(وَلَم يَمرُر بِهِ يَومٌ فَظيعٌ
(أَشَدُّ عَلَيهِ مِن يَومِ الحِمامِ
(وَيَومُ الحَشرِ أَفظَعُ مِنهُ هَولاً
(إِذا وَقَفَ الخَلائِقُ بِالمَقامِ
(فَكَم مِن ظالِمٍ يَبقى ذَليلاً
(وَمَظلومٍ تَشَمَّرَ لِلخِصامِ
(وَشَخصٍ كانَ في الدُّنْيَا فَقيراً
(تَبَوَّأَ مَنزِلَ النُجبِ الكِرامِ
(
وَعَفوُ اللَهِ أَوسَعُ كُلّ شَيءٍ
(تَعالى اللَهُ خَلاقُ الأَنامِ
(آخر:
وَكَيْفَ قَرَّتْ لأهْلِ العِلْمِ أَعْيُنُهُمْ
(أَوْ اسَتَلَذُّوا لِذِيذَ النَّوْمِ أَوْ هَجَعُوا
(وَالمَوْتُ يُنْذِرُهُمْ جَهْرًا عَلانِيَةً
(
(لَوْ كَانِ لِلْقَوْمِ أَسْمَاعٌ لَقَدْ سَمِعُوا
(وَالنَّارُ ضَاحِيَةٌ لا بُدَّ مَوْرِدُهُمْ
(وَلَيْسَ يَدْرُونَ مَنْ يَنْجُو وَمَنْ يَقَعُ
(
آخر:
وَكَيْفَ يَلَذُّ العَيْشَ مَنْ كَانَ مُوقِنًا
(بَأَنَّ الْمَنَايَا بَغْتَةً سَتُعَاجِلُهْ
(وَكَيْفَ يَلَذُّ العَيْشَ مَنْ كَانَ مُوقِنًا
(
(بَأَنْ إِلهَ الخَلْقِ لا بُدَّ سَائِلُهْ
(نَسْأَلُ اللهَ تَعَالى النَّجَاةَ مِنْهَا وَأَنْ يُوَفِّقْنَا لِلأَعْمَالِ الْمؤَهِّلَةِ لِدَارِ الخُلْدِ وَأَنْ يُوَفقَ وُلاتَنَا لِلْقِيَامِ عَلَى هَؤُلاءِ المُجْرِمينِ، وَرَدْعِهِمْ وَإِلْزَامِهِمْ سُلُوكَ طُرِقِ الحَقِّ إِنَّهُ القَادِرُ عَلَى ذَلِكَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ في قُلُوبِنَا نُورًا نَهْتَدِي بِهِ إِلَيْكَ وَتَوَلَّنَا بِحُسْنِ رِعَايَتِكَ حَتَّى نَتَوَكَلَ عَلَيْكَ وَارْزُقْنَا حَلاوَةَ التَّذَلُّلَ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعيِنَ.
الفَصْلُ الأَوَّلُ
شَهْرُ رَمَضَانَ
1 - دَرْسُ اليَوْمِ الأَوَّلِ:
يَقُولُ اللهُ تَعَالى:
? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ?.
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ:
يَقُولُ اللهُ تَعَالَى مُخَاطِبًا الْمُؤْمِنِينَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَآمِرًا لَهُمْ بِالصِّيَامِ وَهُوَ الإِمْسَاكُ عَنْ الطَّعَامِ، وَالشَّرَابِ، وَالوِقَاعِ، بِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ للهِ عَزَّ وَجَلَّ لِمَا فِيهِ مِنْ زَكَاةِ النُّفُوسِ وَطَهَارَتِهَا وَتَنْقِيَتِهَا مِنْ الأَخْلاطِ الرَّدِيئَةِ وَالأَخْلاقِ الرَّّّذِيلَةِ وَذَكَرَ أَنَّهُ كَمَا أَوْجَبَهُ عَلَيْهِمْ فَقَدْ أَوْجَبَهُ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَهِمْ فَلَهُم فِيهِمْ أُسْوَةٌ وَلِيَجْتَهِدَ هَؤُلاءِ فِي أَدَاءِ هَذَا الفَرْضِ أَكْمَلَ مِمَّا فَعَلَهُ أُولئِكَ. (انْتَهَى كَلامُهُ رَحِمَهُ اللهِ).
وَقَدْ وَرَدَتْ فِي فَضْلِهِ، وَمُضَاعَفَةِ أَجْرِهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ:
رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالنِّسَائِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ بِقُدومِ شَهْرِ رَمَضَانَ فَيَقُولُ:
«جَاءَكُمْ شَهْرُ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ فِيهِ تُفْتَحُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينِ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ».
وَقَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: (هَذَا الحَدِيثُ أَصْلٌ فِي تَهْنِئَةِ النَّاسِ بَعْضَهُمْ بَعْضًا بِشَهْرِ رَمَضَانَ).
وَفِي الحَدِيثِ الآخَرِ:
«لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي رَمَضَانَ لَتَمَنَّتُ أُمَّتِي أَنْ يَكُونَ رَمَضَانُ السَّنَةَ كُلَّهَا».
وَعَنْ عُبَادَةَ مَرْفُوعًا:
«أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرُ بَرَكَةٍ، يغْشَاكُمْ اللهُ فِيهِ، فَيُنْزِلُ الرَّحْمَةُ، وَيَحُطُّ الخَطَايَا، وَيَسْتَجِيبُ فِيهِ الدُّعاءَ، يَنْظُرُ اللهُ إِلى تَنَافُسِكُمْ فِيهِ، وَيُبَاهِي بِكُمْ مَلائِكَتَهُ، فَأَرُوا اللهَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرًا، فَإِنَّ الشَّقِي مَنْ حُرِمَ فِيهِ رَحْمَةً اللهِ».
¥