وَعَنْ الْحَسَنْ قَالَ: إنا لنُجَالِسُ الرَّجُلَ فَنَرى إن به عِيًّا وما بِهِ عِيٌ وإنَّه لَفَقِيْهٌ مُسْلِمٌ. قَالَ: وكيعُ أسْكَتَتْهُ الْخَشْيَةُ.
وقَالَ الشَّعْبِي: لَسْنَا بِعُلَمَاءٍ وَلا فُقَهَاء وَلَكِنَّنَا قَوْمٌ قَدْ سَمِعْنَا حَدِيثًا فَنَحْنُ نُحَدِّثكم بما سَمِعْنَا إِنَّمَا الفقيه مَن وَرِعَ عَن مَحَارِم اللهِ والعَالِمُ مَنْ خَافَ اللهَ عز وجل.
واسْتَفْتَى رَجلٌ الشَّعْبِي فقَالَ: أيها العالِمُ أَفْتِنِي فقَالَ: إِنما العَالِم مَن يَخافُ الله.
وَعَنْ جَابِرْ: أَنَّهُ تَلا قَوَلَ الله تعالى: ? وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ?.
فقَالَ: العَالِمُ الذي عَقَلَ عَنْ اللهِ أَمْرَهُ فَعَمِلَ بِطاعَةِ اللهِ واجْتَنَبَ سَخَطَهُ.
وسئل عبدُ الله بنُ المُبارَكِ هَلْ لِلْعُلَماءِ عَلامةٌ يُعْرَفُونَ بِهَا؟ قَالَ: علامةُُ العَالِم مَن عَمِلَ بِعِلْمِهِ وَاسْتَقَلَّ كَثِيرَ الْعِلْمِ وَالْعَمَل مِن نَفْسِهِ.
وَرَغِبَ فِي عِلْمِ غَيْرِهِ وَقَبِلَ الحَقَّ مِن كلِ مَنْ أَتاهُ بِهِ وَأَخَذَ الْعِلْمِ حَيْثُ وَجَدَهُ فَهَذِهِ عَلامَةَ العَالِم وَصِفَتهُ.
قَالَ المروَذِي: فذكرتُ ذلك لأبي عَبدِ اللهِ فقَالَ: هَكذا هُو.
قِيلَ لابن الْمُبَارَكِ كَيْفَ يُعْرفُ العالمِ الصَّادِقُ؟ فقَالَ: الذي يَزْهدُ في الدنيا وَيَعْقِلُ أَمْرَ آخِرَتِهِ.
وقَالَ الزهري: لا نَثِقُ لِلنَّاس بِعَمَلِ عَامِلٍ لا يَعْلم، وَلا نَرْضَى لَهم بعلْمٍ عَالمٍ لا يَعْمَل.
وقَالَ الحسن كان الرجل إذا طَلَبَ بَابًا مِن العلمِ لم يَلْبِثْ أن يرى أثر ذلك في تَخَشُّعِهِ وَبَصَرِه ولِسَانِهِ ويَدِه وزُهْدِهِ وَصَلاتِهِ وَبَدَنِهِ وَإِنْ كان الرجل لَيَطْلُب البابَ مِن العلم فَلَهُو خَيْرٌ لَهُ مَن الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.
ورُوِيَ عن أحَدِ العلماء أنه قَالَ: أدركتُ الفُقَهَاءَ بالمدينة يَقُولُونَ: لا يَجُوزُ أن يَنَصَب نَفْسَهُ لِلْفَتْوَى ولا يَجُوزُ أن نسْتَفْتِي إلا الموثوق في عَفافِهِ وعَقلِهِ وَصَلاحِهِ وَدِينِهِ وَوَرَعِهِ وَفَقِهْهِ وحِلْمِهِ ورِفِقِهِ وِعِلْمِهِ بأحْكَام القرآنِ والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ.
عالمًا بالسنة والآثار وبمن نقلها والمعمول به منها والمتروك.
عالمًا بوجوه الفقه التي فيها الأحكام عالمًا باختلاف الصحابة والتابعين.
فإنه لا يَسْتَقِيم أَنْ يكُونَ صَاحِبَ رَأيَ له علم بالكتاب والسنة والأحاديث والاختلاف ولا صاحب حديث ليس له علم بالفقه والاختلاف ووجوه الكلام فيه، وليس يَسْتَقِيم واحدٌ منهما إلا بصاحِبه ومَن كان مِن أهل العلمِ والفقهِ والصلاحِ بِهَذِهِ المنزلةِ إلا أنَّ طُعْمَتَهُ مِن الناسِ وحَاجَاتَهُ مُنْزَلةٌ بهم وهو محمولٌ عليهم فليسَ بموضِعِ الفَتْوَى ولا مَوْثُوق في فَتْوَاهُ ولا مأمُونٌ على الناس فيما اشْتَبَهَ عليهم.
نختم هذا الكلام بما قَالَه شيخُ الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله: فعَلى كل مُؤْمِنٍ أن لا يَتَكَلَّمَ في شيءٍ مِن الدينِ إلا تَبَعًا لِمَا جَاءَ بِهِ الرسولُ ? ولا يَتَقَدَّمَ بينَ يَدَيهِ بلِ يَنظر مَا قَالَ فيكونُ قوله تَبَعًا لِقَوْلِهِ وَعَمَلُه تَبَعًا لأَمْرِهِ فَهَكَذَا كَانَ الصَّحَابَةُ ومنَ سَلَكَ سَبِيلَهُم مِن التابِعِينَ لَهُم بإِحسانٍ وأَئِمَةِ المسلمين رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أجمعين.
العِلْمُ قَالَ الله وقَالَ رَسُولُهُ
(قَالَ الصَّحابَةُ هُمْ أُولُوا الْعِرْفَانِ
(
اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِن الشَّكِ بَعْدَ اليَقِينِ، وَمِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، ومِن
شَدَائِدِ يَوْم الدِّين، وَنَسْأَلَكَ رِضَاكَ وَالْجَنَّةِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ سَخَطِكَ والنَّارِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنَا إِذَا عَرِقُ الْجَبِينُ وَاشْتَدَّ الْكَرْبُ وَالأَنِينُ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأَحْياءِ مِنهُم وَالمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَم الرَّاحِمِينَ، وصَلَّى الله على مُحمَّدٍ وعلى آلهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
شعرًا:
دَعِ التَّشَاغُلَ بِالْغِزْلانِ والْغَزَلِ
(يَكْفِيكَ مَا ضَاعَ مِنْ أَيَّامِكَ الأُوَلِ
(ضَيَّعْتَ عُمْرَكَ لا دُنْيَا ظَفَرْتَ بِهَا
¥