البيتَ وَيَحْرِقُ نَفْسَهُ، وبالتالي فالعِلمُ فَضْلُهُ يَعْرِفُهُ كلُّ مُنْصِفٍ
والناسُ يَحتاجُونَ إليهِ في كُلِّ وقتٍ قَالَ حَرْبٌ: سمعتُ أحمدَ بن حَنبلٍ يقولُ: الناسُ مُحتَاجُونَ إلى العِلْمِ قبلَ الخُبْزِ والماءُ، لأنَّ العِلْمَ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الإِنْسِانُ في كُلِّ سَاعَةٍ، وَالخُبْزُ وَالمَاءُ في اليومِ مرةً أو مرَّتيْنِ.
وقَالَ شيخُ الإسلامِ ابن تيميةَ في قصيدةٍ له حلَّ بها لُغْزًا لَفْظةَ عِلم:
والعلمُ بالرحمنِ أَولُ صَاحِبٍ
(وَأَهمُّ فَرْضِ اللهِ في مَشْرُوعِهِ
(وَأَخُو الدِّيَانَةِ طَالِبٌ لِمَزِيدِهِ
(
(أَبَدًا وَلمَّا يَنْهِهِ بِقُطُوعِهِ
(والْمَرْءُ حَاجَتُهُ إِلَيْهِ أَشَدُّ مِنْ
(فَقْرِ الْغِذَاءِ لِعِلْمِ حُكْمِ صَنِيعِهِ
(فِي كُلِّ وَقْتٍ والطَّعَامُ فإنَّما
(
(يَحْتَاجُهُ فِي وَقْتِ شِدَّةِ جُوعِهِ
(وَهُو السَّبِيلُ إِلى الْمَحَاسِنَ كُلَّهَا
(والصَّالِحَاتُ فَسَوْأةً لِمُضِيعِهِ
(
آخر:
كَمْ مِنْ حَيَاءٍ وَكَمْ عَجْزٍ وَكَمْ نَدَمٍ
(جَمٍّ تَوَلَّدَ لِلإِنْسَانِ مِنْ كَسَلِ
([إِيَّاكَ عَنْ كَسَلٍ فِي الْبَحْثِ عَنْ شُبُهٍ
(فما عَلِمْتُ وَمَا قَدْ شَذَّ عَنْكَ سَلِ]
(وَإِذَا أَرَدْتَ مِنْ الْعُلومِ أَجَلَّهَا
(نَفَعًا وَأَزْكَاهَا وَأَعْلَى الْمَطْلبَ
(فَعُلُومُ تَوْحِيدِ الإِلهِ وَبَعْدَهُ
(فِقْهٌ بِدِينٍ فَهُوَ أَعْلَى الْمَكْسَبِ
(آخر:
حَدِيث رِجَالِ العلم أَهْوَى وَأشْتَهِي
(كَمَا يشتهِى الماءَ المُبَرَّد شاربُهْ
(وَأفْرَحُ أنْ ألْقَاهُمُوا فِي بُحُوثِهِمْ
(كَمَا يَفْرَحُ المرءُ الذي آبَ غَائبُهْ
(
آخر: كُلَّ العُلوم سِوَى الْقُرْآن مشغلةٌ
(إلا الْحَدِيثَ وإلا الفقهَ في الدِّينِ
(
الْعِلْمُ مُتبعٌ مَا قِيلَ حَدَّثَنَا
(وَمَا سِوَى ذَاكَ وسْوَاسُ الشَّيَاطِينِ
(واعْلم أنَّ الكَسَلُ مِن قِلَّةِ التأَمُّلِ في مَنَاقِبِ العِلْمِ وفَضَائِلِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُتْعِبَ نفسُه على التَّحْصِيلِ والجدَ والمُواظَبَةِ بالتأملِ في فَضَائِل العِلم، فإن العِلمَ يَبْقَى [ببقاءِ المعلومات] والمالَ يَفْنَى، كَمَا قَالَ أَمِيرُ المؤمنين عليُّ بن أبي طالب كرم الله وجهه:
رَضِينَا قِسْمَةَ الْجَبَّارِ فِينَا
(لَنَا عِلْمٌ وَلِلجُهَّالِ مَالُ
(فَإنَّ الْمَالَ يَفْنَى عَنْ قَرِيبٍ
(وَإنَّ الْعِلْمَ يَبْقَى لا يَزَالُ
(آخر:
فَتَعَلَّمُوا فَالْعِلْمِ مُفْتَاحُ العُلا
(لَمْ يَبْقَ بَابًا لِلسَّعَادَةِ مُغْلَقًا
(ثُمَّ اسْتَمِدُّوا مِنْهُ كُلَّ قُوَاكُمُ
(إنَّ القَوِيَّ بكُلِ أَرْضٍ يُتَّقَى
(آخر:
احْرَصْ عَلَى كُلَّ عِلْمٍ تَبْلُغ الأمَلا
(وَلا تُوَاصِلُ لِعِلْمٍ وَاحِدٍ كَسَلا
(فَالنَّحْلُ لَمَّا رَعَتْ مِنْ كُلَّ فَاكِهَةٍ
(أَبْدَتْ لَنَا الْجَوْهَرَيْنَ الشَّمْعَ والعَسَلا
(الشَّمْعُ باللَّيْلِ نُورٌ يُسْتَظَاء بِهِ
(وَالشَّهْدُ يُبْرِي بإذِنْ البَارِئ الْعِلَلا
(وَيُرْوَى عَنْ مُعاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: تَعَلَّمُوا العِلْمَ فإنّ تعلُّمَهُ لِلّهِ خَشْيَةً وَطَلَبَهُ عِبَادَةٌ ومُدَارَسَتَهُ تَسْبِيحٌ والبَحْثَ عنهُ جِهَادٌ وَتَعْلِيَمهُ مَنْ لا يَعْلَمُ صَدَقَةٌ وَبَذْلَهُ لأهْلِهِ قُرْبَةٌ وَهُوَ الأَنيِسُ في الوَحْدةِ والصاحِبُ في الخَلْوَةِ والدّلِيل على الدِّين والمُصَبِّرُ على السرَّاءِ والضَّرَّاءِ والوَزِيرُ عِندَ الإخِلاء والقَرِيبُ عندَ الغُرَباءِ وَمَنارُ سَبيلِ الجَنّةِ يَرْفَعُ اللهُ بِهِ أقْوَامًا فيجعلُهُمْ في الخَيْرِ قَادةً سادةً هُدَاةً يُقْتَدَى بهم أَدِلِّةً لِلْخَيرِ تُقْتَفَى آثارُهمْ وَتُرْمَقُ أَفْعالُهُمْ وَتَرْغَبُ الملائكةُ في خُلَّتِهمْ وبأَجنِحَتِهَا تمْسَحُهُمْ وَكُلُّ رَطْبِ ويابسٍ لهُمْ يَستغْفرُ حَتَّى حِيتَانُ البَحْرِ وَهَوامُّهُ وَسِبَاع البَرِّ وَأَنْعامُهُ والسَّماءُ وَنُجُومُها، لأنَّ العِلْمَ حَيَاةُ القُلُوب مِنَ العَمَى وَنُورُ الأبْصَارِ مِنِ الظُلَمِ وَقوَّةُ الأبْدانِ مِنَ
¥