تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كان سبب ذكر ذلك هنا لكون النفس تستكرهه وتنفر عنه فليس موضوع الكتاب المكروهات النفسية بل المكروهات الشرعية ومثل ذلك الحكم بكراهة الأكل والشرب قوله والإنفتاح باليمنى

69

اقول الأحاديث مصرحة بالنهي عن ذلك والنهي حقيقة في التحريم كما عرفت ولم يرد ما يقتضي صرف ذلك عن معناه الحقيقي قوله واستقبال القبلتين والقمرين واستدبارهما اقول أقول أما استقبال القبلة واستدبارها فالنهي عن ذلك ثابت عن جماعة من الصحابة رووا النهي عن استقبالها واستدبارها مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبعض هذه الأحاديث في الصحيحين وبعضها في غيرهما وحقيقة النهي التحريم ولا يصرف ذلك ما روي أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك فقد عرفناك أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بالأمة إلا أن يدل دليل على أنه أراد الاقتداء به في ذلك وإلا كان فعله خاصا به وهذه المسألة مقررة في الأصول محررة أبلغ تحرير وذلك هو الحق كما لا يخفى على منصف ولو قدرنا أن مثل هذا الفعل قد قام ما يدل على التأسي به فيه لكان ذلك خاصا بالعمران فإنه رآه وهو في بيت حفصة كذلك بين لبنتين وأما بيت المقدس فلم يكن فيه إلا حديث معقل بن أبي معقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تستقبل القبلتين ببول أو غائط أخرجه ابو داود وفي إسناده أبو زيد الراوي له عن معقل وهو مجهول فلا تقوم به حجة ولم يرد في بيت المقدس غيره وقد نقل الخطابي الإجماع على عدم تحريم استقبال بيت المقدس وقيل إنه خاص بأهل المدينة ومن هو على سمتهم لأن استقبال بيت المقدس يستلزم استدبارهم للكعبة وأما ما قيل من أن بيت المقدس يكون له حكم الكعبة بالقياس فهذا القياس من أبطل الباطلات لأنه إن كان الجامع الشرف لزم ذلك في كل محل شريف وإن تفاوت الشرف

70

ويدخل في ذلك دخولا أوليا مسجده صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء ونحوهما وإن كان ذلك بجامع أن بيت المقدس قد كان قبلة قبل استقبال الكعبة فقد نسخ ذلك وإن كان ذلك لكونه تستقبله اليهود فقد تقرر في الشريعة الأمر بمخالفتهم وأن ذلك شريعة ثابتة وسنة قائمة وأما استقبال القمرين فهذا من غرائب أهل الفروع فإنه لم يدل على ذلك دليل لا صحيح ولا حسن ولا ضعيف وما روي في ذلك فهو كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن رواية الكذابين وإن كان ذلك بالقياس على القبلة فقد اتسع الخرق على الراقع ويقال لهذا القائس ما هكذا تورد يا سعد الإبل وأعجب من هذا إلحاق النجوم النيرات بالقمرين فإن الأصل باطل فكيف بالفرع وكان ينبغي لهذا القائس أن يلحق السماء فإن لها شرفا عظيما لكونها مستقر الملائكة ثم يلحق الأرض لأنها مكان العبادات والطاعات ومستقر عباد الله الصالحين فحينئذ يضيق على قاضي الحاجة الأرض بما رحبت ويحتاج أن يخرج عن هذا العالم عند قضاء الحاجة وسبحان الله ما يفعل التساهل في إثبات أحكام الله من الأمور التي يبكي لها تارة ويضحك منها أخرى قوله وإطالة القعود اقول هذا إن كان مرجعه الشرع كما هو شأن من يتكلم في الأحكام الشرعية فلا شرع وإن كان مرجعه الطب فليس هذا الكتاب مدونا لذلك ومما يضحك منه التمسك بما روي عن لقمان الحكيم أنه يورث الباسور

71

فيا لله العجب ممن لا يتحاشى عن تدوين مثل هذا الكلام في كتب الهداية ولقد أبعد النجعة من اعتمد في مثل هذه المسألة الشرعية على لقمان الحكيم قوله ويجوز في خراب لا مالك له أقول إذا لم يكن له مالك فلا حاجة إلى بيان الجواز فإنه جائز بلا شك ولا شبهة ولو أردنا أن نعدد الأمكنة التي يجوز قضاء الحاجة فيها لطال ذلك وإنما ينبغي الاقتصار على ذكر ما لا يجوز فيه فيعرف بذلك أنه جائز فيما عداه كما يفعله المصنفون في مثل هذه الفنون وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه ومن بعدهم يقضون الحاجة في المواطن المملوكة للغير من غير استئذان إذا كانت خالية ولم يكن وقت سقوط ثمارها وقد ثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم دخل حائطا وقضى حاجته فيه قوله وندب بعده الحمد اقول هذا مندوب كما قال ووجهه ما أخرجه ابن ماجه من حديث أنس بإسناد صالح قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وأخرج نحوه النسائي وابن السني من حديث أبي ذر وإسناده صحيح وينبغي أن يضم إلى الحمد الاستغفار لما أخرجه أحمد وابو داود والترمذي وابن ماجه من حديث عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال غفرانك وصححه ابن حبان وابن خزيمة والحاكم قوله والاستجمار

72

أقول ظاهر الأحاديث أنه واجب لاجتماع الأمر به والنهي عن تركه وظاهرها أنه يكفي ولا يحتاج بعد ذلك إلى أن يستنجي بالماء بل مجرد فعل الاستجمار بالأحجار مطهر وإن لم يذهب الأثر إذ قد فعل ما أمر به من استعمال ثلاثة أحجار فإن عدل عن الاستجمار إلى الاستنجاء بالماء فهو أطيب وأطهر وإن جمع بينهما فقد فعل الأتم الأكمل وأما الأيتار بأحجار الاستجمار فليس ذلك إلا سنة لما في حديث من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج قوله ويلزم المتيم إن لم يستنج اقول وكذلك يلزم غير المتيم لأن رفع أثر النجاسة واجب وهي نجاسة معلومة بالضرورة الدينية وقد جعل الشارع الاستجمار بالأحجار كافيا في رفعها فإذا لم ترتفع بالأحجار وجب رفعها بالماء وإذا لم ترتفع بالماء وجب رفعها بالأحجار قوله ويجزئه جماد إلى آخر الباب أقول المعنى الذي وقع لأجله الأمر بالاستجمار هو قطع أثر النجاسة ورفع عينها باستعمال ما أمر به الشارع فما نهى الشارع عن الاستجمار به كان غير مجزىء وما لم ينه عنه إن كان لا حرمة له ولا يضر استعماله فهو مجزىء وأما الحكم على بعض أضداد هذه الأمور بالإجزاء وعلى بعضها بعدمه فليس كما ينبغي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير