تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويَفْعَلُ الحَسَنةَ فلا يَزَالُ يَمُنُّ بها على ربِّهِ ويَتَكَبَّرُ بها وَيَرَى نَفْسَهُ شيئًا

ويُعجَبُ بها ويَسْتَطيلُ بها ويقولُ بها ويقولُ: فَعَلْتُ وفَعَلْتُ، فيُورِثُهُ مِنَ العجبِ والكِبْرِ والفجْرِ والاسْتِطالَةِ ما يكونُ سبَبَ هلاكِهِ.

فإذا أرادَ اللهُ تعالى بهذا المسكينِ خيْرًا ابْتَلاهُ بأمرٍ يَكْسرُهُ به ويُذِلُّ به عُنقَهُ ويُصَغِّرُ بِهِ نَفْسَهُ عندَه، وإذا أراد بهِ غيرَ ذلك خَلاهُ وعجبهُ وكبرهُ وهذا هو الخذْلانُ المُوجِبُ لِهَلاكِهِ فإنَّ العارفينَ كلَّهمْ مُجْمعون على أن التوفيقَ: هو أنْ لا يَكِلَكَ اللهُ تعالى إلى نفسِكَ، والذلَّ أنْ يَكِلَكَ الله إلى نفسِكَ. انتهى.

يا مَنْ يُغِيْثُ الوَرَى مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا

(ارْحَمْ عِبادًا أَكُفَّ الفَقْر قَدْ بَسَطُوا

(عَوَّدْتَهُمْ بَسطَ أرْزَاقٍ بِلا سَببٍ

(

(سِوى جَمِيلِ رَجَاءٍ نَحْوَهُ انْبَسَطُوا

(وَعَدْتَ بالفَضْلِ في وِرْدٍ وفي صَدَرٍ

(

(بالجُودِ إنْ أَقْسَطُوا والحِلْمِ إنْ قَسَطُوا

(عَوارِفُ ارْتَبَطَتْ شُمُّ الأُنُوفِ بها

(وكُلُّ صَعْبٍ بقَيْدِ الجُودِ يَرْتَبِطُ

(يا مَنْ تَعَرّفَ بالمَعْرُوفِ فاعْتَرَفَتْ

(

(بِجَمِّ إنْعامِهِ الأَطْرافُ والوَسَطُ

(وعَالِمًا بخَفِيَّات الأُمُورِ فلا

(وَهْم يَجُوزُ عليهِ لا ولا غَلَطُ

(عَبْدٌ فَقِيرٌ بِبَابِ الجُودِ مُنْكَسِرًا

(

(مِنْ شأنِهِ أنْ يُوافي حِينَ يَنْضَغِطُ

(مَهْمَا أَتَى لِيَمُدَّ الكَفَّ أخْجَلهُ

(قَبَائِحٌ وخَطايَا أَمْرُها فَرَطُ

(

يا واسِعًا ضَاقَ خَطْوُ الخَلْقِ عنْ نِعَمٍ

(مِنْهُ إذا خَطبُوا في شُكْرِها خَبَطُوا

(وناشِرًا بِيَدِ الإِجْمالِ رَحْمَتَهُ

(

(فلَيْسَ يَلْحَقُ منه مُسْرِفًا قَنَطُ

(ارْحَمْ عِبادًا بضَنْكِ العَيشِ مَا لَهُمُوا

(غَيرُ الدُجْنةِ لُحْفٌ والثَّرى بُسُطُ

(لَكِنَّهُمُ مِنْ ذُرَي علْياكَ في نَمَطُ

(

(سَامٍ رفيع الذُرَى ما فَوقَه نَمَطُ

(وَمَنْ يَكُنْ بالذِي يَهْواهُ مُجْتمِعًا

(

(فما يُبالي أقَامَ الحَيُّ أَمْ شَحَطُوا

(نَحْنُ العَبِيدُ وأَنْتَ المَلكُ لَيْسَ سِوَى

(

(وكُلُّ شَيءٍ يُرَجَّى بَعْدَ ذا شَطَطُ

(

اللَّهُمَّ وَفّقْنَا لِصاَلح الأَعْمَالَ، ونَجِّنَا من جميعِ الأَهْوَالِ، وأَمنا مِنَ الفَزَع الأكْبَر يومَ الرْجْفِ والزلْزَالْ واغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا، وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ منْهُمْ وَالمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.

(فَصْلٌ): كان سَلَفُنَا الصالحُ حَرِيصينَ على الوقتِ وعلى حِفْظِ الكَلامِ فلا يَصرفونَ أوقاتَهم إلا للآخِرة ولا يَتَكَلَمُون إِلا لَهَا مُبْتَعِدِينَ عن النِفَاقِ والرِياءِ والكَلامِ الفَارِغِ.

فقد كان الفضيل رحمه الله جالسًا وَحْدَهُ في المسجد الحرام فجاء إليه أَخٌ له فقال له: ما جَاءَ بكَ؟ قال: المؤانَسَةِ يا أَبَا عَلي. فقال: هِيَ والله بالمواحَشَةِ أَشْبَهْ. هَلْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَزَيَنَ لِي وأتَزَينُ لَكَ، وتَكْذِبُ لِي وأكْذِبُ لَكَ، فإِمَّا أَنْ تَقُومَ عَنِي أو أقومَ عَنْك.

لِقَاءُ الناسِ لَيْسَ يُفِيدُ شَيئًا

(سِوَى الهَذَايانِ مِن قِيل وقَال

(فَاقْلِلْ مِنْ لِقَاءِ الناسِ إِلا

(لأَخْذِ العِلْمِ أَوْ إِصْلاحِ حَالِ

(

وهكذا كان السلف لا يَتَلاقَون إلا لله ويحترزون في جميع أعمالهم وأقوالهم حتى كيف أصبحتَ وكيفَ أمسيتَ وكيفَ حَالُكَ وفي الجواب عن ذلك.

فقد قال حاتمُ الأَصَمُ لِحَامِدُ اللَّفَافِ: كَيفَ أَنْتَ في نَفْسِكَ؟ فقال: بسلامَةٍ وعَافِية. فَكَرِهَ حَاتمُ جَوابَهُ وقال: يا حَامِدُ السلامةُ مِن وَرَاءِ الصِّرَاطِ، والعافية في الجَنة.

وكان إذا قَيلَ لِعيسَى عليه السلام: كَيفَ أصبحَت؟ يَقُولُ: أَصْبَحْتُ لا أَمْلِكُ تقدَيمَ ما أَرْجُوا ولا أسْتطيعُ دَفْعَ ما أُحَاذِرُ وأَصْبَحتُ مُرْتَهنًا بعَمَلِي والخَيْرُ كلهُ في يَدِ غيري ولا فقيرَ أفقَر مِني (أيْ إلى الله عَزَّ وَجَل صَاحبُ الخير والغِنى).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير