وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ ذَهَبٌ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ زكاتهُ مِنَ الأَوْرَاقِ المُتَعَامَلِ فِيها نَظَرَ إِلى قِيمةِ الذَّهَبِ مِنَ الأَوْرَاقِ وَأَخْرَجَ رُبُعَ عُشْرِ المُقَابِلِ لَهَا فَمَثَلاً إِذَا كَان عِنْدَهُ مائةُ جُنَيْهٍ وَكَانَ الجُنَيْهُ يُساوِي خَمْسِينَ رِيَالاً (50) فَتكون المائَة في خمسةِ آلاَفِ رِيَال فَزَكَاتُهَا مِنَ الأَوْرَاقِ مِائَةَ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ رِيَالاً هُوَ مُقَابِلُ زَكَاةِ مِائة الجُنَيْهِ وهو جُنَيْهَانِ وَنِصْفُ جُنَيْهٍ مِنْ زَكَاةِ المائةِ وهو جُنَيْهَانِ ونِصْفٌ.
وَتَجِبُ الزكاةُ في مالِ الصَّبِيِّ وَالمَجْنُونِ لِعُمُومِ حَديثِ مُعَاذِ لَمَّا بَعَثَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى اليَمَنِ، وَيُخْرِجُ عَنهما وَليُّهُما في مَالِهِما مِنْ مَالِهِمَا.
اللَّهُمَّ ألهمنا ذكركَ ووفقنا لِلقيام بحقكَ، وخلّصنا مِن حقوقِ خلقكَ، وباركْ لنا في الحلالِ مِنْ رِزْقِكَ، وَلا تَفْضَحْنا بينَ خَلقكَ، يَا خَيْرَ مَنْ دَعَاهُ دَاعٍ وَأَفْضَلَ مَنْ رَجَاهُ رَاجٍ يا قَاضِيَ الحَاجَاتِ، ومُجِيبَ الدعواتِ، هَبْ لَنَا ما سَأَلْناهُ، وحقق رَجَاءَنَا فِيما تَمَنَيْنَاهُ، يَا مَنْ يَمْلِكُ حَوَائِجَ السائِلينَ وَيعلمُ ما في صُدُورِ الصَّامِتِيَن أذقنا بَرْدَ عَفْوِكَ وَحلاَوَةَ مَغْفِرَتِكَ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا بَدِيع
السَّمَاواتِ نَسْأَلُكَ أَنْ تُوفِّقَنا لِمَا فِيهِ صَلاَحُ دِينِنَا وَدُنْيَانَا، وَأَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا وَأَكْرِمْ مَثْوَانَا، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعيِنَ.
(فصل)
3 - وَأَمَّا زَكاةُ الخَارِجِ مِنَ الأَرضِ فَتَجِبُ في كُلِّ مكِيلٍ مُدَّخَرٍ مِن الحَبِّ كَالقَمْحِ والشَّعِيرِ وَالذُرَةِ وَمِنَ الثَمرِ كالتَمْرِ وَالزَّبِيبِ قال الله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ ? وقولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ والعُيُونُ أو كان عَثِريًا العُشْرُ وفيما سُقِي بالنَّضحِ نِصْفُ العُشْرِ». رواه البخاري.
وَإنما تَجِبُ فِيه بِشَرْطَينِ الأولُ: أن يَبْلُغَ نِصابًا وَقَدْرُهُ بَعْدَ تَصْفِيَةِ الحبِ وَجَفَافِ الثمرِ خَمْسَةُ أوسُقٍ، والوسَقُ سِتُّونَ صَاعًا نَبَوِيًّا فَتكونُ خَمْسَةُ الأَوْسُقِ (300) ثَلاثمائةِ صَاعٍ بِالصَّاعِ النَبَوي وبالصَّاعِ الحَالِي مائَتَيْنِ وَثمَانِيةٍ وَعِشْرِينَ صَاعًا وَوَزْنُ الصَّاعِ النبوي بالرِّيَالِ الفَرَنْسِي ثَمَانُونَ رِيالاً (80) وَوَزْنُ الصَّاعِ الحَالي بالرِّيَالِ الفَرَنْسِي مائَةُ وَأَرْبَعَةٌ (104) فيكونُ زَائِدًا على الصَّاعِ النَّبَوِي بِخُمُسٍ وَخُمُسِ الخُمُسِ تَقْرِيبًا.
والشرط الثاني: أن يكون مالكًا لِلنِّصَابِ وَقْتَ وُجُوبِهَا فَوَقْتُ الوُجُوبِ في الحَبِّ إِذا اشْتَد وفي الثَّمَرِ إذا بَدَا صَلاَحُها لأنه حِينَئِذٍ يُقصَدُ لِلأَكْلِ وَالإِقتِيَاتِ بِهِ فأَشْبَهَ اليَابِسَ وعن عائشَةَ أنَّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يَبْعَثُ عَبْدَ اللهِ بنَ رَوَاحَةَ إِلى يَهُودَ فَيَخْرِصُ عليهم النَّخْلَ حِينَ يَطِيبُ قَبْلَ أَنْ يُؤكَلَ مِنْهُ. رَواه أبو داود.
وَيَجْبُ فَيما سُقِيَ بِلا مَؤنَةٍ العُشْرِ وَفيما سُقِيَ بِكُلْفَة نِصْفُ العُشُر
لِحَدِيثِ ابن عمرَ مَرفوعًا: «فيما سَقَت السَّمَاءُ الْعُشْرُ وفيما سُقِيَ بالنَّضْحِ نصفُ الْعَشْرِ». رواه أحمد، والبخاري. وللنسائي، وأبي داود، وابن ماجة: «فيما سَقَتِ السماءُ والأنهارُ والْعيونُ أو كان بَعْلاً الْعشرُ وفيما سُقِيَ بالسَّوانِي والنُّضْحِ نصفُ الْعُشْرِ».
ويَجِبُ إخْرَاجُ زَكَاةِ الْحَبِّ مُصَفَّى مِنْ قِشْرِهِ وَالثَّمَرِ يَابِسًا لِمَا وَرَدَ عَنْ عَتَّابِ بنِ أُسَيْدٍ أَن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يُخْرِصَ الْعنبُ زبيبًا كما يُخْرَصُ التَّمْرُ ولا يُسَمَّى زَبِيبًا ولا تَمْرًا حَقِيقَةً إلا اليابسُ وقِيسَ الباقِي عليهما. ولا يَستَقِرُّ وُجُوبُها إلا بجَعْلِهَا في الْجَرِينِ أو في الْبَيْدَرِ أو في الْمِسْطَاحِ ونَحوِهِ.
فإن تَلِفَتِ الْحُبُوبُ والثِّمَارُ التي تَجِبُ فِيها الزكاةُ قبلَ الْوضعِ بالْجَرين ونحوِهِ بَغَيْرِ تَعَدٍّ منه سَقَطَتْ، خُرصَتْ أو لم تُخْرَصْ، وإِنْ تَلِفَ الْبَعْضُ مِنَ الزرعِ والثَّمَرَ قَبْلَ الاسْتِقْرَارِ زَكّى الْبَاقِي إن كان نِصَابًا وإلا فلا زَكاةَ فيه لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ فيما دُونَ خَمْسةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ».
ولا تَتَكَرَّرُ زَكاةُ الْمُعَشَّر إِذَا لَم يَقْصُدْ بِهِ التِّجَارَةَ فإن كَانَتْ مُعَدَّةُ لِلتِّجَارَةِ كالذي يَشْتَرِي الْبُرَّ أو الأَرُزَّ أو الزَّيْتَ يَتَربَّصُ بِهِ أو يُقَطِّعُهُ فَهَذِهِ تُعْتَبَرُ عُرُوضًا إذَا كَانْتَ تَبْلُغُ نِصَابًا كُلَّمَا دَارَ عَلَيْهَا الْحَولُ قَوَّمَهَا بالأنْفَعِ لِلْفُقَراءِ من عَيْنٍ أَوْ وَرَقٍ ولا يُعْتَبَرُ مَا اشْتُرِيَتْ بِهِ.
وَيُسْتَحَبُّ لِلإِمَامِ بَعْثُ خَارِصٍ لِثَمَرِ النَّخْلِ والْكَرْمِ إذا بَدَا صَلاحُها. وَشَرْطِ كَوْنهُ مُسْلَمًا أَمِينًا خَبِيرًا لِحَدِيث عائشة قالَتْ: كان عليه الصلاةُ والسلامُ يَبْعَثُ عَبْدَ اللهِ بنَ رَوَاحَةَ إِلى الْيهودِ يَخْرِصُ عليهم النَّخِيلَ قَبْلَ أنْ يُؤْكَلَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
¥