وَإِنَّمَا أَرَادَ ضَرْبَهُ لإِفْطَارِهِ بِرُؤْيَتِهِ وَحْدَهُ، وَدَفَعَ عَنْهُ الضَّرْبَ لِكَمَالِ الشَّهَادَةِ بِهِ، وَلَوْ جَازَ لَهُ الفِطْرُ لَمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ وَلا تَوَعَّدَهُ، وَإِنْ صَامَ النَّاسُ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ: ثَلاثِينَ يَوْمًا فَلَمْ يَرَوْا الهِلالَ أَفْطَرُوا لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلاَثِينَ ثُمَّ أَفْطِرُوا».
وَإِذَا قَامَتْ البََيِّنَةُ أَثْنَاءَ النَّهَارِ لَزِمَ أَهْلَ وُجُوبِ الصَّوْمِ الإِمْسَاكَ وَلَوْ بَعْدَ أَكْلِهِمْ لِتَعَذُّرِ إمْسَاكِ الجَمِيعِ فَوَجَبَ أَنْ يَأْتُوا بِمَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالى: ? فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ? وَحَدِيثِ: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ».
5 - لا يَصِحُّ صِيَامُ رَمَضِانَ إلا بِنِيَّةٍ مِنْ الليْلِ:
وَلا يَصِحُّ صَوْمَ رَمَضَانَ وَلا غَيْرِهِ مِنْ الصِّيَامِ الوَاجِبِ إلا بِنِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ لِكُلَّ يَوْمٍ. رَوَتْ حَفْصَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلاَ صِيَامَ لَهُ».
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا مَرْفُوعًا: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلاَ صِيَامَ لَهُ».
وَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ مِنْ اللَّيْلِ ثُمَّ أَتَى بَعْدَ النِّيَّةِ فِي اللَّيْلِ بِمَا يُبْطِلُ الصِّيَامَ كَالأَكْلِ، لَمْ تَبْطُلُ النِّيَةُ لِظَاهِرِ الخَبَرِ وَلأَنَّ اللهَ أَبَاحَ الأَكْلَ إِلى آخِرِ اللَّيْلِ فَلَوْ بَطَلَتْ بِهِ فَاتَ مَحَلُّهَا، وَمَنْ خَطَرَ بِبَالِهِ أَنَّهُ صَائِمٌ غَدًا فَقَدْ نَوَى، لأَنَّ النِّيةَ مَحَلُّهَا القَلْبُ، وَالأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ نِيَّةٌ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هُو حِينَ يَتَعَشَّى عَشَاءَ مَنْ يُرِيدُ الصَّوْمَ، وَلَوْ نَوَتْ حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ صَوْمَ غَدٍ وَقَدْ عَرَفَتْ أَنَّهَا تَطْهُرُ لَيْلاً صَحَّ لِمَشَقَّةِ الْمُقَارَنَةِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
يَا ذَا الذي مَا كَفَاهُ الذَّنْبُ فِي رَجَبٍ
(حَتَّى عَصَى رَبَّهُ فِي شَهْر شَعْبَانِ
(لَقَدْ أَظَلَّكَ شَهْرُ الصَّوْمِ بَعْدهُمَا
(فَلا تُصَيِّرهُ أَيْضًا شَهْرَ عِصْيانِ
(وَاتْل القُرْآنَ وَسَبِّحْ فِيهِ مُجْتَهِدًا
(فَإِنَّهُ شَهْرُ تَسْبِيحٍ وَقُرْآنِ
(كَمْ كُنْتَ تَعْرِفُ مِمَّنْ صَامَ في سَلَفٍ
(مَنْ بَيْنِ أَهْلٍ وَجِيرَانٍ وَإخْوَانِ
(أَفْنَاهُمُ الْمَوْتُ واسْتبقاكَ بَعْدَهُمُ
(حَيًا فَمَا أَقْرَبَ القَاصِي مِنْ الدَّانِ
(اللَّهُمَّ أنْظُمْنَا فِي سِلْكِ الفَائِزِينَ بِرِضْوَانِكَ، وَاجْعَلْنَا مِنْ الْمُتَّقِينَ الذِينَ أَعْدَدْتَ لَهُمْ فَسِيحَ جِنَانِكَ، وَأَدْخِلْنَا بِرَحْمَتِكَ فِي دَارِ أَمَانِكَ وَعَافِنَا يَا مَوْلانَا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ مِنْ جَمِيعِ البَلايَا وَأَجْزِلْ لَنَا مِنْ مَوَاهِبِ فَضْلِكَ وَهِبَاتِكَ وَمَتِّعْنَا بَالنَّظَرِ إِلى وَجْهِكَ الكَرِيمِ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ
المُسْلِمِينَ الأحْيَاءِ منْهُمْ والمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
(فَصْلٌ)
وَيَبْحَثُ في:
1 - حُكْمِ صَوْمِ التَّطَوّعِ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ.
2 - فِيمَنْ يُبَاحُ لَهُ الفِطْرُ وَمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ.
علم أعلم 3 - مَنْ عَرَضَ لَهُ جُنُونٌ أَوْ إِغْمَاءٌ.
1 - حُكْمِ صَوْمِ التَّطَوّعِ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ:
¥