وَقَالَ حَمَّادُ بنُ سَلََمَةَ: كَانَ ثَابِتٌ وَحُمَيْدٌ يَلْبِسَانِ أَحْسَنَ ثِيَابِهِمَا
وَيَتَطَيَّبَانِ وَيُطَيِّبَانِ المَسْجِدَ بِالنُّضُوحِ وَالدُّخْنَةٍ فِي اللَّيْلَةِ التي تُرْجَى فِيهَا لَيْلَةُ القَدْرِ فَيُسْتَحَبُّ فِي اللَّيَالِي التي تُرْجَى فِيهَا لَيْلَة القَدْرِ التَّنَظُّفُ وَالتَّطَيُّبُ وَالتَّزَيُّنِ بِالغُسْلِ وَالطِّيبِ وَاللبَاسِ الحَسَن كَمَا شُرِعَ ذَلِكَ فِي الجُمَعِ وَالأَعْيَادِ، وَكَذَلِكَ يُشْرِعُ أَخْذَ الزِّينَةِ مِنَ الثِّيَابِ في سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ? يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ?.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِي اللهُ عَنْهُمَا -: (اللهُ أَحَقُّ أَنْ يُتَزَيَّنَ لَهُ).
وَرُوِيَ عَنْهُ مَرْفُوعًا عَنِ النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلا يَكْمُلُ التَّزَينُ الظَّاهِرُ إِلا بِتَزْيينِ البَاطِنِ بِالتَّوْبَةِ وَالإِنَابَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، وَتَطْهِيرِهِ مِنْ أَدْنَاسِ الذُّنُوبِ، وَاللهُ سُبْحَانُهُ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَجْسَامِكُمْ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ».
شِعْرًا:
إِذَا صَدَرَتْ مِنْكَ الذُّنُوبِ فَدَاوِهَا
(بِرَفْعِ يَِد فِي اللَّيْلِ وَاللَّيْلُ مُظْلِمُ
(وَلا تَقْنَطَنَّ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّمَا
(قُنُوطُكَ مِنْهَا مِنْ خَطَايَاكَ أَعْظَمُ
(فَرَحْمَتُهُ لِلْمُحْسِنِينَ كَرَامَةٌ
(وَرَحْمَتُهُ لِلْمُذْنِبِينَ تَكَرُّمُ
(آخر:
عَلَيْكَ بِإِخْلاصِ العِبَادَةِ لِلَّذِي
(لَهُ نِعَمٌ لا تَنْحَصِي وَفضَائِلُ
(فَمَنْ وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيُزَيّنْ ظَاهِرَهُ بِاللِّبَاسِ، وَبَاطِنَهُ بِلِبَاسِ التَّقْوَى، وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: ? يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ?.
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ عَشْرَكُمْ هَذَا هُوَ العَشْرُ الأَخِيرُ، وَفِيهِ الخَيْراتُ وَالأجُورُ الكَثِيرَةُ تَكْمُلَ فِيهَ الفَضَائِلُ، وَتَتِمُّ فِيهِ المَفَاخِرُ، وَيَطَّلَعُ عَلَى عِبَادِهِ الرَّبُ العَظِيمُ الغَافِرُ وَيُنِيلُهُمْ الثَّوَابَ الجَزِيلَ الوَافِرَ فِيهِ تَزْكُو الأَعْمَالُ وَتَنَالُ الآمَالُ، وَقَدْ ذَكَرَ جَلَّ وَعَلا مِنْ مَحَاسِنِ أَهْلِ الإِيمَانِ، أَنَّهُم تَتَجَافى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ، عَنْ مُعَاذِ بنِ جَبَل عَنِ النبي صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ? تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ?، قَالَ: هِيَ قِيَامُ العَبْدِ أَوَّلَ اللَّيْلِ.
وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ رَجُلَين: رَجُلٌ ثَارَ مِن وَطَائِهِ وَلِحَافِهِ مِنْ بِيْنِ حِبِّهِ وَأَهْلِهِ إِلَى صَلاتِهِ رَغبَةً فِيمَا عِنْدِي وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي». الحَدِيث.
وَقَالَ الحَسَنُ، وَمُجَاهِدُ، وُمالِكُ، وَالأَوْزَاعِي وَغَيرُهُم: (إِنَّ المُرَادَ بِالتَّجَافِي القِيَامُ لِصَلاةِ النَّوَافِلِ بِاللَّيْلِ)، وِفِي آيَةِ سُورَةِ الذَّارِيَاتِ أَخْبَرَ جَلَّ وَعَلا أَنَّهُم كَانُوا يَنَامُونَ القَلِيلَ مِنَ اللَّيْلِ وَيَتَهَجَّدُونَ مُعْظَمَهُ قَالَ تَعَالَى: ? كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ?.
قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: مَا تَأْتِي عَلَيْهِمْ لَيْلةٌ يَنَامُوا حَتَّى يُصْبِحُوا إِلا يُصَلُّونَ فِيهَا شَيْئًا، إِمَّا مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ مِنْ أَوْسَطْهَا. وَقَالَ الحَسَنُ: كَابَدُوا قِيَامَ اللَّيلِ فَلا يَنَامُوا مِنَ اللَّيْلِ إِلا قَلِيلَهُ.
شِعْرًا:
خُضُوعٌ وَخَوْفٌ وَاحْتِشَامٌ وَذِلَّةٌ
(وَهَذَا لِمَنْ يَرُجو النَّجَاةَ قَلِيلُ
(فَهَلْ لِي مِن الأَحْزَانِ حَظُّ مُوَفَّرٌ
(وَهَلْ لِي إِلَى طُولِ البُكَاءِ سَبِيلُ
(لَعَلِّي أَنْ أُحْظَى بِقُرْبٍ وَلَذَّةٍ
(وَيَحْصُلُ لِي بَعْدَ الفِرَاقِ وُصُولُ
(آخر:
يَا عَاشِقَ العَيْشِ فِي الدُّنْيَا وَزُخْرُفِهَا
¥