تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المقصود – يا عبدَ الله – أنه يقرر – رحمه الله تعالى – أنه يؤمن بالحوض والميزان، والمقصود بذلك الإقرار بكل ما جاء في اليوم الآخر، من الإيمان بيوم القيامة، وما جاء في القرآن والسنة من ما يقع فيه من أمور.

ومن بينها: الإيمان بالميزان، والميزان هو الذي توزن به الأعمال عند الله – سبحانه وتعالى - وهو حق آمن أهل السنة والجماعة، وخالفت فيه: الجهمية، والمعتزلة، وبعض الفرق الأخرى، وزعموا أن الميزان، أنه مؤول، وأولوه بتأويلات فاسدة، أولوه بالعدل، ولم يقروا بالميزان، وأهل السنة والجماعة دائما أسعد بالدليل؛ لأنهم يقفون عند حدود النصوص، فيؤمنون بما جاء في الكتاب والسنة، وقد أجمع أهل السنة على أن الميزان حق، وأنه يكون في عرصات القيامة، وأنه توزن فيه الأعمال، والله أعلم بكيفية الوزن، لكن نؤمن بأنها توزن، بأان الأعمال توزن، أما الكيفية والكُنْهُ فنكله إلى الله - سبحانه وتعالى -.

قال الله جل وعلا – وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} الأنبياء: 47 {.

وقال تعالى فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ} القارعة: 6 - 11 {.

وقال – جل وعلا – فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} المؤمنون: 102 – 103 {.

وغير ذلك من الآيات الدالة على ثبوت الميزان، بل هي موازين، وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من حديث أبي مالك الأشعري الذي جاء فيه ( .. والحمد تملأ الميزان).

وقال – صلى الله عليه وسلم – وهو آخر حديث في صحيح الإمام البخاري: كلمتان خفيفتان على اللسان، حبيبتان إلى الرحمان، - الشاهد أين هو؟ -: ثقيلتان في الميزان.

وثبت من حديث البطاقة أنه توضع (لا إله إلا الله) في كفة، وسجلات الذنوب في كفة؛ فتطيش السجلات، وتثقل البطاقة، التي كتبت عليها (لا إله إلا الله) فيدخل الجنة.

وقول الله – سبحانه وتعالى – فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} الزلزلة: 7 - 8 {.

وأهل السنة – كما قلنا – مجمعون على أن الميزان حق، كغيره مما يقع في عرصات القيامة.

وأنكرتِ المعتزلةُ ومن لَفَّ لفهم ذلك، وقالوا: لا يوجد ميزان إلا ميزان الفَوَّالِ، والبَقَّالِ – والعياذ بالله -، وأنكروا النصوص الشرعية الثابتة من كتاب الله – عز وجل – وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم –، وأوَّلُوها كما هي عاداتهم.

ثم ذكر الشيخ – رحمه الله – إيمانه بالحوض، وهذا – أيضا – قد أنكرته المعتزلةُ؛ لأنهم يُخْضِعُونَ النصوصَ لعقولِهم الفاسدة، وآرائهم الكاسدة، ولا يعملون النصوص الشرعية؛ فإن كانت سنة ردوها، وإن كانت قرآنا أوَّلُوه – والعياذ بالله -.

فهنا يقرر الإيمان بالحوض، وهو حوض رسول الله – صلى الله عليه وسلم –، الحوض العظيم الذي طوله مسافة شهر، وعدد آنيته عدد نجوم السماء، وهو أشدُّ بياضًا من اللبن، وأبردُ من الثلج، وأحلى من العسل، من شرب منه شربة = لا يظمأُ بعدها أبدًا؛ ولذلك دعا في آخر البيت أن يسقيه الله – تعالى – منه شربة ترويه بحيث لا يظمأُ بعدها أبدًا، كما وعد النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – المؤمنين بذلك.

أحاديث الحوض متواترة، وهو حوض يصب فيه الكوثر - يشخب فيه إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} الكوثر: 1 – 3 {.

ولكل نبي حوض، وأكبرها وأعظمها حوض نبينا – صلى الله عليه وسلم –.

ثبت في الصحيح أنه يدفع عنه أقوام، ويذاذون عنه، ويختلجون دونه؛ فيقول الني – صلى الله عليه وسلم –: ربي! أمتي، أمتي.

فيقال: إنهم ليسوا من أمتك. إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك؛ إنهم غيروا وبدلوا.

فيقول النبي – صلى الله عليه وسلم –: سحقا! سحقا! لمن غَيَّرَ، وبَدَّلَ.

ومعنى (سحقا) أي: بُعْدًا، بُعْدًا لمن غَيَّرَ، وبَدَّلَ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير