وَرُوِيَ عنه: أنَّه شَغَلَهُ أمرٌ عَن المغْرب حتّى طَلعَ نَجمَانٍ فَلمَّا صَلاها أعْتَقَ رَقَبتينِ. وَفَاتَتْ ابنُ أبي رَبِيعَةَ رَكْعتَا الفجر فأعتَقَ رَقَبةً. وَوَرَدَ أَنَّ ابنَ عُمرَ كَانَ إِذَا فَاتَتهُ صَلاةٌ في جَمَاعِةٍ أَحيَا تِلكَ اللَّيْلَةِ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَجْعِلُ عَلَى نَفْسِه صَوْمُ سنَةٍ، أَوْ الْحَجُّ مَاشِيًا، أَوْ التَّصدَقُ بالشيءِ الكَثير كلُّ ذَلك مؤاخَذَهٌ لهَا بما فِيهِ نَجَاتُها. والله أعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
(4) موعظة
رُوِيَ عَنْ عَلَيَّ بن أبي طَالب أنّه قَالَ: لا تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو الآخرةَ بَغْيرِ عَمَلٍ ويَؤخرُّ التَّوْبةَ لِطُولِ الأَملِ وَيقَولُ في الدُّنيَا بِقوْلِ الزَّاهدِينَ، ويعَملُ فيها عَمَلَ الرَّاغِبينَ، إِنْ أُعْطِيَ مِنَ الدُّنيا لَمْ يَشْبَعْ، وإن مُنْعَ منهَا لَمْ يَقْنَعْ، وَيَأْمُرُ النَّاسَ بِمَا لا يَأْتِيهِ، يُحِبُّ الصَّالِحينَ وَلا يَعْملُ أَعمَالَهم، وَيَبْغَضُ الْمُسيئينَ وَهُوَ مِنْهُمْ، يَكرهُ الْموْتَ لِكَثرةِ ذُنوبه، ويُقيمُ على ما يَكَرهُ لَهُ الْمَوْتَ،
إنْ سَقِمُ ظَلَّ نَادمًا، وإنَ صَحّ أمِنَ لاهِيًا، يَعجبُ مِن نفسِه إذَا عُوفيَ، ويَقنَطُ إذَا تَغلِبهُ نفْسُهُ على ما يَظُنُّ ولا يَغلِبُهَا على ما يَسْتِقينُ، ولا يَثقُ منِ الرَّزقِ بما ضُمِنَ لهُ، ولا يَعْملُ مِن العَمَلِ بمَا فُرِضَ عَلَيْهِ إِنْ اسْتغَنى بَطِرَوان افتقرِ قَنِطَ وحَزنَ فهو منَ الذّنبِ في حَال النَّعمة والمِحْنة مُوقرٌ، يَطلبُ الزيادة ولا يشكرُ، ويتكلّفُ مِن الناس مالاً يُؤمرُ، ويضيّعُ الموتَ ولا يُبادرُ الفَوْتَ، يَستكبرُ مِن مَعصيةِ غيرِهِ ما يَسهُلُ أكثرُه مِن نفْسه. مَزاهرُ اللهّوِ مع الأغْنياءِ أحبُّ إليهِ مِن الذِّكرِ مع الفُقراءِ، يَحكمُ على غيرِهِ لِنفسِهِ ولا يَحكمُ عليها لِغَيرِهِ.
اللَّهُمَّ يا حَيُّ يَا قَيُّومُ يا ذَا الجلال والإكرام أَسْأَلُكَ بأَسْمَائِكَ الحُسْنَى وصِفَاتِكَ العلْيَاءِ أَنْ تُعِزَّ الإِسْلامَ وَالمُسْلِمِينَ وَأَنْ تُذِلَّ الشِّرْكَ وَالمُشْرِكِينْ وَأَنْ تُدمِّرَ أَعْدَاءَ الدِّينِ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ.
شِعْرًا:
تَجَهَّزِي بِجِهَاز تَبْلِغِينَ بِهِ
(يَا نَفْسُ قَبْلَ الرَّدَى لَمْ تُخْلَقِي عَبَثَا
(وَسَابِقِي بَغْتَةً الآجَالِ وانْكَمِشِي
(قَبْلَ الْلِزَام فلا مَلْجَا ولا غَوثا
(وَلا تَكُدِّي لِمَنْ يَبْقَى وَتَفتَقِري
(إنَّ الرَّدَى وارِثُ البَاقِي وَمَا وَرَثَا
(وَاخْشِي حَودِثَ صَرْفِ الدَّهْر في مَهَلٍ
(وَاسْتَيْقِظِي لا تَكُونِي كالَّذِي بَحَثَا
(عَنْ مُدْيَةٍ كَانَ فِيهَا قَطْعُ مُدَّتِهِ
(فَوافَتْ الْحَرْثَ مَحَرُوثًا كَمَا حُرِثَا
(مَنْ كَانَ حِينَ تُصِيبُ الشَّمْسُ جَبْهَتَهُ
(أَوْ الغُبَارُ يَخَافُ الشَّينَ والشَّعَثا
(وَيَألَفُ الظِّلَّ كَيْ تَبْقَى بِشاَشَتُهُ
(فَسَوْفَ يَسْكُنُ يَوْمًا رَاغِمًا جَدَثا
(فِي قَعْرِِ مُوحِشَةٍ غَبْرَاءَ مُقفِِْرَةٍ
(يُطِيلُ تَحْتَ الثَّرَا فِي جَوْفِهَا اللِّبَثَا
(
آخر: وَنَفْسَكَ فَازْجُرْهَا عن الْغِيَ والْخَنَا
(وَلا تَتَّبعْهَا فَهِي أُسُّ الْمَفَاسِدِ
(وَحَاذِرْ هَواهَا مَا اسْتَطَعْتَ فَإنَّهُ
(يَصُدُّ عَنْ الطَّاعَاتِ غَيْرَ الْمُجَاهِدِ
(وَإِنَّ جِهَادَ النَّفسْ حَتْمٌ عَلى الفَتَى
(وَإِنَّ التُّقى حَقًا لَخَيْرُ الْمَقَاصِدِ
(فَإنْ رُمْتَ أَنْ تُحْظَى بِنَيْلِ سَعَادَةٍ
(وَتُعْطَى مَقَامَ السَّالِكينَ الأَمَاجِدِ
(فَبَادِرْ بَتَقوى اللهِ واسْلُكْ سَبِيلَها
(ولا تَتَّبعْ غَيَّ الرَّجِيمِ الْمُعَانِدِ
(
وَإِيَّاكَ دُنْيَا لا يَدُومُ نَعِيمُهَا
(وَإِنَّكَ صَاحِ لَسْتَ فِيهَا بِخَالِدِ
(تَمَسَّكَ بِشَرْعِ اللهِ وَالْزَمَ كِتَابَهُ
(وَبِالعِلْمِ فاعْمَلْ تَحْوِ كُلَّ الْمَحَامِدِ
(اللَّهُمَّ امنُنْ علينَا بإصْلاحِ عُيوبِِنَا واجعلْ التقّوى زادَنا وفي دِينِكَ اجتهادَنا وعليك توكّلنا واعتَمادُنَا، واغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَلْهِمْنَا ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَارُزْقْنَا حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يَنْفَعُنَا حُبُّهُ عِنْدَكَ، اللَّهُمَّ وَمَا رَزَقْتَنَا مِنْ مَا نُحِّبُ فَاجْعَلْهُ قُوَّةً لَنَا فِيمَا تُحِبُّ، اللَّهُمَّ وَمَا زَوَيْتَ عَنَّا مِمَّا نُحِبُّ فَاجْعَلْهُ فَرَاغًا لَنَا فَيمِا تُحِبُّ، واغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ منهُمْ والمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ
¥