تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبما أخرجه البخاري عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة ذات الرقاع فرمى رجل بسهم فنزفه الدم فركع وسجد ومضى في صلاته وأخرجه أحمد وأبو داود والدارقطني وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم

ص99

وقد ثبت في روايات صحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل الشعب فقال من يحرسنا الليلة الليلة فقام رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار فباتا بفم الشعب فاقتسما الليلة للحراسة وقام الأنصاري يصلي فجاء رجل من العدو فرمى الأنصاري بسهم فأصابه فنزعه واستمر في صلاته ثم رماه بثان فصنع كذلك ثم رماه بثالث فنزعه وركع وسجد وقضى صلاته ثم أيقظ رفيقه فلما رأى ما به من الدماء قال له لم لا أنبهتني أول ما رمى قال كنت في سورة فأحببت أن لا أقطعها

ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اطلع على ذلك ولم ينكر عليه الاستمرار في الصلاة بعد خروج الدم ولو كان الدم ناقضا لبين له ولمن معه في تلك الغزوة وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز

وقد كان الصحابة رضى الله عنهم يخوضون المعارك حتى تتلوث أبدانهم وثيابهم بالدم ولم ينقل أنهم كانوا يتوضئون لذلك ولا سمع عنهم أنه ينقض الوضوء

قوله والتقاء الختانين

أقول قد ثبت أن هذا من موجبات الغسل بالأدلة الصحيحة كما سيأتي ومعلوم أن موجبات الطهارة الكبرى موجبات للطهارة الصغرى فذكر هذا هنا غفلة شديدة

قوله ودخول الوقت في حق المستحاضة ونحوها

أقول ليس على هذا أثارة من علم ولا عقل فلا حاجة إلى التطويل في رده وبيان بطلانه

قوله وكل معصية كبيرة غير الإصرار

أقول لم يتمسك القائلون بهذا سوى حديث أبي هريرة عند أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم

ص100

رأى رجلا مسبلا إزاره في الصلاة فأمره بإعادة الوضوء والصلاة وفي إسناده مجهول قيل هو يحيى بن أبي كثير المدني وقيل هو كثير بن جهمان السلمي وقيل غيرهما فلا تقوم به حجة ولا يصح الاستدلال به على نقض وضوء المسبل إزاره فكيف يستدل به على هذه القضية الكلية التي تعم بها البلوى

فيالله العجب من التسرع إلى إثبات أحكام الله سبحانه بمجرد الخيالات المختلة والشبه المعتلة

وأما الاستدلال بأن الكبائر محبطة فلا يصلح للاستدلال به بوجه من الوجوه ولو سلم لكانت محبطة لكل عمل فعل قبلها من أعمال الخير كائنا ما كان فلا ينعقد لفاعل الكبيرة عمل ولا تثبت له طاعة وهذا باطل بالإجماع وليس مراد القائلين بالإحباط إلا إحباط ثواب الطاعات المترتب على فعلها لا شك في هذا

قوله أو ورد الأثر بنقضها كتعمد الكذب والنميمة

أقول لم يرد شيء قط في ذلك لا من وجه صحيح ولا حسن ولا ضعيف خفيف الضعف فإثبات مثل هذا الحكم الذي تعم به البلوى بلا شيء من كتاب ولا سنة ولا قياس ولا وجه من وجوه الاستدلال ليس من دأب المتورعين فضلا عن العلماء العاملين

ومع هذا فإقرار هاتين المعصيتين بالذكر بعد ذكر كل معصية كبيرة ليس على ما ينبغي فإنهما من الكبائر كما دلت على ذلك الأدلة وانطباق حد الكبائر عليهما على اختلاف الاصطلاحات ومثلهما غيبة المسلم

وأما القهقهة في الصلاة فأشف ما استدلوا به قصة الأعمى التي أخرجها الطبراني

ص101

في الكبير عن أبي موسى قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس إذا دخل رجل فتردى في حفرة كانت في المسجد وكان في بصره ضرر فضحك كثير من القوم وهم في الصلاة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من ضحك أن يعيدوا الوضوء والصلاة وفي إسناده محمد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم أبو جعفر الواسطي الدقيقي قد اختلف فيه حتى قال أبو داود إنه لم يكن بمحكم العقل ورواه البيهقي عن أبي العالية مرسلا وقال أما هذا فحديث مرسل ومراسيل أبي العالية ليست بشيء كان لا يبالي عمن أخذ حديثه ورواه البيهقي أيضا من طرق ثم قال وهذه الروايات كلها راجعة إلى أبي العالية الرياحي قال الشافعي حديث أبي العالية الرياحي رياح وقال ابن عدي وأكثر ما نقم على أبي العالية هذا الحديث وكل ما رواه غيره فإن مدارهم ورجوعهم إلى أبي العالية والحديث له وبه يعرف ومن أجل هذا الحديث تكلموا في أبي العالية وسائر أحاديثه مستقيمة صالحة انتهى

وقد جزم جماعة من الحفاظ أنه لم يصح في كون الضحك ينقض الوضوء شيء فليس ها هنا ما يصلح لإثبات أقل حكم من أحكام الشرع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير