قال الله – عز وجل - في حق المهاجرين لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} الحشر: 8 {هؤلاء المهاجرون.
وقال في الأنصار وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الحشر: 9 {
ثم قال في حق بقية الصحابة وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} الحشر: 10 {.
ومما يجدر التنبيه له: الكف عما شجر بينهم، ومما حصل من فتن، بسبب من اندسوا في الإسلام من أمثال عبد الله بن سبأ اليهدوي – قاتله الله -، وغيره من المندسين؛ فحدثت فتن في عهد الصحابة؛ فلا يجب أن نلوك أعراضهم، ولا يجوز أن نستغل هذه الأحداث للنيل من أحد منهم، سواء ما جرى في وقعة الجمل بين علي، وطلحة، والزبير – رضي الله عنهم أجمعين -، وأم المؤمنين الطاهرة المطهَّرة، الصدِّيقة بنت الصديق عائشة – رضي الله عنها -، أو ما جرى بين علي، ومعاوية، وعمرو بن العاص – رضي الله عنهم أجمعين – في صفين، وفي غير صفين، بل يجب أن نكف عن الخوض في هذه القضايا، إلا بقدر ما تذكر الواقعة؛ لبيان الواقع؛ للتحذير من الفتن، ثم الكف عن ذلك بعدُ، ولا يجوز أن نعتمد على روايات المسعودي، واليعقوبي الرافضيين فيما يتعلق بما جرى بين الصحابة؛ فإن أكثر ما ينسب، وينسج في هذين الكتابين، من روايات الواقدي، والكلبي، وغيرهما = كله لا يصح، وإنما هي من مخترعات أهل البدع والزيغ والضلال؛ فيجب أن نحذر من ذلك، وأن نكف عما شجر بين الصحابة.
يقول علي – رضي الله عنه – بعد انتهاء موقعة الصفين والجمل، وغيرهما، وبعد أن ندم الصحابة على ما جرى بسبب بعض المندسين، يقول علي – رضي الله عنه -: إني لأرجو أن أكون أنا، وطلحة، والزبير، ومعاوية؛ ممن قال الله فيهم وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} الحجر: 34 {.
ونزعنا ما صدورهم من غل – رضي الله عنهم، وأرضاهم، وأخزى الله من أبغضهم وقلاهم -.
يقول عمر بن عبد العزيز – رحمه الله -: أولئك قوم طهر الله أيدينا، وسيوفنا من دمائهم؛ فلنطهر ألسناتنا من أعراضهم.
وأكثر الروايات التاريخية التي تتداول في مدارسينا – ويا للأسف! – أكثرها غير صحيحة؛ ولذلك يجب على المسلم أن يأخذ الروايات المحققَّة الصحيحة؛ ويكاد قسم التاريخ في الجامعة الإسلامية – ولله الحمد والمنة – بالمدينة النبوية، أن يغطي كلَّ هذه الأحداث مع الدقة في البحث عن الروايات الصحيحة، وتفنيد الروايات الباطلة، ولا سيما ما نسجه المبتدعون، والمنحلون حول قضية التحكيم، وما زيد فيها، ونقص، وما حيك حولها من حكايات باطلة لا تصح، ولا تثبت عن الصحابة، ومن أراد التوسع في هذا فليقرأ كتاب (العواصم من القواصم) لابن العربي، وليس النكرة ابن عربي! ابن العربي المالكي الإشبيلي المعارفي القرطبي أبو بكر – رحمه الله تعالى - في كتابه المعروف بـ (العواصم من القواصم)، واقرأوا من الكتب الحديثة كتاب (الانتصار للصحب والآل في الرد على السماوي الضال) لأخينا فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم الرحيلي – حفظه الله –.
وكثير من الكتب في الرد على المبتدعة في هذا الباب؛ فينبغي للمسلمين أن يتنبهوا.
أغرب ما مر عليّ في هذا الباب أن باحثا أكادميا، أستاذا جامعيا أرسل إليَّ بحثا من بلد ما من بلاد المسلمين يريد أن أقومه له؛ ليترقى به إلى درجة أستاذ مشارك، وهي درجة معروفة عند الأكادميين، والجامعيين، الكتاب بعنوان (خدعة التحكيم) تصوروا ماذا في هذا الكتاب – عباد الله! – ماذا في هذا الكتاب؟
¥