(تَجِدْهَا دَارَ ذُلٍّ مَعَ فَنَاءِ
(إلَى كَمْ تَحْمِلُ الأوْزَارَ فِيهَا
(مَعَ الشَّهَواتِ تَسْرِي يا مُرَائِي
(أَمَا آنَ انْتِبَاهَكَ مِنْ غُرُورٍ
(بِهِ أَصْبَحْتَ بَيْنَ الأَغْبِيَاءِ
(تَيِقَّظْ وانْتَبِهْ واقْبِلْ بِقَلْبٍ
(عَلَى مَوْلاكَ تَظْفَرْ بِاهْتِدَاءِ
(
وَقِفْ بِالبابِ وَاطْلُبْ مِنْهُ عَفْوًا
(عَسَى تَحْظَى بِصُبِْحٍ أَوْ مَسَاءِ
(
اللَّهُمَّ يَا حيُّ ويا قيُّوم فَرِّغْنَا لما خَلَقْتَنَا له، ولا تُشْغِلْنَا بما تَكَفَّلْتَ لنا بهِ واجعلنا مِمَّن يُؤمِنُ بلقَائِك ويَرْضَى بقَضَائِك، ويقنعُ بعطائِكُ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
(فَصْلٌ): وقال الشّيخُ الواسِطيُّ في بعض رَسائِلهِ: إذا أرادَ الله بعبدٍ خيرًا أقامَ في قلبِهِ شَاهِدًا منْ ذكر الآخرة يُريدُ فَناءَ الدُّنيا وَزَوَالَها وبقاءَ الآخرةِ ودوامها فَيُزهّدهُ في الفَانِي وَيُرَغّبُهُ في الباقي، فَيبدأُ في السّير والسُلوكِ في طريقِ الآخرة وأوّلُ السيرِ فيهَا تَصحيحُ التَّوبةِ، والتّوبةُ لا تتمُّ إلا بالمُحاسبةِ ورعَايةِ الجَوارح السّبعةِ، العينُ والأُذنُ واللّسانُ والبَطْنُ والفَرْجُ واليَدُ والرِّجلُ وكفِّها عن جميع المحَارم والمكَارِهِ والفضُول هذا أحدُ شَطْرَي الدّين وَيَبْقَى الشّطرُ الآخرُ وهو القيامُ بالأوامِرِ فَتَحْقِيقُ الشّطرِ الأوّلِ وهو تَركُ المناهِي مِنْ قلبهِ وَقالبهِ.
أَما القَالَب فلا يَعصِي اللهَ بجَارحةٍ مِن جَوارحِهِ ومتَى زلَّ أو أخْطأَ تابَ، وأما القلبُ فَتُنَقّي منه المُوبقاتُ المُهلِكاتُ مثلُ: الرّياءِ، والعجْب، والكِبْر، والحَسَد، والبُغْضِ لِغَيرِ اللهِ، وَحُبِّ الدّنيا، وردِّ الحقّ واستثقالِهِ، والازْدِرَاءِ بالخَلْقِ وَمَقْتُهم وَغَيرُ ذلك مِن الكَبائِر القَلبيّةِ التي هِي في مُقَابَلَةِ الكَبائرِ القَالَبيةِ مِن شُرْبِ الخَمْرِ، والزّنَا، والقَذْفِ وغيرِ ذلك فهذِِهِ كَبَائِرٌ ظاهِرَةُ وَتِلْكَ كَبَائرٌ بَاطِنةٌ. وكلاهما ضرر.
قال: فَمَنْ انْطَوى على شَيءٍ مِن الكبائرِ البَاطنيّة ولم يَتُبْ حَبِطَ عَمَلُه بدليل لا يدخل الجَنّةَ مَن كان في قلبهِ مثقالُ ذرةٍ مِن كِبَر وجاء: إنّ الحسدَ يأكلُ الحسناتِ كما تأكلُ النارُ الحطبَ، وجاء بقول الله تعالى: " أنا أغْنى الشُّرَكاءِ عن الشركِ مَنْ عمِلَ عملاً فأشركَ مَعِيَ فيه غَيري تَركْتُه وشركه ". وقال تعالى: ? فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ?.
شِعْرًا:
وَإِنَّ أَحْسَن قَوْلٍ أَنْتَ قَائِلُهُ
(قَوْلٌ تَضَمَّنَ تَوْحِيدَ الذِّي خَلَقَا
(فمتَى تَنقَّى القلبُ مِن مثْلِ هذهِ الخَبائِثَ والرَّذَائِل طَهُرَ وَسَكَنتْ فيه الرّحمةُ في مكان البُغضِ، والتواضُع في مَقَابلةِ الكِبْر، والنّصيحةُ في مُقابلَةِ الغِشِّ، والإخلاصُ في مقابلةِ الرَّياءِ، ورؤية المنّةِ في مُقابَلةِ العُجْب، ورؤيةُ النفس فعند ذلكَ تَزْكوا الأَعمالُ وَتَصْعَدُ إلى اللهِ تعالى وَيَطْهُرُ القلبُ وَيَبْقَى مَحَلاً لِنَظَر الحَقِّ بِمَشيئَةِ اللهِ وَمَعُونَتِهِ فَهَذَا أحَدُ شَطْريْ الدِّين وهو رِعايَةُ الجَوارحِ السّبعةِ على المآثم والمحَارم وإنما تَصْلُح وَتَطْهُرُ بِرِعَايَةِ القلب وَطَهارَتِهِ مِن المُوبِقَاتِ والجَرائِمِ. وَمَعْنى المُوبقاتِ: المهلكات. أ. هـ.
آخر:
خِصَالٌ إِذَا لَم يَحْوِهَا المَرْءُ لم يَنَلْ
(منالاً مِنَ الدَّارِينَ يَكْسُبُ بِهِ حَمْدَا
(يَكُونُ تَقِيًا مُخْلِصًا وَمُتَابِعًا
(لِصَفْوَةِ خَلِقِ اللهِ أَعْنِي مُحَمَّدَا
(
¥