(يَكَادُ بِهَا ذُو الْعِلْمِ فَوْقَ السُّهَى يَسْمُو
(وَكَمْ خَبَرٍ في فَضْلِهِ صَحَّ مُسْنَدًا
(عَنْ الْمُصْطَفَى فَاسْأَلْ بِهِ مَنْ لَهُ عِلْمُ
(كَفَى شَرَفًا لِلْعِلْمِ دَعْوَى الوَرَى لَهُ
(
(جَمِيعًا وَيَنْفِي الْجَهْلَ مِن قُبْحِهِ الفَدْمُ
(فَلَسْتُ بِمُحْصٍ فَضْلَهُ إِنْ ذَكَرْتُهُ
(فَقَدْ كَلَّ عَنْ إحصائِهِ النَّثْرُ وَالنَّظْمُ
(فَيَا رَافِعَ الدُّنْيَا عَلَى الْعِلْمِ غَفْلَةً
(
(حَكَمْتَ فَلَمْ تُنْصِفْ وَلَمْ يُصِبِ الْحُكْمُ
(أَتَرْفَعُ دُنْيَا لا تُسَاوِي بَأسْرِهَا
(
(جَنَاحَ بَعُوضٍ عِنْدَ ذِي العَرْشِ يا فَدْمُ
(
وَتُؤثِرُ أَصْنَافَ الْحُطَامِ عَلَى الذِي
بهِ العِزُّ في الدَّارَيْنِ وَالْمُلْكُ والْحُكْمُ
وَتَرغَبُ عَنْ إرْثِ النَّبِيينَ كُلِّهمْ
وَتَرْغَبُ في مِيرَاثِ مَنْ شَأْنَهُ الظُّلْمُ
وَتَزْعُمُ جَهْلاً أَنَّ بَيْعَكَ رَابِحٌ
فَهْيَهَاتَ لَمْ تَرْبَحْ ولَمْ يَصْدُقِ الزَّعْمُ
أَلَمْ تَعْتَبِرْ بالسَّابِقِينَ؟ فَحَالُهُمْ
دَلِيلٌ عَلَى أَنْ الأَجَلَّ هُوَ الْعِلْمُ
فَكَمْ قَدْ مَضَى مِنْ مُتْرَفٍ مُتَكَبِّرٍ
وَمِنْ مَلِكٍ دَانَتْ لَهُ الْعُرْبُ والْعَجْمُ
فَبَادَوا فلمْ تَسْمَعْ لَهُمْ قَطُّ ذَاكِرًا
وَإِنْ ذَكَرُوا يَوْمًا فَذَكَرَهُمْ الذَّمُ
فَكُنْ طَالِبًا لِلْعِلْمِ حَقَّ طِلابِهِ
مَدَى الْعُمْرُ لا يُوهِنُكَ عَنْ ذَلِكَ السَّأمُ وَهَاجِرْ لَهُ فِي أَيَّ أَرْضٍ وَلَوْ نَأتْ
عَلَيْكَ فَإعْمَالَ الْمَطِيِّ لَهُ حَتْمُ
وَأَنْفِقْ جَمِيعَ الْعُمْرِ فِيهِ فَمَنْ يَمُتْ
لَهُ طَالِبًا نَالَ الشَّهَادَةَ لا هَظْمُ
فَإِنْ نَلْتَهُ فَلْيَهْنِكَ الْعِلْمُ إِنَّهُ
هو الغَايةُ العُلْيَاءُ واللَّذَةُ الْجِسْمُ
دا
جدا
(فَلِلَّهِ كَمْ تَفْتَضُّ مِنْ بِكْرِ حِكْمَةٍ
(وَكَمْ دُرَّةٍ تَحْظَى بِهَا وَصْفَهَا اليُتْمُ
(وَكَمْ كَاعِبٍ حَسْنَاءَ تكشِفُ خِدْرَهَا
(
(فَيُسْفِرُ عَنْ وَجْهٍ بهِ يَبْرأُ السُّقْمُ
(فَتَلْكَ التِي تَهْوَى ظَفِرْتَ بِوَصْلِهَا
(لَقَدْ طَالَ مَا فِي حُبِّهَا نَحَلَ الْجِسْمُ
(فَعَانِقْ وَقَبَّلْ وَارْتَشِفْ مِنْ رُضَابِهَا
(
(فَعَدْلُك عن وَصْلِ الْحَبِيبِ هُو الظُّلْمُ
(فَجَالِسْ رُواةَ الْعِلْمِ واسْمَعْ كلامَهُمْ
(فَكَمْ كَلْمٍ مِنْهُمْ بِهِ يَبْرَأُ الكَلْمُ
(وَإنْ أَمَرُوا فَاسْمَعْ لَهُمْ وَأَطِعْ فهُمْ
(
(أُولُوا الأَمْرِ لا مَنْ شَأْنُهُ الْفَتْكُ والظُّلْمُ
(مَجَالِسُهُمْ مِثْلُ الرِّيَاضِ أَنِيقَةٌ
(لَقَدْ طَابَ مِنْهَا اللوْنُ وَالرِّيح وَالطَّعْمُ
(أَتْعَتْاضُ عَنْ تِلْكَ الرِّيَاضِ وَطِيبهَا
(
