تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقرر – في هذا البيت – وجوب الإيمان بالصراط، والصراط هو جسر ينصب على متن جهنم – كما سمعنا قبل قليل في آيات مريم - وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} مريم: 71 – 72 {، وهو جسر صغير في حجمه، لكنَّ المؤمنين يثبتون عليه، ودعاءُ الأنبياء أثناء المرور على الصراط (اللهم سلم سلم)، والناس يمرون عليه بحسب أعمالهم: فمنهم من يمر كالبرق الخاطف، ومنهم من يمر كأجاود الخيل، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يعدو عدوًا، ومنهم من يركض ركضًا، ومنهم يزحف زحفا، ومنهم من يريد العبور؛ فتتخطفه كلاليب جهنم فيكردس فيها – والعياذ بالله -.

نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن يتجاوز الصراط بسلام؛ انتبهوا دعاء الأنبياء كيف؟ (اللهم سلم سلم).

فالصراط حق يجب الإيمان به، وقد جاء بيانه في القرآن وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} مريم: 71 {أي المقصود المرور عليها؛ لأن هذا الجسر يقسم جهنم نصفين، فيمر الناس عبره، أو من خلاله على حسب أعمالهم.

وكذلك: هذا أنكرته المعتزلة، وأنكرته بعض الطوائف الضالة، والحق أنه جسر ثابت ينصب على متن جهنم، يمر الناس من فوقه، ولا يضر المؤمنين؛ فإنهم يمرون كصلاة يؤديها أحدُنا، وأما الكافرون فإنهم يكردسون في النار، يلقون فيها، ولا يستطعون المرور على الصراط، نسأل الله أن يقينا وإياكم أهوال ذلكم اليوم.

((المتن))

والنَّارُ يَصْلاها الشَّقيُّ بِحِكْمَةٍ ///وكذا التَّقِيُّ إلى الجِنَانِ سَيَدْخُلُ

((الشرح))

في هذا بيان أن الشيخ يؤمن – كما يؤمن أهل السنة قاطبة – بأن المؤمنين سيدخلون الجنة، وأن الكفار سيدخلون النار، وأن الناس تتفاوت دراجاتهم، في ذلك، كما أن دركات أهل النار تتفوت، والجنة حق، والنار حق، يجب الإيمان بهما، وأنهما مخلوقتان موجودتان - الآن -، وأن الله قد أقسم أنَّ لكل واحدة منها مِلْأََهَا لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} هود: 119 {و} السجدة: 13 {.

فلكل عليه ملؤها، كما وعد – سبحانه وتعالى - وهو لا يخلف المعياد.

فأما الجنة فيدخلون إلى الرحمان وفدا، وكلمة وفد تشعر بالهدوء، والطمأنينة، والاستقرار، والكافرون يحشرون إلى جهنم وردا كناية عن السرعة، وسرعةالانغماس فيها – والعياذ بالله – والتكردس فيها؛ ولذلك قال عن أهل الجنة حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} الزمر: 73 {.

انتبهت؟! الواو تدل على الطمأنينة، والهدوء، والأمن، لكن الكفار قال:حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} الزمر: 71 {– والعياذ بالله - نعوذ بالله وإياكم من هذا المصير -. ما فيه إمهال؛ حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا} الزمر: 71 {.

إذًا الجنة والنار حق مخلوقتان موجودتان - الآن -، ومن أنكرهما كفر؛ لأنهما ضمن الإيمان باليوم الآخر الذي هو أحد أركان الإيمان الستة، ومن أدلة وجود الجنة – الآن - قول الله - عز وجل - چأُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ} آل عمران: 133 – 134 {، وكذا قول الله - عز وجل - أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} الحديد: 21 {، ومن السنة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (لقيت ليلة أسري بي إبراهيم؛ فقال: اقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم بأن الجنة قيعان، وأنها طيبة التربة، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.

وقول النبي – صلى الله عليه وسلم – (اطلعت على الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطللعت على النار فرأيت أكثر أهلها النساء).

ووصفه – صلى الله عليه وسلم – للمجاهدين الخُلَّص وبشارتهم بالجنة في القرآن وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} آل عمران: 169 {. الذين جاهدوا لتكون كلمة الله هي العليا، وليس أصحاب المطامع، ولا أصحاب التوجهات الذين يكفرون عباد الله الصالحين، ويزعمون أنهم على الحق، وغيرهم على الباطل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير