(هَلْ أَخْلَدِ النَّاسَ مَا حَازَوْا وَمَا عَمَرُوا
(عَلَيْكَ بِاللَّيْلَ فِي الأَذْكَارِ تُعمرهُ
(وَدَعْ مَلذَّاتِهِ الأخْرَى لِمَنْ كَفَرُوا
(لَغَمْسَة في جِنَانِ الخُلْدِ خَاطِفَةً
(تُنْسِيكَ مَا مَرَّ مِنْ بُؤْسٍ لَهُ خَطَرُ
(
آخر: وَأَهْوَى مِنَ الفِتْيَانِ كُلَّ مُوَحَّدٍ
(يُلازِمَ ذِكْرَ اللهِ يَهوى التَّعَبُّدَا
(نَفَى النَّومَ عَنْ عَيْنَيْهِ نَفْسٌ تَقِيَّةٌ
(لَهَا فِي ظَلامِ اللَّيْلِ طُولُ تَهَجَّدِ
(
وَاللهُ أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمِ.
فصل
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «عَلَيْكُمِ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُم، وَهُوَ قُرْبُكُم مِنْ رَبِّكم وَمَغْفِرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ وَمَنْهَاةٌ عَنِ الإِثْمِ».
وَقَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: كَانَ الأَحْنَفُ بنُ قَيسٍ يَقُولُ: عَرَضْتُ عَمَلِي عَلَى عَمَلِ أَهْل الجَنَّةِ، فَإِذَا قَوْمٌ قَدْ بَايَنُونُا بَوْناً بَعِيدَا، وَإِذَا قَوْمٌ لا تُبْلَغُ أَعْمَالُهُمْ، كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ، وَعَرضْتُ عَمَلِي عَلَى عَمِلِ أَهْلِ النَّارِ، فَإِذَا قَوْمٌ لا خَيْرَ فِيهِمْ مُكَذِّبُون بِكِتَابِ اللهِ وَلرُسُلِ اللهِ، مُكَذِّبُون بِالبَعْثِ بَعْدَ المَوْتِ، فَقْدَ وَجَدْتُ مِن خَيْرِنَا مَنْزِلةٌ قَوْماً خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِنْ زَيْدٍ بِنْ أَسْلَمَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِِي تَمِيمٍ لأَبِي: يَا أَبَا أُسَامَةَ صِفَة لا أَجْدُهَا فِينَا، ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى قَوْمًا فَقَالَ: ? كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ? وَنَحْنُ واللهِ قَلِيلاً مَا نَقُومُ، فَقَالَ لَهُ أَبِي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: طُوبَى لَمَنْ رَقَدَ إِذَا نَعَسَ، وَاتَّقَى اللهُ إِذَا اسْتَيْقَظَ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنِ سَلامٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينةَ انْجَفَلَ النَّاسُ عَنْهُ، فَكُنْتُ فِيمَنْ انْجَفَلَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ وَجْهَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرِفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّاب، فَكَانَ أَوَّلَ مَا سَمِعْتُ مَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَأَفْشُوا السَّلامِ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الجَنَّةْ بِسَلامٍ».
لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ آيَاتٌ مُبَيِّنَةٌ
(كَانَتْ بَدِيهَتُهُ تَأْتِيكَ يَا الخَبَرَ
(
اللَّهُمَّ نَوِّرْ قُلُوبَنَا بِنُورِ الإِيمَانِ وَثَبِّتْ مَحَبَّتَكَ فِيهَا وَقَوِّهَا وَأَلْهِمْنَا ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَارْزُقْنَا حُبَّ أَوْلِيَائِكَ وَبُغْضَ أَعْدِائِكَ وَآتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي
الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينََ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
موعظة
إِخْوَانِي: إِنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ كَمَا عَلِمْتُمْ فِيهِ فَضْلٌ عَظِيمٌ وَثَوَابٌ جَزِيلٌ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللهُ جَلَّ وَعَلا، وَهُوَ مِنْ أَثْقَلِ شَيْءٍ عَلَى النَّفْسِ وَلا سِيَّمَا بَعْدَ أَنْ يَرْقُدَ الإِنْسَانُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ خَفِيفًا بِالاعْتِيَادِ، وَتْوطِينِ النَّفْسِ وَتَمْرِينِهِا عَلَيْهِ وَالمُدَاوَمَةِ وَالصَّبْرِ عَلَى المَشَقَّةِ وَالمُجَاهَدَةْ في الابْتِدَاءِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَنْشَرِحُ وَيَنْفَتِحُ بَابُ الأُنْسِ بِاللهِ وَتَلَذُّ لَهُ المُنَاجَاةُ وَالخَلْوَةُ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لا يَشْبَعُ الإِنْسان مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، فَضْلاً عَنْ أَنْ يَسْتَثْقِلَهُ أَوْ يَكْسَلَ عَنْهُ كَمَا وَقَعَ لِكَثِيرٍ مِنَ السَّلَفِ. قَالَ بَعْضُهُم: أَهْلُ اللَّيْلِ فِي لَيْلِهِم أَلَذُّ مِنْ أَهْلِ
¥