عليه كما في حديث حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا وهو في الصحيح من رواية جماعة من الصحابة فهو ناقض بالنص وما لم يقع النص عليه فهو لاحق بالريح إما بفحوى الخطاب أو بلحن الخطاب ولا يحتاج مع هذا إلى الاستدلال على تعميم نقض الخارج بما لم يثبت ففي هذا كفاية وهو يشمل ما قل أو ندر أو رجع
قوله وزوال العقل بأي وجه
أقول وجه النقض أن من زوال عقله بنوم أو جنون أو إغماء لم يكن على يقين من بقاء طهارته التي تعتبر في صحة الصلاة ولا سيما وتلك الحالة مظنة لاسترخاء الأعضاء وعدم القدرة على دفع ما ينتقض به الوضوء وقد ثبت في النوم حديث العين وكاء السه من رواية علي ومعاوية مرفوعا وقد حسنه جماعة من الحفاظ
فجعل النوم مظنة للنقض لأنه إذا نامت العين استطلق الوكاء كما في بعض الروايات ثم رتب صلى الله عليه وسلم على هذه المظنة الجزم على من نام بأن يتوضأ فقال فمن نام فليتوضأ كما في بعض الروايات الخارجة من مخرج معمول به
ولكنها وردت أحاديث قاضية بأنه لا ينتقض الوضوء بالنوم إلا إذا نام مضطجعا وهي تقوى بعضها بعضا كما أوضحت ذلك في شرحي المنتقى فتكون مفيدة لما ورد في نقض مطلق النوم فلا ينقض إلا نوم المضطجع
إذا تقرر لك هذا فاعلم أن الجنون والإغماء أولى بوجود هذه المظنة فيهما فأقل أحوالهما أن يكونا مثل النوم فلا يحتاج إلى إيراد دليل عليهما بخصوصهما
ومعلوم أنه إذا استطلق الوكاء بالنوم أستطلق بما هو مثله في زوال العقل وذهاب الإحساس فكيف بما هو فوقه
ص97
وبهذا تعرف أنه لا ينقض نوم القاعدة ونحوه ممن لم يكن مضطجعا لا بخفقتين ولا بخفقات متواليات أو متفرقات
وعلى هذا يحمل ما ورد أن جماعة من الصحابة كانوا ينامون فيوقظون للصلاة فيصلون ولا يتوضئون
وأما ما ورد في بعض الروايات أنهم كانوا يضعون جنوبهم فهو لا يصلح للتمسك به في معارضة إيجاب الوضوء على نوم من نام مضطجعا ثم الاضطجاع لا يستلزم النوم فقد يضطجع منتظرا للصلاة للاستراحة فيظن من رآه كذلك أنه نائم
على ان هذا اللفظ أعنى قوله كانوا يضعون جنوبهم لم يثبت من وجه يصلح للاحتجاج به
قوله وقيء نجس
أقول قد صح أنه صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ كما أخرج ذلك أحمد وأهل السنن وهو حديث حسن ويؤيده حديث من أصابه قيء أو رعاف أو قلس فلينصرف فليتوضأ وإعلاله بإسماعيل بن عياش لا يوجب ترك العمل به فإسماعيل إمام قد وثقه جماعة وضعفه آخرون بما لا يوجب سقوط حديثه وترك العمل به ولحديثه هذا شواهد تقوية
قوله ودم أو نحوه إلخ
أقول قد عرفناك فيما سلف أن الأصل في الأشياء الطهارة فمن ادعى نجاسة شيء من الأشياء فعليه الدليل فإن جاء بما يصلح للنقل عن هذا الأصل المصحوب بالبراءة الأصلية فذاك وإلا فلا قبول لقوله
ص98
وهكذا من ادعى أنه ينقض الطهارة الصحيحة ناقض فعليه الدليل فإن نهض به فذاك وإلا فقوله رد عليه
وعرفناك أن الحدث مانع من الصلاة فإذا ارتفع بالوضوء كان مرتفعا حتى يعود ذلك المانع بما يوجب بطلان تلك الطهارة التي ارتفع بها ذلك المانع ولم يأت من قال بأن خروج الدم ناقض بشيء يصلح للتمسك به فإن حديث سلمان أنه رعف فقال له صلى الله عليه وسلم أحدث لك وضوءا وإن أخرجه الطبراني في الكبير ففي إسناده كذاب وضاع وحديث تميم الداري بلفظ الوضوء من كل دم سائل وإن عزاه السيوطي في الجامع الصغير إلى الدارقطني ففي إسناده من لا تقوم به الحجة وحديث أبي هريرة ليس في القطرة والقطرتين من الدم وضوء إلا أن يكون سائلا وإن اخرجه الدارقطني ففي إسناده من لا تقوم به الحجة وأما حديث إسماعيل بن عياش فقد قدمنا في البحث الذي قيل هذا الكلام فيه وذكرنا أنه يؤيد ما ذكرناه من أنه صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ فلا يصلح للاحتجاج به منفردا فكيف إذا عورض بمثل أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وصلى ولم يزد على غسل محاجمه أخرجه الدارقطني وفي إسناده صالح بن مقاتل ووالده وسليمان بن داود وصالح ووالده ضعيفان وسليمان بن داود مجهول ولكنه رواه المنذري في تخريج المهذب من هذه الطريق وقال إسناده حسن وقال ابن العربي في خلافياته إن الدارقطني رواه بإسناد صحيح هكذا حكى ذلك في البدر المنير
¥