ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[22 - 01 - 09, 03:02 م]ـ
موعظة: عباد الله سَيَصْحُو السَّكرانُ من سُكْره، حِينَ لا يُمْكِنِهُ تَلافي أَمْرهْ وَسَيْنَدَمُ المضيع على تَضْييعه، إِذَا قَابلَهُ أَمْر صَنِيعهْ، وَسَيُقْصرُ الأَمَلَ من أمله وقْتَ هجُومِ أجَله، وتعذر الزيادة في عَمَله، والخروج من بين مالهِ وَأَهْلِهْ.
هُنَالِكَ يَستحَيلُ حُلْوُ العيش مُرًا وَيَنْقَلبُ عُرْفُ الأمر نُكْرًا، ويَعْلمِ جَامِعُ الحطام الذِي أَضَاعِ بِهِ أَوْقَاتَهُ أن الباقيات الصالحات أَبْقَى ذِكرَا وأنفعُ ذُخْرَا، ليس في ظل الدنيا مقيل ولا على هَذِهِ الحياةِ تَعويلِ.
كَيْفَ يطمعُ عاقِلٌ في الإقامة بدار الرحيل، كيف يَضحَك من هو مَحْفُوفَ بمُوجبات البُكاء والعَويل، أسْمَعَنا النَّاصِحُ فَتَصَامَمْنَا، وَأيْقَظَتْنَا الغيَرُ فَتَنَاومْنَا، وَرَضِينَا بَالْحَياةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخرِة، واشْتَرَيْنَا مَا يَفْنَى بِمَا يَبْقَى فَتِلْكَ إِذًا صفقَةٌ خَاسِرَة.
أَيْنَ الآذَانُ الْواعِية، أيْنَ الأعْيُنُ البَاكِية، قَوْلٌ بلا فِعَال وأمْرٌ بلا امتثال رُسُلُ مَلَكِ الموت في كُل نَفَس تَدْنُوا إلى أنْفُسِنَا وأجْسَادُ أَحِبَّتِنَا تحتَ أطباق الثرى هَامدة.
قد أو حَشَتْ منهم دِيَارُهُمْ، وَدَرَسَتَ رُسُومُهَم وآثارُهم، وتقطعت بالبلاء أوَصالُهم، وَمَحَتْ أَيْدِي الحَوادثِ والقُبور مَحَاسِنَ تِلكَ الصُّورَ، وأطْبَقُت عَليهم ضُلَماتُ تِلْكَ الحُفَر.
فلا شَمس فيها ولا نُور ولا قَمر، ونَحْنُ عَمَّا قَريب إلى مَا صاروا إليه صائرون، وبالكأس الذي شربوا منه شارِبُون ثم مع هذا اليقين إلى دار الغرور راكنون.
طُوبَى لِمَنْ فِي مَراضي رَبِّه رَغَبَا
(وَعَنْ مَصَارِعِ أهلِ اللَّهْو قَدْ هَرَبَا
(قَدْ وَطَّنَ النفسَ أنَّ اللهَ سَائلُهُ
(فَفَرَّ مِنْهُ إِلَيْهِ مُهِيبًا هَرَبَا
(وَللتُقَى مَرْكَبٌ يَنْجُو برَاكِبِهِ
(فَيَا نَجَاةَ الذي مَعْ أَهْلِهِ رَكَبَا
(وَلِلْهُدَى رُفْقَةٌ فَاسْعَدْ بِصُحْبَتِهْمِ
(فَيَا سَعَادَةَ مَن أَهلَ الهدُى صَحَبَا
(لِلَّهِ دُرُّ عِبَادٍ قُرْبَهُ طَلَبُوا
(لَمْ يَطْلُبُوا فِضَّةً منه ولا ذَهَبَا
(سَارُوا بَعْزِمِ وَتَشْمِير وَمَا اتَّخَذُوا
(فِي سَيْرِ دُنْيَاهُمُوا لَهْوًا وَلا لَعِبَا
(
الصِّدْقُ مَرْكَبُهم والحقُ مَطْلَبُهُمْ
(لا زُورَ مَازَجَ دَعْواهُم ولا كَذِبَا
(
اللَّهُمَّ علمْنَا مَا يَنْفَعْنَا وانْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي عُلومِنَا وَأَعْمَالِنَا وَأَعْمَارِنَا وَأصْلِحْ نَيَّاتِنَا وَذُرَّيَاتِنَا، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
(فصل)
ومما ورد في فضل العلمِ والحثِّ على تَعلُّمِهِ وتعليمِهِ ما يلي مِنَ الأحاديث:
1– فعن معاوية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ». رواهُ البخاريُّ، ومسلمُ.
2 - وعن عبد الله يعني ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله ?: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا فَقَّهَهُ فِي الدِّينِ وألهمه رشده». رواهُ البَزَّارُ، والطَّبَرَانِي فِي الْكَبِيرِ بإسنادٍ لا بَأْسَ بِهِ.
وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامةِ، ومَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ في الدنيا والآخرة، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ
¥