تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ذَلِكَ الإِخْلاصُ هو أَنْ تَعْمَلَ العَمَلِ الصَّالِحَ لا تُريدُ جَزَاءً عَليهِ إِلا مِن اللهِ يَكُونُ ذَلِكَ قَصْدُكَ قبلَ العَمَلِ وَحَينِ مُبَاشَرَتِهِ وَبَعدَ الفَرَاغِ مِنْهُ لا تَذْكُرُهُ بِلِسَانِكَ إلا مِن بَابِ التَّحَدُّثِ بِنَعَمِ اللهِ أَوْ لِيَقْتَدِي بِكَ غَافِلٌ مُتَّبعٌ لِهَوَاهُ، بِهَذَا يَكُونُ الْعَمَلُ عِبَادَةً حَقًّا وَتَكُونَ أَنْتَ مِن العَابِدينَ وَبِهَذَا يَثْمِرُ عَمَلُكَ القَبُولَ عندَ رَبِّكَ وَعِنْدَ الناسِ، وَبِهَذَا تَكُونَ أَقْوَى النَّاسِ لأَنْ وَلِيَّكَ حِينَئِذٍ يَكُونَ مَوْلاكَ الَقَوِيُّ الْمَتِينُ وبهذا تكونُ مِنْ أَهْلِ الكَرَامَةِ في هَذه الدار وفي دَار الْجَزَاءِ.

شعرًا:

لِلهِ دَرُّ نُاسٍ أَخْلَصُوا العَمَلا

(عَلَى اليَقِين وَدَانُوا بالذي أُمِرُوا

(أَوْلا هُمُوا نِعَمًا فَازْدَادَ شُكْرهُمُوا

(ثُمَّ ابْتَلاهُم فَأرْضوْهُ بِمَا صَبَرُوا

(وَفَّوْا لَهُ ثُمَّ وَافَوْهُ بِمَا عَمِلُوا

(إِذًا سَيُوفِيهُموا إِذَا نُشِرُوا

(آخر:

عَلَيْكَ بإخلاصِ العِبَادَةِ لِلَذِي

(لَهُ نِعَمُ لا تَنْحَصِي وَفَضَائِلُ

(آخر:

إِذَا قِيلَ أَي النَّاس خَيْرٌ فَقُلْ لَهُمْ

(عِبَادٌ لِمَوْلاهُمْ أَنَابُوهُ وَأَخْلَصُوا

(أَمَّا إِذَا عَمِلْتَ العَمَلَ الصَّالِحَ لِيُقْبِلَ عَلَيْكَ النَّاسُ وَيَقُولُوا إِنَّكَ مِنْ الصَّالِحِينَ فأنتَ إِذًا تكونُ مُرَائِيًا لا تُخْلِص العَمَلَ بَلْ تَشْركْ مَعَه النَّاظِرينُ فتكونُ في دَعْوَى تَمْحِيصِِ العملِ للهِ تَعالى لَسْتَ بَصَادِقٍ بَلْ مِنْ الكاذبين.

وَانْظُرْ كَيْفَ تَكُونَ حَالُ مَنْ يَكْذِبُ عَلى مَنْ لا تَخْفَى عليهِ خَافيةٌ،

لا في الأرضِ ولا في السماءِ، إن الْمُرَائِيَ مَهْمَا أَخْفَى رِيَاءَهُ يُظْهِرُ اللهُ تعالى ما فِي قَلْبِهِ لِلْعَالِمِينَ، رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ يَعْمَلُ فِي صَخْرَةٍ لَيْسَ لَهَا بَابٌ وَلا منفذٌ لأَخَرَجَ الله عَمَلُهُ لِلنَّاسِ كَائِنًا مَا كَانَ».

وَلِذَلِكَ يَكُونُ لأعمالِ الْمُرَائِي مِن السَّمَاجَةِ في نُفُوسِ الناسِ مَالاً يَحْكِيهِ اللَّسَانُ وَلِهَذَا يَكُونُ مَرْذُولاً ثَقِيلاً عِنْدَ النَّاسِ، وَمِنْ هَذَا تَرَاهُ يَتَوَدَّدُ إلى النَّاسِ وَيَضْحَكُ إِلَيْهِمْ وَنُفُورُهُمْ عنه عِبْرَةٌ عند العقلاء، ثم هو عندَ اللهِ أَسْوأُ حَالاً خصوصًا في اليومِ الذي يَشِيبُ فيه الأطفالُ فقد يُُؤْمَرُ بِهِ إِلى النَّارِ وَلَهُ مِنَ الأَعْمَالِ أَمْثَالَ الْجِبَالِ لكنَّهَا لِمَّا لَمْ يُرْد بِهَا وَجْهَ اللهِ خَالِصَةً صَارَتْ وَبالاً عَلَيْهِ نَعوذُ باللهِ مِن الرِّيَاءِ.

وَقَدِّم أَحاديثَ الرَسولِ وَنَصُّهُ

(عَلى كُلِّ قَولِ قَد أتى بِإِزّائِهِ

(فَإِن جاءَ رأيٌ لِلحَديثِ مَعارِضًا

(فَلِلرّأي فَاِطرَح وَاِستَرِح مِن عَنائِهِ

(فَهَل مَعَ وُجودِ البَحرِ يَكفي تَيِّمِمٌّ

(لِمَن لَيسَ مَعذورًا لدى فُقَهائِهِ

(وَهَل يوقِدُ الناسُ المَصابيحَ لِلضِيا

(إِذا ما أَتى ردأ الضُحى بِضِيائِهِ

(سَلامي عَلى أَهلِ الحَديثِ فَإِنَّهُم

(مَصابيحُ عِلمٍ بَل نُجومُ سَمائِهِ

(بِهِم يَهتَدي مَن يَقتَدي بَعُلومِهِم

(وَيَرقى بِهِم ذو الداءِ عِلَّةِ دائِهِ

(وَيَحيى بِهِم مَن ماتَ بِالجَهلِ قَلبَهُ

(فَهُم كَالحَيا تُحي البِقاعِ بِمائِهِ

(لَهُم حَللٌّ قَد زَيَّنَتْهُمْ مِنَ الهُدَى

(إِذا مَا تَرَدَّى ذُو الرَدَى بِرِدائِهِ

(وَمَن يَكُن الوَحيَ المَطَهَّرُ عَلَمَهُ

(فَلا رَيبَ في تَوفيقِهِ وَاِهتِدائِهِ

(وَما يَستَوي تالي الحَديثِ وَمَن تَلا

(زَخارِفَ مِن أَهوائِهِ وَهَذائِهِ

(وَكُن راغِباً في الوَحيَ لا عَنهُ راغِباً

(كَخابِطِ لَيلٍ تائِهٍ في ردُجائِهِ

(إِذا شامَ بَرقَ في سَحابٍ مَشى بِهِ

(وَإِلا بقي في شَكَّهِ وَاِمتِرائِهِ

(وَمَنْ قَالَ ذَا حِلٌّ وهَذَا مُحَرَّمٌ

(غير دَليلٍ. فهو مَحْضُ افترائِهِ

(

وَكُلُّ فَقيهٍ في الحَقيقَةِ مُدَّعٍ

(وَيَثِبُ بِالوَحيَينِ صِدقَ اِدِّعائِهِ

(هُما شاهَدا عَدلٍ وَلَكِن كِلاهُما

(لَدى الحُكمِ قاضٍ عادِلٍ في قَضائِهِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير