تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَالاسْتِغْفَارُ خِتَامُ الأَعْمَال الصَّالِحَةِ كُلِّهَا فَيُخْتَمُ بِهِ الصَّلاةُ، والحَجُّ، وَالْقِيامُ في اللَّيْلِ، وَيُخْتَمُ بِهِ المَجَالِسُ، فَإِنْ كَانَتْ ذِكْرًا كَانَ كَالطَّابِعَ عَلَيْهَا وَإْنِ كَانَتْ لَغْوًا كَانَ كَفَّارَةٌ لَهَا، فَكَذَلِكَ يَنْبِغِي أَنْ يُخْتَتَم صِيَامُ رَمَضَانَ بالاسْتِغْفَارِ يُرَفِّعُ مَا تَخَرَّقَ مِنَ الصِّيَامِ بِاللَّغْوِ وَالرَّفَثِ (وَيَجْتَهِدُ في الإِكْثَارِ مِنَ الأَعْمَالِ وَالتَّقَلُّلِ مِنَ شَوَاغِلِ الدُّنْيَا وَالإِقْبَالِ عَلَى الآخِرَةِ مَا دَامَ في قَيْدِ الحَياَةِ).

وَمِنْ عِظَةِ الحَسَنَ الْبَصْرِي لِعُمَرَ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا دَارُ ظَعَنِ لَيْسَتْ بَدَارَ إِقَامَة، لَهَا فِي كُلِّ حِينٍ قَتِيلٍ تُذِلَّ مِنْ أَعَزَّهَا وَتُفْقِرُ مَنْ جَمَعَهَا هِيَ كَالسُّمِّ يَأْكُله مَنْ لا يَعرِفُهُ وَفِيهِ حَتْفُهُ فَكُنْ فِيهَا كَالمُدَاوِي جِرَاحُهُ يَحْتَمِي قَلِيلاً مَخَافَةَ مَا يَكْرَهُ طَوِيلاً وَيَصْبِرُ عَلَى شِدَّةِ الدَّوَاءِ مَخَافَةِ طُولِ الدَّاءِ، فَاحْذَرْ هَذِهِ الدُّنْيَا الخَدَّاعةَ الغَدَّارَةَ الخَتَّالَةَ التِي قَدْ تَزَيَّنَتْ بِخِدَعِهَا وَقَتَلَتْ بَغُرُورِهَا وَتَحَلَّتْ بِآمَالَهَا وَسَوَّفَتْ بِخُطَّابِهَا.

فَأَصْبَحَتْ كَالعَرُوسَ المَجْلِيَّةِ، العُيُونُ إِلَيْهَا نَاظِرَةٌ وَالْقُلُوبُ عَلَيْهَا وَالِهَةٌ وَهِي لأَزْوَاجِهَا كُلِّهِمْ قََالِيَة، فَلا الْبَاقِي بِالْمَاضِي مُعْتَبِرٌ وَلا الآخِرُ بِالأوَّلِ مُزْدَجِرٌ فَعَاشِقٌ لَهَا قَدْ ظَفِرَ مِنْهَا بِحَاجَتِهِ فَاغْتَرَّ وَطَغَى وَنَسِي المَعَادَ فَشَغَلَ فِيهَا لُبَّهُ حَتَّى زَلَّتْ بِهِ قَدَمُهُ فَعَظُمَتْ نَدَامَتُهُ وَكُثُرَتْ حَسْرَتُهُ وَاجْتَمَعْتَ عَلَيْهِ سَكَرَاتُ الْمَوْتِ وَتَأَلُمِهُ وَحَسَرَاتُ الفَوْتِ بِغُصَّتِهِ وَرَاغِبٌ فِيهَا لَمْ يُدْرِك مِنْهَا مَا طَلَبْ وَلَمْ يُرِجْ نَفْسَهُ مِنَ التَّعَبِ فَخَرَجَ بِغَيْرِ زَادٍ وَقَدَمَ عَلَى غَيْرِ مِهَادٍ.

فَاحْذَرْهَا يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ وَكُنْ أَسَرَّ مَا تَكُونُ فِيهَا أَحْذَرُ لَهَا فَإِنَّ صَاحِبَ الدُّنْيَا كُلَّمَا اطْمَأَنَّ فِيهَا إِلَى سُرُورٍ أَشْخَصَتْهُ إِلَى مَكْرُوهٍ وَضَارٍ وَقَدْ وَصَلَ الرَّخَاءُ مِنْهَا بِالْبَلاءِ وَجُعِلَ البَقَاء إلى فَناءِ فَسُرُورُهَا مُشُوبٌ بِالأَحْزَانْ، أَمَانِيهَا كَاذِبَةٌ وَآمَالُهَا بَاطِلَةٌ وَصَفْوهَا كَدَرٌ وَعَيْشُهَا نَكَدٌ وَابْنُ آدَمَ فِيهَا عَلَى خَطَرٍ. أ. هـ.

شِعْرًا:

فَيَا أَيُّهَا النَّاسِي لِيَوْمِ رَحِيلِهِ

(أَرِاكَ عَنِ الموتِ المُفِرِّقِ لاهِيًا

(أَلا تَعْتَبِرُ بِالرَّاحِلِينَ إِلَى الْبَلَى

(وَتَرْكِهُمُ الدُّنْيَا جَمِيعًا كَمَا هَيَا

(وَلَمْ يَخْرُجُوا إِلا بِقُطْنٍ وَخِرْقَةٍ

(وَمَا عَمَّرُوا مِنْ مَنْزِلٍ ظَلَّ خَالِيَا

(وَأَنْتَ غَدًا أَوْ بَعْدَهُ فِي جِوَارِهِمْ

(وَحِيدًا فَرِيدًا فِي المَقَابِر ثَاوِيَا

(

اللَّهُمَّ يا مَنْ لا تَضُرَّهُ الْمَعْصِيةُ ولا تَنْفَعَهُ الطَّاعَةِ أَيْقِظْنَا مِنْ نَوْمِ الغَفْلَةِ وَنَبَّهْنَا لاغْتِنَامِ أَوْقَاتِ الْمُهْلَةِ وَوِفِّقْنَا لِمَصَالِحْنَا وَاعْصِمْنَا مِنْ قَبَائِحْنَا وَذُنُوبنَا وَلا تُؤاخِذْنَا بِمَا انْطَوَتَ عَلَيْهِ ضَمَائِرُنَا وَأَكَنَّتْهُ سَرائِرُنَا مِنْ أَنْوَاعِ القَبَائِحِ والْمَعَائِبِ التي تَعْلَمُهَا مِنَّا، وامنُنْ عَلَيْنَا يَا مَوْلانَا بِتَوْبَةٍ تمحو بها عنا كُلَّ ذَنْبٍ، اللَّهُمَّ أنْظُمْنَا فِي سِلْكِ الفَائِزِينَ بِرِضْوَانِكَ، وَاجْعَلْنَا مِنْ الْمُتَّقِينَ الذِينَ أَعْدَدْتَ لَهُمْ فَسِيحَ جِنَانِكَ، وَأَدْخِلْنَا بِرَحْمَتِكَ فِي دَارِ أَمَانِكَ وَعَافِنَا يَا مَوْلانَا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ مِنْ جَمِيعِ البَلايَا وَأَجْزِلْ لَنَا مِنْ مَوَاهِبِ فَضْلِكَ وَهِبَاتِكَ وَمَتِّعْنَا بَالنَّظَرِ إِلى وَجْهِكَ الكَرِيمِ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير