وَأَفْضَلُ مِنْ أَنْ تُجَاهِدَ العَدُو فَيَضْرِبَ عُنُقَكَ، أَوْ تَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتَكُونَ مِنْ الشُّهَدَاءِ الأَبْرَارِ، كَيْفَ لا وَالذِّكْرُ خَيْرِ الأَعْمَالِ وَأَزْكَاهَا، وَأَرْفَعَهَا لِلدَّرَجَاتِ عِنْدَ مَوْلانَا الوَّهَّابُ حَسْبُ الذَّاكِرِ أَنْ تَحُفَّهُ الْمَلائِكَةُ، وَتَنْزِلُ عَلَيْهِ السَّكِينَةُ، وَتَغْشَاهُ الرَّحماتُ، وَمَنْ في الوُجُودِ مِثْلُ الذَّاكِرُ، وَهُوَ وَقْتُ ذِكْرِهِ للهِ بَارِي الكَائِنَاتِ، وَمَنْ مِثْلُهُ في الدُّنْيَا وَهُوَ بالذِّكْرِ في حِصْنٍ يَحْفَظَهُ مِنْ الشَّيْطَانِ وَوَسَاوِسَهِ الفَاتِنَاتِ، وَمَنْزِلَةُ الذَّاكر بَيْنَ الغَافِلِينَ كَمَنْزِلَةِ الْحَيّ بَيْنَ الْمَيِّتِينَ، ذِكْرُ الله يُنِيرُ القلبَ، وَيُوقِظَهُ وَيُحْييهِ وَيُزِيلُ رَانَهُ وَيَهْدِيهِ إِلى الْحَقِّ، قَالَ تَعَالَى: ? أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ?.
شِعْرًا:
مَا مَاتَ مَنْ يَتْلُوا الْقُرْآنَ دَوَامَهُ
(يَعْمَلْ بِمَا فِيهِ مِنْ الأَحْكَامِ
(آخر:
يَا لَيْتَ أَلْفُ لِسَانٍ أَسْتَعِينُ بِهَا
(عَلَى قِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَتَهْلِيلِ
(
بِسْمُ الله الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ
خَاتِمَةٌ، وَصِيَّةٌ، نَصِيحَةْ
اعْلَمْ وَفَّقَنَا اللهُ وَإِيَّاكَ وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ لِمَا يُحِبَّهُ الله وَيَرْضَاهُ أَنَّ مِمَّا يَجِبُ الاعْتِنَاءُ بِهِ حِفْظًا وَعَمَلاً كلام الله جَلَّ وَعَلا وَكَلام رسول الله ?.
وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ وَفَّقَهُ الله تعالى أَنْ يَحُثَّ أَوْلادَه عَلَى حِفْظ القُرآن وما تَيَسَّرَ مِن أَحَادِيث النَّبِيّ ? الْمُتَّفَق على صحَّتِها عنه كَالبُخَارِي وَمُسْلِم.
وَمِنْ الفقه مُخْتصرَ المقنِع لِيَيسَّرَ لَهُ اسْتِخْرَاجُ المسائل وَيَجْعَلُ لأَوْلادِهِ مَا يَحُثُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ.
فَمَثلاً يَجْعَلُ لِمَنْ يَحْفَظُ القُرآنَ على صَدْرِهِ حِفْظًا صَحِيحًا عَشَرَةَ آلافِ أَوْ أَزْيَد أَوْ أَقَلْ حَسَبَ حَالِهِ في الغِنَى.
ومِن الأحَادِيث عُقُودَ اللُؤلؤ والمرجَان فيما اتفق عَلَيْهِ الإِمَامَان البُخَارِي ومسلم، يَجْعَلُ لِمَنْ يَحْفَظٌ ذَلِكَ سِتَّة آلاف.
فَإِنْ عَجَزُوا عَنْ حِفْظِهَا فالعُمدة في الحديث يَجْعَلُ لِمَنْ حَفِظَها ثلاثة آلاف، أَوْ الأربعين النَّوَوِيَّةِ وَيَجْعَل لمن يَحْفَظْهَا أَلْفًا.
وَيَجْعَلُ لِمَنْ يَحْفَظُ مُخْتَصَرَ المقنع في الفقه أَلْفَيْن مِن الرَّيَالاتِ فالغَيْبُ سَبَبٌ لِحِفِظِ المسائل وَسَبَبٌ لِسُرعَةِ اسْتِخْرَاج ما أُرِيدَ مَن ذَلِكَ وَمَا أَشْكَلَ مَعْنَاه أَوْ يُدَخِّلُهُم في مَدَارِسِ تَحْفِيظِ القُرْآنِ فَمَدَارِسُ تَعْلِيمِ القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ هَيِ مَدَارِسُ التَّعْلِيم العَالي الْمُمْتَازِ البَاقِي النَّافِعِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ أَوْ يُدْخلهم في حَلَقَاتِ تَحْفِيظِ القُرْآن الكرِيم الموجودة في الْمَسَاجِد.
شِعْرًا:
وَلَمْ أَرَى لِلْخَلائقِ مِنْ مُرْبٍّ
(كَعِلْمٍ الشَّرْعِ يُؤخَذُ عَنْ ثِقَاتِ
(بِبَيْتِ اللهِ مَدْرَسَةِ الأَوَالِي
(لِمَنْ يَهْوَى الْعُلُومَ الرَّاقِيَاتِ
(
فَمَنْ وَفَّقَهُ الله لِذَلِكَ وَعَمِلَ أَوْلادُهُ بِذَلِكَ كَانَ سَبَبًا لِحُصُولِ الأَجْرِ مِنْ الله وَسَببًا لِبِرِّهِم بِهِ وَدُعَائِهِم لَهُ إِذَا ذَكَرُوا ذَلِكَ مِنْهُ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ سَببًا مُبَارَكًا يَعْملُ بِهِ أَوْلادُهُ مَعَ أولادهم فَيزيدُ الأَجْرُ لَهُ وَلَهم. نَسَأْل اللهُ أَنْ يُوَفِّق الْجَمِيع لِحُسْنِ النَّيَة.
(فَائِدَةٌ): وَاعْلَمْ أَنَّ الأَوْلادَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الذَّكَاءَ وَعُلوِّا الْهِمَّةِ فيُعْطَى كُلِّ وَاحِدٍ مَنْزِلَتَه، وَيَتَبَيَّنُ ذَلِكَ بِاخْتَياراتِهِ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ الصِّبْيَانَ يَجْتِمَعُونَ لِلَّعِبِ فَيَقُولُ عَالِي الْهِمَّةِ: مَنْ يَكُونُ مَعِي؟ وَيَقُولُ: قَاصِر الْهِمَّةِ: مَنْ أَنَا مَعَهْ؟
شِعْرًا:
الْعِلْمُ أَعْلَى وَأَحْلَى مَالَهُ اسْتَمَعَتْ
(أُذْنٌ وَأَعْرَبَ عَنْهُ نَاطِقٌ بِفَمِ
(الْعِلْمُ غَايَتُه القُصْوَى وَرُتْبَتُهُ
¥