وَصِنْفٌ يَعْمَلُونَ بما لا يَعْلَمُون.
وَصِنْفٌ لا يَعْمَلونَ ولا يَعْلمَون.
وَصِنْفٌ يَمْنَعُونَ الناسَ مِن التَّعَلم.
قلت: الصنف الأول: من له علم بلا عمل، فهو أضر شيء على العامة، فإنه حجة لهم في كل نقيصة ومخسة.
والصنف الثاني: العابد الجاهل، فإن الناس يحسنون الظن به لعبادته وصلاحه فيقتدون به على جهله.
وهذان الصنفان هما اللذان ذكرهما بعض السلف في قوله: احذروا فتنة العالم الفاجر، والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون.
فإن الناس إنما يقتدون بعلمائهم وعبادهم، فإذا كان العلماء فجرة، والعباد جهلة، عمت المصيبة بهما، وعظمت الفتنة على الخاصة والعامة.
والصنف الثالث: الذين لا علم لهم ولا عمل، وإنما هم كالأنعام السائمة.
والصنف الرابع: نواب إبليس في الأرض، وهم الذين يثبطون الناس عن طلب العلم والتفقه في الدين، فهؤلاء أضر عليهم من شياطين الجن، فإنهم يحولون بين القلوب وبين هدى الله وطريقه.
فهؤلاء الأربعة الأصناف، هم الذين ذكرهم هذا العارف رحمة الله عليه وهؤلاء كلهم على شفا جرف هار، وعلى سبيل الهلكة.
وما يَلْقَى العَالِمُ الداعِي إلى الله ورسوله ما يَلقَاهُ من الأذَى والمحاربةِ إلاَّ عَلى أَيْدِيهم.
والله يَسْتَعْمِل مَن يشاء في سَخَطِهِ، كما يَسْتَعْمِلُ مَن يَشاء في مَرْضَاتِهِ إنه بعباده خبير بصير.
ولا ينكشفُ سِرُّ هذه الطوائف وطريقتهم إلا بالعلم، فعاد الخير بحذافيره في العلم وموجبه، والشر بحذفيره إلى الجهل وموجبه.
شِعْرًا:
مَعَ الْعِلْمِ فَاسْلُكْ حَيْثَمَا سَلَكَ الْعِلْمُ
(وَعَنْهُ فَكَاشِفْ كُلَّ مَنْ عِنْدَهُ فَهْمُ
(فَفِيهِ جَلاءٌ لِلْقُلُوبِ مِنْ العَمَى
(وَعَوْنٌ عَلى الذِين الذي أمْرُهُ حَتْمُ
(
آخر: لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعِلْمِ إِلا أَنَّهُ
(يَذَرَ الضَّئِيلَ مِن الرِّجَالِ مَهِيبَا
(آخر:
ذَوُوا العِلْم في الدُّنْيَا نُجُومُ هِدَايَةٍ
(إِذَا غَابَ نَجْمٌ لاحَ بَعْدُ جَدِيدُ
(بِهِمْ عَزَّ دِينُ الله طُرًّا وَهُمْ لَهُ
(مَعَاقِلُ مِن أَعْدَائِه وجُنُودُ
(وَلَوْ لَمْ يَقُمْ أَهْلُ الحديثِ بِنَقْلِهِ
(فَمَنْ كَانَ يَرْوِي عِلْمَهُ وَيُفِيدُ
(هُمُوا وَرِثُوا عِلْمَ النَّبوةِ وَاحْتووْا
(مِنْ الْفَضل ما عنه الأَنامُ رُقُودُ
(وَهُمْ كَمَصَابِيح الدُّجَى يُهْتَدَى بِهِمْ
(وَمَا لَهُمُوا بَعْدَ الْمَمَاتِ خُمُودُ
(اللَّهُمَّ يَسِّرْ لَنَا أَمْرَ الرِّزْقِ وَاعْصِمْنَا مِِنْ الْحِرْصِ وَالتَّعَبِ في طلبهِ وَمِنْ شَغْل
القَلْبِ وَتَعلُّقِ الْهَمِّ بِهِ، وَمِنْ الذُّلِّ لِلخَلْقِ بِسَبَبَهِ وَمِنْ التَّفْكِيرِ وَالتَّدْبِيرِ فِي تَحْصِيلهِ، وَمِنْ الشُّحِّ وَالْحِرْصِ عَلَيْهِ بَعْدَ حُصُولِهِ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمَيعِ الْمُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَم الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(فَصْلٌ): قَالَ ابن رجب: فالعلماء بما أنزل الله على رسوله هم الأدلاء والذين يُهتَدى بهم في ظلمات الجهل والشبهِ والضلالِ فإذا فُقدُوا ضَلَّ السالكُ.
ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[22 - 01 - 09, 03:06 م]ـ
وقد شُبِّهَ العلماءُ بالنجوم، والنجومُ فيها ثلاثٌ فوائد: يُهْتَدى بها في الظلمات، وهي زِينة للسماء، ورجومٌ للشياطين الذين يسترقون السمع منها.
والعلماءُ في الأرض يجتمع فيهم هِذِهِ الأَوْصافُ الثلاثةُ: بهم يُهْتَدى في الظلمات، وهُم زينةُ للأرض، وهم رجومٌ للشياطين الذين يخلطون الحق بالباطل ويُدْخِلونَ في الدين ما ليس منه مِن أهل الأهواء.
وما دام العلم باقيًا في الأرض فالناسُ في هُدَى. وبقاءُ العلمِ بقاءُ حَمَلَتِهِ فإذا ذَهَبَ حَمَلتهُ ومَن يقوم به وقع الناسُ في الضلال كما في الحديث الصحيح عن النبي ?: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ صدور الرجال وَلَكِنْ يذهب الْعُلَمَاءِ فإِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا».
شِعْرًا:
¥