(مَجَالِسَ دُنْيَا حَشْوُهَا الزُّورُ والإِثْمُ
(فَمَا هِي إِلا كَالْمَزَابِلَ مَوْضِعًا
(لَكُلِّ أَذَىً لا يُسْتَطَاعُ له شَمُّ
(فَدُرْ حَوْلَ قَالَ اللهُ قَالَ رَسولُهُ
(
(وَأَصْحَابُهُ أَيْضًا فَهَذَا هُوَ الْعِلْمُ
(وَمَا الْعِلْمُ آراءُ الرِّجَالَ وَظنُّهُمْ
(
(أَلَمْ تَدْرِ أَنَّ الظَّنَّ مِنْ بَعْضِهِ الإِثْمُ
(
وَكُنْ تَابِعًا خَيْرَ القُرُونِ مُمَسِّكًا
(بآثَارِهِمْ فِي الدِّينِ هذا هُوَ الْحَزْمُ
(وَصَلِّ إِلهَ الْعَالَمِينَ مُسَلِّمًا
(
(عَلَى مَنْ بِهِ للأنْبِيَاءِ جَرَى الْخَتْمُ
(كَذَا الآلِ والأَصْحَابِ مَا قَالَ قائلٌ
(عَلَى الْعِلْمِ نَبْكِي إِذْ قَدِ انْدَرَسَ الْعِلْمُ
(والله أعلُم، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
موعظة: عبادَ اللهِ انْتَهزوا فُرَصَ الزَّمَانْ، قبل تعذر الإمكان قَبْلَ أَنْ تنقل من اسْمِ مَازَال إلى خَبَرَ كَانَ، فَانْتَبِهْ يَا مَنْ نظنه صَاحٍ وإذا هو سكران.
فَمَا كلُ حينٍ مُمْكِنُ الفوَز بالْمُنَى
(ولا كُلُ وَقْتٍ يُرْفَعُ الْحُجْبُ لِلْعَبْدِ
(عَبادَ الله كيفَ يَثِقُ بالْحَيَاةِ مِنْ الْمَنَيَّةُ تَقْفُوا إِثْرَهُ وَتَقِفُ لَهُ في دَرْبِهْ، كَيْفَ يَرْجُو رَاحَةَ الدنيا من لا رَاحَةَ لَهُ دُونَ لقاء رَبِّه.
تالله لو كانت الدنيا صافية المشارب من كل شائب مُيَسَّرَةَ المطالب لكُل، طالب باقيةً علينا لا يسلبها منا سالب، لكانَ الزاهد فيها هو اللبيب الصائب، لأنها تشغل عن الله والنِّعَمُ إذَا أشْغَلَتْ عن المنعم كانت من المصَائب.
أيا رَاضِعَ الدنيا انْفَطِمْ عَنْ رِضَاعِهَا
(فَقَدْ آنَ تَنْهَاكَ عَنْهَا الشَّوائِبُ
(أَلا عَامِلٌ فِيهَا لَيُنْقِذَ نفسَه
(ألا مُؤْمِنٌ فيها سَيَخْلُد راغِبُ
(أَلا آسِفٌ ذُو لَوْعَةٍ وَتَحَرُّقٍ
(أَلا نَائِحٌ في مأْتَمِ الْحُزْنِ نَادِبُ
(أَلا مُذْنِبٌ مُسْتَغْفِرٌ مِنْ ذُنُوبِهِ
(أَلا خَائِفٌ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ رَاهِبُ
(أَلا خَاشِعٌ خَوْفًا مِنَ الله خَاضِعُ
(أَلا نَاحِلٌ شَوْقًا إِلى اللهِ ذَائِبُ
(سَتَلْقَونَ مَا قَدَّمْتُمُوا اليَومَ في غِدٍ
(وَكُلُّ امْرِئٍ يُجْزَى بِمَا هُو كَاسِبُ
(
اللَّهُمَّ يا سامِع كل صوت، ويا بارئ النفوس بعد الموت، يا مَن لا تشتبهُ عليه الأصوات، يا عظيم الشأن، ويا واضع البرهان، يا مَن هو كل يوم في شأن، اغفر لنا ذنوبنا إنكَ أنتَ الغفور الرحيم. اللَّهُمَّ امنَنْ علينا بإصلاح عيوبنا واجعل التقوى زادنا وفي دينكَ اجتهادنا وعليك توكلنا واعتمادُنَا، واغْفِرْ لَنَا وَلِوالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينِ.
¥