تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تغير بعض أوصافه فهو متنجس لبقاء ما هو سبب النجاسة كما تقدم وأما النهي عن البول في الماء الدائم فليس تخصيص الدائم إلا لكون تأثير ما وقع فيه من النجاسات أكثر من تأثيرها فيما ليس بدائم وهذا الكلام في الراكد أسفله الفائض أعلاه الاعتبار بزوال التغير ولا اعتبار بفيض أعلاه كما أنه لا اعتبار بمجرد الجري مع بقاء التغير

54

باب المياه فصل إنما ينجس منها مجاور النجاسة وما غيرته مطلقا أو وقعت فيه قليلا وهو ما ظن استعمالها باستعماله أو التبس أو متغيرا بطاهر وإن كثر حتى يصلح وما عدا هذه فطاهر قوله باب المياه فصل إنما ينجس منها مجاور النجاسة أقول هذا رأي بحت ليس عليه أثارة من علم وما ورد في حديث الفأرة إذا وقعت في السمن فإنها تلقى وما حولها إذا كان جامدا فليس ذلك لأجل النجاسة بل لأجل الاستخباث وعدم جواز الأكل ثم هذا الحكم فيما كان جامد إلا فيما كان مائعا وقد عرفناك غير مرة أنه لا ينجس من المياه إلا ما غيرته النجاسة بنص خلق الماء طهورا إلا أن يتغير ريحه أو لونه أو طعمه وهذه الزيادة قد اتفق الحفاظ على ضعفها وإن وردت من طريق ولكنهم اتفقوا على العمل بها كما نقل ذلك غير واحد من الأئمة والفقهاء وكان العمل بها متعينا من الإجماع على العمل بها لأنها تصير بذلك من المتلقى بالقبول وما كان كذلك فهو مما يجب العمل به كما تقرر في الأصول فالحاصل أنه لا اعتبار بالمجاورة ولا هي مما يوجب الحكم بالنجاسة إلا إذا غيرت فما تغيرت احد أوصافه كان نجسا سواء كان قريبا من النجاسة أو بعيدا قوله أووقعت فيه قليلا اقول ليس مجرد وقوع النجاسة في القليل مقتضيا لصيرورته نجسا ولا ثبت ما يدل على ذلك لا بمطابقة ولا تضمن ولا التزام بل المعتبر أن تؤثر فيه النجاسة تغيرا فإن حصل

55

ذلك فقد ضعف عن حمل النجاسة وصار متنجسا وإن لم يحصل ذلك فلا تؤثر النجاسة الواقعة فيه شيئا ويكون حكمه الحكم الذي كان له قبل وقوعها فيه وهو الطهارة فاعرف هذا قوله وهو ما ظن استعمالها باستعماله أقول إن كان الظن هو ظن العقلاء المتشرعين فهو لا يكون إلا عند تأثير النجاسة في الماء بجرمها أو لونها أو طعمها أو ريحها وهذا لا يخالف ما قررناه بأنه لا ينجس إلا ما غيرته النجاسة وإن كان هذا الظن هو ظن أهل الشكوك والوسوسة في الطهارة فلم يقل بذلك أحد من المسلمين أجمعين فلا مخالفة بين هذا القول والقول بأنه لا ينجس من الماء إلا ما غيرته النجاسة وأما حديث القلتين فغاية ما فيه أن ما بلغ مقدار القلتين لا يحمل الخبث فكان هذا المقدار لا يؤثر فيه الخبث في غالب الحالات فإن تغير بعض أوصافه كان نجسا بالإجماع الثابت من طرق متعددة وبتلك الزيادة التي وقع الإجماع على العمل بها في حديث خلق الماء طهورا فيكون إطلاق حديث القلتين مقيدا بذلك حملا للمطلق على المقيد وأما ما كان دون القلتين فلم يقل الشارع إنه يحمل الخبث قطعا وبتا بل مفهوم حديث القلتين يدل على أن ما دونهما قد يحمل الخبث وقد لا يحمله فإذا حمله فلا يكون ذلك إلا بتغير بعض أوصافه فيقيد مفهوم حديث القلتين بحديث التغير المجمع على قبوله والعمل به كما قيد منطوقه بذلك

56

وبهذا تعرف أنه لا مخالفة بين الأحاديث الواردة في هذه المسألة وأن الجمع بينها بما ذكرناه متحتم وأما الاستدلال بمثل حديث دع ما يريبك إلا ما لا يريبك واستفت قلبك فليس فيهما إلا الإرشاد إلى الورع والتوقف عند الاشتباه وتوقي المشتبهات وليس ما نحن بصدده من ذلك القبيل لورود الشريعة الواضحة الطاهرة في شأنه وليس في مخالفتها بمجرد الشكوك والوسوسة إلا الاثم على فاعل ذلك قوله أو متغيرا بطاهر أقول تغير الماء بالطاهر لا تأثير له في أن وقوع النجاسة فيه وهو كذلك يصيره متنجسا ولا ورد ما يدل على هذا لا من كتاب ولا من سنة ولا من قياس صحيح فلا يخرج عن كونه طاهرا إلا بتغير بعض أوصافه كما قررنا ذلك في كثير من هذه المسائل المتقدمة نعم إذا تغير بذلك الطاهر حتى خرج عن اسم الماء المطلق بأن يطلق عليه اسم خاص كماء الورد ونحوه فهو طاهر في نفسه غير مطهر كما سيأتي فصل وإنما يرفع الحدث مباح طاهر لم يشبه مستعمل لقربة مثله فصاعدا فإن التبس الأغلب غلب الأصل ثم الحظر ولا غير بعض أوصافه مما زج إلا مطهر أو سمك متوالد فيه لا دم له أو أصله أو مقره أو ممره ويرفع النجس ولو

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير