(أتاكَ مُنْكَسِرًا فاجْبُرْ لِمُنْكَسِرِ
(مُسِتَغْفِرًا مِن ذُنُوبٍ لاَ عِدَادَ لَهَا
(بِعَفْوِكَ الجمّ يَا رَحْمَنُ لا تَذَرِ
(فلاَ تَدَعْني مَلِيكَ العَرْش مُطَّرحًا
(بَينَ النَّوَائِب والأسْدَامِ والغِيرَ
(
حَسْبِي لَدَىَ المُوبِقَاتِ الصُّمِ أَنْتَ فَلاَ
(نَرجُو سِواكَ لِنَيْلِ السُؤْلِ والوَطَر
(عَليكَ يا ذا العَطَا والمنِ مُعْتَمَدِي
(في كُلِّ خَطبٍ أتَى بالغَيْرِ والضَّرَرِ
(فَاغْفِرْ وَأَكْرِمْ عُبَيْدًا مَالَهُ عَمَلٌ
(من الصَّوالح يا رَحْمنُ في العُمُرِ
(لَكِنَّهُ تَائِبٌ ممَّا جَنَاهُ فَقَدْ
(أَتَاكَ مُسْتَغْفِرًا يَخْشَى مِن السَّقَرِ
(فإِن رَحِمْتَ على مَنْ جَاء مُفْتَقِرًا
(فأنْتَ أهْل به يا ربِّ فاغْتَفِرِ
(وإنْ تُعَذِّبْ فإني أَهْلُ ذاكَ وذا
(عَدْلٌ قَوِيم بلا لَوْمٍ ولا نُكُرِ
(ثم الصلاةُ على خَير الخليقةِ مَن
(كَفَاهُ مُعْجِزَةً الشقُ في القَمَرِ
(وآلهِ الطيبينَ الطُهْرِ قَاطَبِةٍ
(وَصَحبهِ المُكْرَمِينَ السَّادَةِ الغُرَرِ
(مَا هَبِّتِ الريحُ واهْتَزَ النباتُ بِها
(وما تَغَنَّتْ حَمَامُ الأَيْكِ فِي السَّحَرِ
(
فائدة: قال أَحَدُ العُلَمَاءِ رَأَيْتُ كَثِيرًا مَا يُزَيَّنُ لِطَالِبِ العِلْمِ أّيَّامَ الاخْتِبَارِ قِرَأَةُ مَا لَيْسَ مُطَالِبًا بِهِ في الاخْتِبَارِ، وَهَذَا مِنْ مَرَضِ النَّفْسِ وَتَسْوِيلِ الشَّيطَانِ تَضْعِيفًا لِلْهِمَّةِ والنَّشَاطْ، فإِنَّ العِلْمَ المُطَالِبَ بِهِ فِيه تَكْلِيفٌ وَإِلزَامَ وَتحمُّلٌ وَأَدَاء، فَهْوَ ثَقِيلَ عَلَى النَّفْسِ الوَانِيَةِ، والعِلْمُ الذِي لَمْ يُطَالَبْ بِهِ لاِ تِكْلِيفَ بِهِ فَهوَ خَفِيفٌ عَلَى النَّفْسِ وَهَذَا مِن هَوَى النَّفْسِ وَسَرِقَةِ الشَّيْطَانِ لَهُ لأَنَّهُ اِنْحرَاف عن الصَّوابِ النافِع.
اللَّهُمَّ أعْطِنا من الْخَيْرِ فَوقَ ما نَرْجُو، واصْرِفْ عنَّا مِن السُّوءِ فَوقَ ما نَحْذَرُ. اللَّهُمَّ عَلِّقْ قُلُوبَنَا بِرَجائِكَ واقْطَعْ رَجَاءَنَا عَمَّنْ سِوَاكَ اللَّهُمَّ إنَّكَ تَعْلَمُ عُيُوبَنَا فاسْتُرْهَا وتَعْلَمَ حَاجَاتِنَا فَاقْضِهَا كَفَى بِكَ وليًّا وكَفَى بِكَ نَصِيرًا يا رَبَّ العالمينَ. اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِسُلُوكِ سَبِيلِ عِبَادِكَ الأَخْيارِ واغْفِرْ لَنَا وَلِوالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالمَيِّتِينَ بِرَحْمتكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحمِّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
الفصل الثامن: الطبقةُ الرابعةُ طبقةُ العَوامّ وغُرورُهُمْ ِمْن وُجوهٍ: فمنهم: مَنْ يُصَلِّي كَيْفَمَا اتَّفَقَ ولا يَسْأَلُ عَمَّا يُصْلِحُ الصلاة وما يُفسِدُهُا. ومنهم مَنِ
يُواظِبُ على النوافِل كالتراويحِ، ولا تكادُ تَجِدْهُ في صلاةِ الجَماعةِ، ومنهم: مَنْ يلازِمُ مَجَالِسَ الوَعْظِ ولا يَعْمَلُ بِمَا يَسْمَعُ ولا يَنْتَهِي عَنْ قَبيحِ ما يَأْتي، كأَنَّ المقصودَ الحُضُورُ فقطْ. قُلْتُ: لأنّ مَجَالسَ الذِكْرِ والإرْشادِ إنّما تُفيدُ لِكَوْنِهَا مُرَغِّبَةً في الخَيْرِ وباعِثةً في الغالِبِ عليه فإنَّ لَمْ يَنْشَأُ عنها ذَلِكَ فلا خيرَ فيها وصِفةُ هؤلاءِ كما قال بعضُ العُلماءِ: كمِثْلِ مريض يَحْضُرُ مَجَالِسَ الأطباءِ وَيَسْمَعُ مِنهم ما يَصِفونَهُ مِن الأدويةِ ولا يَفْعَلُها ولاَ يَشْتَغِلُ بها فأيُّ فائِدةٍ يَحْصُلَ عَليها.
فكُل وَعْظٍ لا يُغيّرُ مِنكَ صِفةً تَتَغَيَّرُ بِها أفعالُك حتى تُقْبِلَ على اللهِ عزَّ وجَلَّ وَتُعْرِضُ عن الدُّنْيَا وَتُقْبِلُ إِقْبالاً قويًّا، فإِنْ لَمْ تَفْعلْ فذلكَ كان زيادَة حُجةٍ عليكَ، وهذا غُرورٌ عظيمٌ.
ومنهم: مَنْ يَتَنَفَّلُ بالعباداتِ وَيُهْمِلُ الفرائضَ.
¥