(موعظة): عِبَادَ اللهِ نَحْنُ فِي زَمَنٍ كُلُّهُ عَجَائبٌ يُعْجِبُ العَاقِلُ اللَّبِيبُ وَمِنْ أَعْجَبِ مَا فِيهِ أَنَّ الرِّجَالَ أَصْبَحُوا لا سُلْطَانَ لَهُمْ عَلَى النِّسَاءِ إِلا النَّادِرَ القَلِيلَ، نَعْمَ أَصْبَحْنَا فِي زَمَنٍ لِلنِّسَاءِ فِيهِ جَبَرُوتٌ أَمَامَهُ الرِّجَالُ فِي حَالٍ ضَئِيلٍ انْعَكَسَ الأَمْرُ فَصَارَ القَوِيُّ ضَعِيفًا وَالضَّعِيفُ قَوِيًّا فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكِّ مِنْ ذَلِكَ فَاخْرُجْ وَانْظُر فِي الشَّوَارِعِ تَرَى النِّسَاءَ تَجُولُ فِي الشَّوَارِع ذَاهِبَاتٍ أَيبَاتٍ وَيَتَثَنِّينَ فِي تَبَخْتُرُهِنِّ عَلَيْهِنَّ مِنْ الزِّينَةِ مَا يُرْغِمُ عَلَى النَّظَرِ إِلَيْهِنَّ كُلُّ مِنْ لَهُ عَيْنَانِ.
وَلا تَسْأَلْ عَمَّا يُحْدِثُهَ ذَلِكَ النَّظَرِ فِي نُفُوسِ الشُّبَّانِ وَأَشْبَاهِ الشُّبَّانِ تَرَاهُ إِذَا لَمََحَها أَتْبَعَهَا نَظَرَهُ ثُمَّ جَرَى وَرَاءَهَا لأنَّهُ يَفْهَمُ مِنْ هَيْئَتِهَا وَتَثِنَّيَهَا وَتَلَفُّتِهَا فَهْمًا لا يُقَالُ لَهُ إِنَّهُ فِيهِ غَلْطَانٌ، إنَّه يَفْهَمُ أَنَّهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ تُرِيدُ مِنْهُ مَا تُرِيدُ مَا عَرَضَتْ نَفْسَهَا فِي الشَّارِعِ بِذَلِكَ التَّهَتُّكِ وَذَلِكَ الازْدَيَانُ وَهِيَ فِي بَيْتِهَا أَمام زَوْجِهَا الذِي يَنْبَغِي أَنْ تَتَجَمَّلَ لَهُ تَكُونُ بِحَالةٍ تَشْمَئِزُّ مِنْ
رُؤْيَتِهَا نَفْسُ الإِنْسَانِ، تَلْبَسُ لَهُ أردى الْمَلابِسَ وَلا تَمَسُّ طِيبًا وَلا تَعْتَنِي لَهُ، فَإِذَا أَرَادَتْ الْخُرُوجَ بَذَلَتْ مِنْ العِنَايَةِ فِي تَجْمِيلِ نَفْسِهَا مَا يُلْهِبُ نَارَ الشَّوْقِ إِلَيْهَا في نُفُوسِ النَّاظِرِينَ.
وَهَذِه حَالَةٌ تَجْعَلُ العُيُونَ وَقْفًا عَلَى النَّظَرِ إِلى تِلْكَ الأَجْسَامِ وَتَشْغَلُ القُلُوبَ شُغْلاً بِهِ تَنْسَى كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى نَفْسَهَا وَرَبَّهَا وَمَا لَهُ عَلَيْهَا مِنْ وَاجِبَاتٍ، وَتَوَجِّهُ الأَفْكَارَ إِلى أُمُورٍ دَنِيئَةٍ يَقْصُدْهَا مِنْ أُولَئِكَ النِّسَاءِ أَرْبَابُ النُّفُوسِ الدَّنِيئَاتِ، بَلْ وَتَدْفَعُ النُّفُوسَ دَفْعًا تَسْتَغِيثُ مِنْهُ الفَضِيلةُ وَيَغْضَبُ لَهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ.
إِنَّ الرِّجَالَ النَّاظِرِينَ إِلى النِّسَا
(مِثْلُ الكِلابِ تَطُوفُ بِاللُّحْمَانِ
(إِنْ لَمْ تَصُن تِلْكَ اللُّحُومَ أُسُودُهَا
(أُكِلَتْ بِلا عِوَضٍ وَلا أَثْمَانِ
(إِنَّ أُولَئِكَ النِّسَاءُ زَوْجَاتُ وَبَنَاتُ وَأَخَوَاتُ رِجَالٍ يَرَوْنَهُنَّ بَأَعْيُنهِمْ في الشَّوَارِعِ بِتِلْكَ الْحَالِ يَرَوْنَهُنَّ وَلَيْسَ لَهُمْ مِنْ الغَيْرَةِ مَا يُفهِمْ أَنَّهُمْ مِنْ صَنْفِ الرِّجَالِ، وَأَمَامَهُمْ يُجْرِينَ الزِّينَةِ التِي يَخْرُجْنَ بِهَا إِلى تِلْكَ الْمِيَادِينَ الْمَلأَى بالأنْذَالِ، وَبَعْضُهُمْ يَسْتَصُحِبُ زَوْجَتَهُ مَعَهُ سَافِرَةً فِي الشَّوَارِعِ وَرُبَّمَا فَهِمَ بَعْضُ الفُسَّاقِ أَنَّهُ يَتَصَيَّدُ لِهَا وَذلِكَ يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَةِ كَثِيرٍ مِنْهُمْ.
أَيُّهَا الأَخُ عَصَمَنَا اللهُ وَإِيَّاكَ وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ أَنْتَ أَقْوَى عَقْلاً وَأَقْوَى دِينًا مِنْ الْمَرْأَةِ لا خِلافَ في ذَلِكَ إِنْ لَمْ يَعْصِمْكَ اللهُ تَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ مِنْكَ مَعَ الْمَرْأَةِ مَا يَكُونَ إِذَا وَقَعَ نَظَرُكَ عَلَى مَا لَهَا مَنْ بِهَاءٍ وَجَمَالٍ فَتَأَكَّدْ كُلَّ التُّأكُدِّ أَنَّ تَمَنِّي الْمَرْأَةِ أَقْوى مِنْ تَمَنِّي الرَّجُلِ إِذَا وَقَعَ نَظَرُهَا عَلَى جَمِيلٍ مِنْ الرِّجَالِ وَلا تَشُكُ أَنَّهَا بَعْدَ رُؤيَتِهَا الْجَمِيلَ تَتَمَنَّى فِرَاقَكَ إِلَيْهِ وَرُبَّمَا دَعَتْ عَلَيْكَ، نَحْنُ فِي جُوِّ مَوْبُوءٍ بِفَسَادِ الأَخْلاقِ، مِنْ تَعَرَّضَ
لَهُ أَصَابَهُ مِن ذَلِكَ الوَبَاء مَا يُضَيِّعُهُ في دُنْيَاهُ وَفِي الدِّينِ.
¥