(أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعًا
(فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ
(مَالِي إِلَيْكَ وَسِيلَةٌ إِلا الرَّجَا
(وَجَمِيلُ عَفْوِكَ ثُمَّ إِنِّي مُسْلِمُ
(
اللَّهُمَّ رَغِّبْنَا فِيمَا يَبْقَى، وَزَهِّدْنَا فِيمَا يَفْنَى، وَهَبْ لَنَا اليَقِينَ الذي لا تَسْكُنُ النُّفُوسُ إِلا إِلَيْهِ، وَلا يَعَوَّلُ فِي الدِّينِ إِلا عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ بِعِزِّكَ الذِي لا يُرَامْ ومُلْكِكَ الذِي لا يُضَامْ وَبِنُورِكَ الذِي مَلأَ أَرْكَانَ عَرْشِكَ أَنْ تَكْفِينَا شَرَّ مَا أَهْمَّنَا وَمَا لا نَهْتَمُ بِهِ وَأَنْ تُعِيذَنَا مِنْ شُرُورُ أَنْفُسْنَا وَمِنْ سَيَّئَات أَعْمَالِنَا،
اللَّهُمَّ يا عليمُ يا حَلِيمُ يَا قَوِيُ يَا عَزِيزُ يَا ذَا المنِ وَالعَطَا وَالعِزِ والكَبْرِيَا يَا مَنْ تَعْنُوا لَهُ الوُجُوه وَتَخْشَعُ لَهُ الأَصْوَاتْ، وَقِّفْنَا لِصَالِحِ الأَعْمَالِ وَاكْفِنَا بِحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكْ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرِ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(فَصْلٌ)
4 - مَا وَرَدَ فِي اسْتِحْبَابِ تَرْتِيلِ القُرْآنِ الكَرِيم:
وَيُسْتَحَبُّ لِقَارِئِ القُرْآنِ أَنْ يُرَتِّلَ قِرَاءَتَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالى: ? وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ?.
وَثَبَتَ عَنْ أمّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُا - أَنَّها تَنْعَتُ قِرَاءَةَ مُفَسَّرَةً حَرْفًا حَرفًا. رواه أبو داود، والنسائي، والترمذي.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍ - رَضِي اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ?: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا». رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود، والنسائي.
وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: كَانَتْ مَدًّا مَدًّا. ثُمَّ قَرَأَ: ? بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ?، يَمُدُّ بِـ ? بِسْمِ اللَّهِ ?، وَيَمُدُّ بِـ ? الرَّحْمَنِ ?، وَيَمُدُّ بِـ ? الرَّحِيمِ ?. رواه البخاري.
وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ يُرَجِّعُ فِي قِرَاءتِهِ. رواه البخاري، ومسلم.
وَقَدْ رَوَى أَبُو ذَرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَامَ لَيْلَةً بِآيةٍ
يُرَدِّدُهَا: ? إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ? وَقَامَ تَمِيمٌ الدَّارِي بآيةِ: ? أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ ? وَقَالَ أَبُو سُلَيْمانَ: إِنِّي لأَقِيمُ فِي الآيةِ أَرْبَعَ لَيَالٍ أَوْ خَمْسَ. وَقَالَ ابنُ مَسْعُودٍ: مِنْ خَتَم القُرْآنَ نَهَارًا غُفِرَ لَهُ ذَلِكَ اليَوْمِ، وَمَن خَتَمَه لَيْلاً غُفِرَ لَهُ تِلكَ اللَّيْلِ. وَعَنْ طَلْحَةَ بن مُصَرِّفٍ قَالَ: مَنْ خَتَمَ القُرْآنَ فِي أَيِّ سَاعةٍ مِنْ النَّهَارِ كَانَتَ صَلَّتْ عليه الملائكةُ حَتَّى يُمْسِي أَوْ أي سَاعَةٍ مِنْ لَيل كَانَتْ صَلَّتْ عليه الْمَلائكةُ حَتَّى يُصْبحُ.
اللَّهُمَّ نَوّرْ قُلُوبَنَا بِنُورِ الإِيمَانِ وَأَعِنَّا عَلَى أَنْفُسِنَا وَالشَّيْطَان وَأيِّسْهُ مِنَّا كَمَا أَيَّسْتَهُ مِنْ رَحْمَتِكَ يَا رَحْمَنَ وَآتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَاغْفِرَ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(موعظة): قَالَ ابن القَيْم رَحِمَهُ الله: عَشَرَةُ أَشْيَاء ضَائِعَةٌ لا يُنْتَفَعُ بِهَا: عِلْمٌ لا يُعْمَلُ بِهِ، وَعَمَلٌ لا إِخْلاصَ فِيهِ وَلا إقْتِدَاءَ فِيهِ بِكِتَابِ اللهِ وَسنةِ رَسولِهِ ? فَإِنَّهُ لا يُوَفَّقُ لَهُمَا إِذَا لَمْ يُخْلِصِ العَمَلَ، وَمَالٌ لا يُنْفَقُ مِنْهَ فَلا يُسْتَمْتِعُ بِهِ جَامِعُهُ في الدُّنْيَا وَلا يُقَدِّمُهُ أَمَامَهُ لآخِرَتِهِ، وَقَلْبٌ فَارِغٌ مِنْ مَحَبَّةِ اللهِ وَالشَّوْقِ إلى لِقَائِهِ وَالأُنْسِ بِهِ، وَبَدَنٌ مُعَطَّلٌ مِنْ طَاعَةِ الله وَخَدْمَتِهِ، وَمَحَبَّةُ لا تَتَقَيّدُ بِرَضَا الْمَحْبُوب وامتثالِ أوامِرِهِ.
وَوَقْتٌ مُعَطَلٌ مِنْ اسْتِدْرَاكِ فَارِطٍ وَاغْتِنَامُ بِرٍ وَقُرْبَةٍ، وَفِكْرٌ يَجُولُ فِيمَا لا يَنْفَعُ وَخِدْمَةُ مَنْ لا يُقَرِّبُكَ خِدْمَتُهُ إِلى اللهِ وَلا تَعُودُ عَلَيْكَ بِصَلاحِ دُنْيَاكَ، وَخَوْفُكَ وَرَجاَؤُكَ مِمَّنْ نَاصِيَتُهُ بيدِ اللهِ وَهُوَ أَسِيرٌ في قَبْضَتِهِ وَلا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ نَفْعًا وَلا ضَرًّا وَلا مَوْتًا وَلا حَياةً وَلا نُشُورًا
¥