1 - استعمل المحدثون مسمى (الحسن) لأغراض متعددة , وتنوعت معانيه التفصيلية عندهم ولكن كل تحسيناتهم لا تخرج عن أحد أمرين.
أ -تحسين احتجاجي: وهو استحسان الحديث لقوته ويدخل في ذلك الصحيح والحسن لذاته وحديث الراوي المختلف فيه , والحديث الذي فيه ضعف محتمل, والحديث الضعيف المعتضد بمثله.
ب -تحسين إعجابي: وهو استحسان الحديث لميزة فيه , ويدخل في ذلك: الحديث الغريب والحديث المتضمن فائدة في الإسناد أو المتن , والإسناد العالي , وحسن المتن.
2 - استعمل المحدثون الحسن في بواكير ظهوره كثيراً بمعنى الحسن الإعجابي , وكان هذا الاستعمال أسبق في الظهور من الحسن الاحتجاجي
3 - استعمل الحسن وأطلق على الحديث الصحيح عند الشافعي وابن المديني وأحمد بن حنبل والبخاري ويعقوب بن شيبة وغيرهم
4 - ظهر لي من دراستي لمصطلح الحسن عند الأئمة النقاد قبل الترمذي تنوع استعمالاتهم له , ويظهر لي من حيث العموم أنهم استعملوه بغرض عام ولم يكن لديهم تعريف محدد دقيق له , ويظهر لي أنهم كانوا يعنون به القبول العام, فهو أشبه ما يكون بمصطلح صالح عند أبي داود, إذ صرح أنه ينطوي تحته الصحيح وما يشبهه وما يقاربه وما ليس فيه ضعف شديد
5 - يعد الإمام الترمذي أقدم من عرف الحسن , كما أنه أكثر من استعماله جداً في أحكامه على أحاديث جامعه , فهو بحق أشهر من استعمله بكثرة من المتقدمين.
6 - ظهر لي بدراسة تحسينات الترمذي , أن تعريفه للحسن لا يفهم كما ينبغي إلا بعرضه على تطبيقاته العملية , وقد ظهر لي من جراء قيامي بذلك أن شرطه ألا يكون الراوي متهماً بالكذب يشمل الراوي المتروك , وبعض من وصفوا بكثرة الخطأ وليس كلهم.
ظهر لي أن الترمذي قد حسن أحاديث مع وجود مخالفة في متنها لما هو أقوى منها , وبالتأمل في منهجه في دفع التعارض بين الأحاديث، ترجح لي أنه – رحمه الله – لديه ميل للجمع ما دام ممكنا ولو كان فيه بعض البعد.
وظهر لي أيضاً أن مفهوم تعدد الطرق عنده يشمل تعددها عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعن الصحابي وعن التابعي , كما ترجح لي أنه شرط أغلبي وليس كلياً.
كما ظهر لي أنه أطلق "الحسن" مجرداً من أي ألفاظ أخرى على أحاديث لوجود اختلاف في رفعها ووقفها أو في وصلها وإرسالها.
7 - تبين لي من دراسة الأحاديث التي قال الترمذي فيها: (حسن) أن 75% لها شواهد قوية لذاتها , كما وجدته أطلق الحسن على أحاديث هي صحيحة عنده بل بعضها مدار سندها واحد ومع ذلك يحسن إسناد لأحد الرواة ويصحح آخر مع أن الحديث من حيث المتن ومدار السند واحد , فدلنا هذا التصرف منه –رحمه- الله على أنه يطلق الحسن على متون صحية عنده.
8 - لم يحسن الترمذي جملة من الأحاديث في جامعه مع صلاحيتها لذلك , وتطابق شروط الحسن فيها.
9 - تبين لي بعد دراسة أسانيد الأحاديث التي قال الترمذي فيها: (حسن غريب) عدم دقة قول بعض أفاضل العلماء من أنه يريد بهذه العبارة الحسن لذاته.
10 - ترجح لدي أن الترمذي يحكم على حديث متوسط الحفظ أو خفيف الضبط بالصحة حيناً وبالحسن حيناً وبالحسن مع الغرابة حيناً آخر
11 - يحتج الترمذي بغالب الأحاديث التي يطلق عليها (الحسن) إلا أن بعضها لا يكون حجة عنده , وبناء عليه فأرى أن الذهبي- رحمه الله – لم يحالفه الصواب حين قال: عند المحاققة فغالب تحسينات الترمذي ضعاف.
12 - ترجح لي أنه لا يوجد خلاف بين ما يقول فيه الترمذي (صحيح) و (حسن صحيح) , وأن معنى (حسن صحيح) يعني غالباً أن الحديث روي بإسناد حسن وبإسناد صحيح , ولو كان أحد الإسنادين لا يطابق من حيث ألفاظ متنه الإسناد الآخر وإنما يشهد له من حيث المعنى , وقد ناقشت قول الحافظ ابن حجر والدكتور نور الدين عتر أن (صحيح) أقوى من (حسن صحيح) عند الترمذي, وبينت بالأدلة عدم دقة ذلك.
13 - تتفق تعاريف العلماء للحديث الحسن لذاته على أنه يمثل منزلة وسطى فوق الضعيف ودون الصحيح , كما أنها تتفق على أن مما أوجب قصوره عن الصحيح وجود بعض الضعف فيه فهو بهذا الاعتبار أعلى مراتب الضعيف, وأنزل مراتب الصحيح.
¥