(وَقَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: أَطْيَبُ العَيْشِ القَنَاعَةُ وَأَنْكَدُ الْعَيْشِ الجَشَعُ وَمِنْ الأَخْلاقِ الذَّمِيمَةِ التي تَجْعَلُ الإِنْسَانَ بَخِيلاً بِمَا فِي يَدِهِ مُتَطَلِّعًا لِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ الحِرْصُ والإفْرَاطُ في حُبِّ الدُّنْيَا وَجَمْعِهَا وَلَوْ أَدَّى ذَلِكَ إلى إهْدَارٍ الكَرَامَةِ وَإرَاقَةِ مَاءِ الوَجْهِ فَالْحَذرَ عِبَادَ اللهِ مِنْ الحْرِصِ عَلَى الدُّنْيَا فَإنَّ حُبَّهَا رَأْسُ كُلُّ خَطِيئَةٍ. شِعْرًا:
إِنْ رُمْتَ عِزًا على فَقْرٍ تُكَابِدِ
(فَاسْتَغْنِ عَنْ مَالِ أَهْلِ البَذْخِ والبَطَرِ
(فَإنِّمَا النَّفْسُ مَا لَمْ تَنْأ عَنْ طَمَعٍ
(فَرِيسَةٌ بَيْنَ ذُلِّ النَّفْسِ والظُّفُرِ
(آخر:
أَلا إِنَّما الدُنيا مَطِيَّةُ راكِبٍ
(تَسِيرُ بِهِ فِي مَهْمَةٍ وَسِبَاسِبِ
(فَإنَّا إلى خَيْرٍ يَسُرُّ نَوَالُهُ
(وَأمَّا إِلى شَرٍّ وَسُوءِ مَعَاطِبِ
(فَلولا ثَلاثٌ هُنَّ أَفْضَلُ مَقْصَدٍ
(لَمَا كُنْتُ فِي طُولِ الحَيَاةِ بِرَاغِبِ
(مُلازَمَةُ خَيْرِ اعْتِقَادٍ مُنَزِّهًا
(عَنْ النَّقْصِ وَالتَّشْبِيهِ رَبَّ الْمَوَاهِبِ
(وَنَشْرُ عُلُومِ لِلشَّرِيعَةِ نَاظِمًا
(عُقُودِ مُعَانِيهَا لِتَفْهِيمْ طَالِبِ
(وَصَوْنِي نَفْسِي عَنْ مُزَاحَمَةٍ عَلَى
(دَنِيِّ حُطَامٍ أَوْ عَلَى مَنَاصِبِ
(فَفِي ذَاكَ عَزٌّ بِالقُنُوعِ وَرَاحَةٌ
(مُعَجَّلةٌ مِنْ خَوْفِ ضِدِّ مُغَالِبِ
(وَحَسْبُكَ فِي ذَا قَوْلُ عَالِمِ عَصْرِهِ
(مَقَالُ مُحِقٍّ صَادِقٍ غَيْرِ كَاذِبِ
(كَمَالَ الفَتَى بالعِلْم لا بَالْمَنَاصِبِ
(وَرُتْبَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَسْنَى الْمَرَاتِبِ
(آخر:
إِذَا مَا حَذرتَ الأمر فَاِجعَل إزاءَه
(رُجُوعًا إلى رَبٍّ يَقِيكَ المَحَاذِرَا
(وَلا تَخْشَ أَمْرًا أَنْتَ فِيهِ مُفوِّضٌ
(إِلى اللَّهِ غَايَاتٍ لَهُ وَمَصَادِرَا
(وَكُنْ للّذِي يَقْضِي بِهِ اللهُ وَحْدَه
(وَإنْ لَمْ تَوَافِقُه الأَمَانِيُّ شَاكِرَا
(وَلا تَفخَرنْ إلا بِثَوبِ صِيانَةٍ
(إِذَا كُنْتَ يَومًا بَالفَضِيلَةِ فَاخِرَا
(وَإنِّي كَفيلٌ بِالنَّجَاء مَنَ الأَذَى
(لِمن لَم يَبتْ يَدْعُو سَوى الله نَاصِرَا
(قَالَ بَعْضُهُمْ فِي مُنَاجَاتِهِ لِرَبِّهِ: إِلَهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلاي وَعِزتِكَ وَجَلالِكَ مَا أَرَدْتُ بِمَعْصِيتَكَ مُخَالَفَتَكَ، وَمَا عَصَيْتُكَ إِذْ عَصَيْتُكَ وأَنَا بِكَ جَاهِلٌ، وَلا بِعُقُوبَتِكم مُسْتَخِفٌ، وَلكِنْ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي، وَغَلبَتْ عَلَيَّ شَقْوَتِي، واغْتَرَرْتُ بِسِتْرِكِ الْمُرْخِي عَلَيَّ فَعَصيْتُكُ بِجَهْلِي وَخَالَفْتُكَ بَسَفِهي وَأَسْوَأَتَاهُ مِنْ الوُقُوفِ بَيْنَ يَدْيَكَ وَأخَجَلاه من العَرْضِ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَتُوبُ وَأَعُود، وَأَعَاهِدُ وَأَنْقُضُ العُهُودِ.
آخر: وَإنِّي امْرؤُ بالطَّبِعْ أُلْغِي مَطَامِعِي
(وَأزْجُرْ نَفْسِي طَابِعًَا لا تَطَبُّعَا
(وَعِنْدِي غِنَى نَفْسٍ وَفَضْلُ قَنَاعَةٍ
(
(وَلَسْتَ كَمَنْ إِنْ ضَاقَ ذَرْعًا تَضَرُّعَا
(وَإِنْ مَدَّ نَحْوَ الزَّادِ قَوْمٌ أَكُفَّهَا
(تَأَخَّرْتُ بَاعًا إِنْ دَنَا القَوْمِ أَصْبُعَا
(وَمُذْ كَانَتْ الدُّنْيَا لَدَيَّ دَنِيئَةً
(
(تَعَرَّضْتُ لِلإعْرَاضِ عَنْهَا تَرْفُّعَا
(وَذَاكَ لِعِلْمِي إِنَّمَا اللهُ رَازِقٌ
(
(فَمَنْ غَيْرُهُ أَرْجُو وَأَخْشَى وَأَجْزَعَا
(فَلا الضَّعْفُ يُقْصِي الرِّزْقَ إِنْ كَانَ دَانِيًا
(ولا الحَوْلُ يُدْنِيهِ إِذَا مَا تَجَزَّعَا
(فَلا تَبْطِرَنْ إِنْ نِلْتَ مِنْ دَهْرِكَ الغِنَى
(
(وَكُنْ شَامِخًا بَالأَنْفِ إنْ كُنْتَ مُدْقِعًا
(
فَقَدْرُ الفَتَى مَا حَازَهُ وَأَفَادَهُ
(مِنْ العِلْمِ لا مَالٌ حَوَاهُ وَجَمَّعَا
(فَكُنْ عَالِمًا فِي النَّاسِ أَوْ مُتَعَلِّمًا
(
(وَإِنْ فَاتَكَ القِسْمَانِ أَصْغِ لِتَسْمَعَا
(وَلا تَكُ لِلأَقْسَامِ مَا اسْتَطَعْتَ رَابِعَا
(
(فَتَدْرَأَ عَنْ وُرْدِ النَّجَاةِ وَتُدْفَعَا
(
¥