قَالَ: وَهَذِهِ الْمَحَاكِمُ الآن في كَثِيرٍ من أَمْصَارِ الإسْلامِ مُهَيَّأةٌ مَفْتُوحَةُ الأبْوَابِ وَالنَّاسُ إليها أَسْرَابٍ إثْرَ أَسْرَابٍ يَحْكُم حُكَّامُهَا بَيْنَهُمْ فِيمَا يُخَالِف حُكْمَ الكِتَابِ وَالسُّنةِ مِنْ أَحْكَامِ ذَلِكَ القَانُونِ وَتُلْزِمُهُمْ بِهِ وَتَحْتمهُ عَلَيْهم فأيُّ كُفْرٍ فَوقَ هَذا الكُفْرِ وَأيُّ مُنَاقَضَةٍ لِلشَّهَادَةِ بَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسَولُ الله بعدَ هَذِهِ الْمُنَاقَضَةِ نَسْأَلُ الله العِصْمَةَ عَنْ جَمِيعِ الْمَعَاصِي وَأَنْ يُثَبِّتَنَا عَلَى قَوْلِهِ الثَّابِتُ في الحياة الدُّنْيَا وفي الآخِرَةِ. أ هـ.
وَمِمَّا قِيلَ فِي الحَثِّ عَلَى التَمَسُّكِ بِالقُرآنِ الكَرِيمِ مَا قَالَهُ الصَّنْعَاني:
وَلَيْسَ اغْتِرَابُ الدِّينِ إلا كَمَا تَرَى
(فَهَلْ بَعْدَ هَذا الاغْتِرَابُ إِيَابُ
(وَلَمْ يَبْقَ لِلرَّاجِي سَلامَةَ دَينِهِ
(سِوَى عُزْلَةٍ فِيهَا الْجَلِيسُ كِتَابُ
(كِتَابٌ حَوَى كُلَّ العُلومِ وَكُلَّمَا
(حَوَاهُ مِنْ العلمِ الشَّريفِ صَوابُ
(فَإِنْ رُمْتَ تَارِيخًا رَأَيْتُ عَجَائِبًا
(تَرَى آدَماً إذْ كَانَ وَهُوَ تُرَابُ
(وَلاقِيتَ هَابِيلاً قَتِيلَ شَقِيقَهِ
(يُوَارِيهِ لَمَّا أَنْ رَآهُ غُرَابُ
(وَتَنْظُرُ نُوحًا وَهُوَ في الفُلْكِ قَدْ طَغَى
(عَلَى الأَرْضِ مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ عُبَابُ
(وَإِنْ شِئْتَ كُلَّ الأَنْبِيَاءِ وَقَوْمَهُمْ
(وما قَالَ كُلُّ مِنْهُمُوا وَأَجَابُوا
(وَجَنَّاتِ عَدْنٍ حُورَهَا وَنَعِيمَا
(وَنَارًا بِهَا لِلْمُشْرِكِينِ عَذَابُ
(
فَتِلْكَ لأَرْبَابِ التُّقَاءِ وَهَذِهِ
(لِكُلِّ شَقِي قَدْ حَوَاه عِقَابُ
(وَإِنْ تُرِدِ الوَعْظَ الذِي إِنْ عَقَلْتَه
(فَإِنَّ دُموعَ العَينِ عَنْهُ جَوَابُ
(تَجِدْهُ وَمَا تَهْوَاهُ مِنْ كُلِّ مَشْرَبٍ
(وَلِلرُّوحَ مِنْهُ مَطْعَمٌ وَشَرَابُ
(وَإِنْ رُمْتَ إبْرَازَ الأَدِلَّةِ في الذِي
(تُرِيدُ فَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ تُجَابُ
(تَدُلُّ عَلَى التَّوْحِيدِ فِيهِ قَوَاطِعٌ
(بِهَا قُطِّعَتْ لِلْمُلْحِدِينَ رِقَابُ
(وَمَا مَطْلَبٌ إِلا وَفِيهِ دَلِيلُهُ
(وَلَيْسَ عَلَيْهِ لِلذَّكِي حِجَابُ
(وَفِيهِ الدَّوَاءُ مِنْ كُلَّ دَاءٍ فَثِقْ بِهِ
(فَوَالله ما عَنْهُ يَنُوبُ كِتَابُ
(يُرِيكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا وَغَيْرُه
(مَفَاوِزُ جَهْلٍ كُلَّهَا وَشِعَابُ
(يَزِيدُ عَلى مَرِّ الجَدِيدِينِ جِدَّةً
(فَأَلْفَاظُهُ مَهْمَا تَلَوتَ عَذَابُ
(وَآيَاتِهِ فِي كُلِّ حِينٍ طَرِيَّةٌ
(وَتَبْلَغُ أَقْصَى العُمْرِ وَهِيَ كِعَابُ
(وَفِيهِ هُدَىً لِلْعَالَمِينَ وَرَحْمَةٌ
(وَفِيهِ عُلُومٌ جَمَّةٌ وَثَوَابُ
(اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا لِكِتَابِكَ مِنْ التَّالِينِ وَلكَ بِهِ مِنْ العاملينَ وَبِمَا صَرَّفْتَ فِيهِ مِنْ الآيات مُنْتَفِعينِ وَإلى لَذِيذِ خِطَابِه مُسْتَمِعينَ وَلأوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ خَاضِعين وَالأَعْمَالِ مُخْلِصِين، وَاغْفِرَ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ والْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(فَصْلٌ) فِي فَضَائِلِ ذِكْرِ اللهِ
يُسْتَحَبُّ الإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ اللهِ تَعَالى فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَلاسَيَّمَا في رَمَضَانَ قَالَ اللهُ تعالى: ? وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ?، وقال: ? فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ?، وقال: ? وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ ?، وقال: ? وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ?، وقال: ? وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً ? الآية، وقال: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ?. وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ?: «كَلِمَتَانِ
¥