استثناه المصنف رحمه الله من تلك الدماء

فصل

والمتنجس إما متعذر الغسل فرجس وإما ممكنه فتطهير الخفية بالماء ثلاثا ولو صقيلا والمرئية حتى تزول واثنتين بعدها او بعد استعمال الحاد المعتاد وإما شاقة فالبهائم ونحوها والأطفال بالجفاف ما لم تبق عين والأفواه بالريق ليلة والأجواف بالإستحالة والآبار بالنضوب وبنزح الكثير حتى يزول تغيره إن كان وإلا فطاهر في الأصح والقليل إلى القرار والملتبس إليه أو إلى أن يغلب الماء النازح مع زوال التغير فيهما فتطهر الجوانب المداخلة وما صاده الماء من الأرشية والأرض الرخوة كالبئر

قوله فصل والمتنجس إما متعذر الغسل فرجس

أقول كان الأولى أن يقال فنجس لأن الرجس يطلق على معاني الحرام والقذر والعذاب والنجس وليس مقصود المصنف هنا إلا النجس والمراد من الكلام أن ما تعذر تطهيره فحكمه حكم نجس العين في تحريمه وعدم جواز الانتفاع به لقوله صلى الله عليه وسلم

46

في حديث الفأرة وإن كان مائعا فلا تقربوه فإن النهي عن قربانه يدل على عدم جواز الانتفاع به بوجه من وجوه الانتفاع وغير الفأرة مما هو في حكمها من الحيوانات مثلها وغير السمن من المائعات مما لا يمكن تطهيره مثله ولكنه أخرج الطبراني في الأوسط من حديث ابن عمر مرفوعا اطرحوها وما حولها وكلوه إن كان جامدا قالوا يا رسول الله فإن كان مائعا قال انتفعوا به وفي إسناده عبد الجبار بن عمر قال ابن سعد ثقة وضعفه جماعة وهو لا يصلح لمعارضة حديث وإن كان مائعا فلا تقربوه فإنه أرجح من هذا الحديث وجانب الحظر مقدم على جانب الإباحة قوله وإما ممكنة فتطهير الخفية بالماء ثلاثا أقول أعلم أن التعبد ورد بإزالة النجاسة ورفع أثرها ومحو عينها إما على جهة الاستقصاء وعدم بقاء شيء من العين أو اللون كما ورد في دم الحيض من حديث ام قيس بنت محصن الثابت عند أحمد وابي داود والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان بلفظ حكيه واغسليه بماء وسدر وهو حديث صحيح وكما في حديث التسبيع والتتريب من ولوغ الكلب فإنه قد يولغ في محو أثر اللعاب هذه المبالغة ودع عنك الاختلاف في العلة التي وقع ذلك لأجلها فإنه أمر وراء ما تعبدنا به وقد تعبدنا بأن نصنع هذا الصنع في دم الحيض ولعاب الكلب سواء عقلنا العلة وفهمناها أم لا فإن هذا هو الواجب علينا بل يجب

47

علينا اتباع ما أمر به الشارع وإن كان مبنيا على الشك والاحتياط كما في حديث إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري اين باتت يده فإذا قال المتفقه الذي لم يتعقل الحجة كما ينبغي إن الأصل الطهارة وعدم وقوع النجاسة في اليد بمجرد النوم قلنا هذا حكم شرعه لنا من شرع لنا الصلاة والزكاة والصيام والحج فدع عنك الرجوع إلى الأصل فإن ذلك مع ورود الدليل لا يغني من الحق شيئا نعم لو لم يرد الدليل لكان الرجوع إلى الأصل هو الحكم الذي توجبه البراءة الأصلية حتى ينقل عنها ناقل صحيح وإما لا على جهة الاستقصاء وذلك كحديث صب الذنوب من الماء على بول من بال في المسجد وحديث الرش من بول الغلام وهو في الصحيحين وغيرهما وكما في حديث النعل إذا رأى به قذرا ثم الأمر بالصلاة فيه وهو حديث صحيح وأحاديث إن الأرض التي فيها القذر يطهرها المروربأرض لا قذر فيها وحديث رش المذي بكف من ماء وحديث

48

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير