ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[22 - 01 - 09, 02:49 م]ـ
شِعْرًا:
دَعُونِي عَلَى نَفْسِيْ أَنُوحُ وأَنْدُبُ
(بِدَمْعٍ غَزِيرٍ وَاكِفٍ يَتَصَبَّبُ
(دَعُونِي عَلَى نَفْسِيْ أَنُوحُ فإِنَّني
(أَخُافُ على نَفْسِي الضَّعِيفةِ تَعْطَبُ
(وَإِنِي حَقِيقٌ بالتَضرُّع والبُكَا
(إذا مَا هَذَا النُّوامُ واللَّيْلُ غَيْهَبُ
(وَجَالَتْ دَوَاعِي الحُزِنِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ
(وغَارَتْ نُجُومُ اللَّيْلِ وانْقضَّ كَوْكَبُ
(كَفَى أَنَّ عَيْنِي بِالدُمُوعِ بَخِيْلَةٌ
(وأَنِّي بآفَاتِ الذُنُوبِ مُعَذَّبُ
(فَمَنْ لِي إِذا نَادَىَ المُنادِي بِمَنْ عَصَى
(إِلَى أَيْنَ إِلْجَائِي إِلَى أَيْنَ أَهْرُبُ
(وَقَدْ ظَهَرَتْ تِلْكَ الفَضَائِحُ كُلُّهَا
(وَقَدْ قُرِّبَ المِيزانُ والنارُ تَلْهَبُ
(فَيَا طُولَ حُزْنِي ثُمَّ يَا طُولَ حَسْرَتِي
(لَئِنْ كُنْتُ في قَعْرِ الجحِيمِ أُعَذَّبُ
(فَقَد فَازَ بالمُلْكِ العَظيمِ عِصَابةٌ
(تَبيتُ قِيَامًا في دُجَى اللَّيلِ تَرْهَبُ
(إِذا أَشْرَفَ الجَبَّارُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ
(وقد زُيِّنتْ حُورُ الجِنانِ الَكوَاعِبُ
(فَنَادَاهُمُ أَهْلاً وسَهْلاً وَمَرْحَبًا
(أَبَحْتُ لَكُمْ دَارِي وما شِئْتُمُ اطْلُبُوا
(قال العلماءُ: وتعظُمُ الصغيرةُ بأسبابٍ منها: أنْ يَسْتَصْغِرَها الإِنسانُ ويَسْتَهينَ بها فلا يَغْتمَّ بسبَبِها ولا يُبَالي، ولكنَّ المؤمنَ المُجِلَّ للهِ المُعَظِّمَ له هو المستعظمُ لِذَنْبِهِ وإنْ صَغُر فإنَّ الذنْبَ كُلَّما استعظَمَهُ العَبْدُ َصَغُرَ عِنْدَ اللهِ تعالى وكُلَّما استصغرَهُ كَبُرَ عِنْدَ اللهِ تعالى فإنَّ استعظامَهُ يَكونُ عَنْ نُفُورِ القلبِ مِنْهُ وكَراهيَتِهِ لَهُ.
قال ابنُ مسعودٍ: إنَّ المؤمنَ يَرَى ذَنْبَهُ كَأَنَّهُ في أَصلِ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الفَاجِرَ يَرَى ذَنْبَهُ كذُبابٍ وقَعَ على أنفِهِ فقال بِهِ هَكَذَا، أخْرجاه في الصحيحين. وفي البُخاري مِنْ حَديثِ أنسٍ رضي الله عنه:
إنكُمْ لَتَعْلَمون أَعْمَالاً هِي أَدَقُّ في أعْينِكُم مِنْ الشَّعْر كُنَّا لَنَعُدُّها على عَهدِ رسولِ اللهِ ? مِنَ المُوبِقَاتِ.
وقَالَ بلالُ بنُ سعدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لا تَنْظُرْ إِلى صِغَرِ الخَطِيئةِ ولكنْ انظُرْ إلى عَظَمَةِ مَنْ عَصَيْتَ. ومنها: السُرورُ بِها والتَبَجُّجُ بسبَبها واعتِقَادُ التَّمَكُّنِ منها نِعْمةً حتى إنَّ المُذنِبَ المُجاهِر بالمَعَاصِي لَيَفْتخِرُ بها فيقولُ: ما رَأَيْتَنِي كَيف شَتَمتُهُ وكَيْفَ مَزَّقْتُ عِرْضَه وَكَيْفَ خَدَعْتُهُ في المُعَامَلةَ.
ومنها: أن يَتَهَاونَ بِستْرِ اللهِ عَلَيهِ.
ومنها: أن يُجاهِرَ بالذنْبِ ويُظْهِرَهُ وَيَذْكُرَهُ بَعْدَ فِعْلِهِ، وقد قال ?: «كلُ أُمَّتِي مُعًافى إِلا المُجاهِرُون». ومِنها أنْ تَصْدُرَ الصغيرةُ عنْ عالمِ يُقْتَدَى بِهِ فَذَلِكَ عظيمٌ، لأَنه يَتْبَعُهُ عليها خَلْقٌ كثيرٌ، ويَبْقَى أثَرُهَا بَعْدَهُ. واللهُ أَعْلَمْ. اللَّهُمَّ أَيْقَظْنَا مِن نَوْم الغَفْلَةِ ونَبِّهْنَا لاِغْتِنَامِ أَوقَاتِ المُهْلَةِ وَوَفِّقْنَا لِمَصَالِحِنَا واعْصِمْنَا مِنْ قَبَائِحِنَا وَذُنُوبِنَا ولا تُوآخِذْنَا بِمَا انْطَوتْ عليه ضَمَائِرُنُا وَأَكَنَّتْهُ سَرَائِرَنَا واغفر لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَم الرَّاحِمِينَ، وصلى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أجمعين.
(فَصْلٌ): مِن نَصِيحَةِ وَالدٍ لَوَلَدِهْ
اعْلَمْ أَنَّ مَن تفكر في الدنيا قبلَ أن يُوجد رَأَى مُدَّةً طَوِيلَةً، فإذَا تَفَكَّرَ فيها بَعدَ أَن يَخْرُجُ منها رأيي مدةً طويلةً وعَلَمَ أن اللبُثَ في القبور طويل، فإذَا تفكر في يوم القيامة عَلَم أنه خمسون ألف سنَة.
فإذا تفكرَ في اللبثِ في الجنةِ أو النار عَلِمَ أنه لا نهايةَ لَهُ. فإذا عَاد إلى النظر في مِقدار بَقَائِهِ في الدنيا فَرَضْنَا ستِين سنة مثلاً فإنه يَمضي منها ثلاثون سَنَة في النوم، ونحو مِن خمسَ عَشرَ في الصِبى.
¥